اغتيال السلطان شهاب الدين الغوري


  

بسم الله الرحمن الرحيم

1 شعبان 602هـ:

هو الملك الكبير، والسلطان الصالح، والقائد المحنك أبو المظفر شهاب الدين محمد بن سام الغوري سلطان غزنة وخراسان، وكان الغوريون في الأصل من الأتراك، دخلوا الإسلام على يد أعظم سلاطين الإسلام «محمود بن سبكتكين»، وأقرهم محمود على حكم بلادهم في جبال الغور [في أفغانستان الآن]، وقد ظل الحال على ما هو عليه حتى ضعفت الدولة السبكتكينية، نهض شهاب الدين الغوري وأخوه غياث الدين، واستولوا على مقاليد الأمور، وتصدوا لعدوان ملوك الهند الكفار الذين استطالوا بعد ضعف الدولة السبكتكينية.

كان للسلطان شهاب الدين الغوري وقائع مشهورة مع الهنود، وخاض معهم معارك طاحنة في غاية الشراسة، وتعرض للموت عدة مرات، وأصيب في معركة من الهنود سنة 596هـ إصابة خطيرة كادت تقضي عليه، فلما تعافى من الإصابة جمع جنوده وهجم على شمال الهند بمئة وعشرين ألف مقاتل، واصطدم مع الأمراء الراجابوتيين [أمراء شمال ووسط الهند]، وكانوا في ثلاثمائة ألف مقاتل وذلك سنة 597هـ، وانتصر انتصاراً عظيماً مثل بداية السلطان الحقيقي للإسلام في شمال الهند.

وانهارت به مكانة ومهابة أمراء الراجابوتيين، وأرسل شهاب الدين كبار قواده ففتحوا غرب الهند وشرقه، وانحاز الهندوس إلى جنوب الهند في الصحراء.

كان شهاب الدين الغوري رغم ملكه الواسع موالياً للخلافة العباسية، يأتمر بأمرها، ويدعو لخليفتها على منابره، وكان شهاب الدين ناصحاً للإسلام وأهله، يكره البدع وأهلها والمفسدين، له عناية شديدة باستئصال الباطنية والزنادقة، وكان مدركاً أنهم سبب ضعف الأمة الإسلامية، وأساس كل بلية وفساد بالأمة، فرفع السوط، ووضع السيف في قرى وقلاع الباطنية خاصة الشيعة الإسماعيلية، وتتبع كفار الترك الذين أفسدوا في الأرض، وآذوا المسلمين، وقد تآمر عليه الملحدون والباطنيون فاندست مجموعة منهم في صفوف جيشه وهو خارج لقتال قبائل «القراخطاي» وهم من الصينيين، وفي يوم 1 شعبان سنة 602هـ وشهاب الدين يصلي في خيمته وحده قيام الليل دخلت عليه مجموعة المجرمين وقتلوه طعناً بالسكاكين، فاستشهد - رحمه الله - على مصلاه وهو خارج للجهاد في سبيل الله.

كان شهاب الدين - رحمه الله - شجاعاً مقداماً، كثير الغزو إلى بلاد الهند، عادلاً في رعيته، حسن السيرة، يحكم بالشرع المطهر ولا يجاوزه، وكان هو على مذهب الشافعي، وإليه يرجع الفضل بعد الله - عز وجل - في إقامة أول دولة ثابتة قائمة للإسلام بالهند، والجدير بالذكر أن دولة باكستان قد أطلقت اسم «الغوري» على أول صاروخ نووي لها تكريماً لذكرى هذا البطل العظيم.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply