وفاة الإمام الطرطوشي - معاهدة إستانبول


 

بسم الله الرحمن الرحيم

حدث في مثل هذا اليوم: 26 جمادى الأولى

 

وفاة الإمام الطرطوشي[1]

26 جمادى الأولى 520هـ ـ 25يونية 1126م

هو الإمام الكبير، قاضي الأندلس والإسكندرية أبو بكر محمد بن الوليد بن خلف بن سليمان بن أيوب الفهري الأندلسي الطرطوشي، وُلد سنة 451هـ بمدينة طرطوشة في شمال الأندلس، نشأ على طلب العلم فحفظ القرآن صغيرًا وقرأ المدونة وتفقه على يد كبير علماء المالكية بالأندلس أبي الوليد الباجي، وأخذ ينهل من علوم الأندلس، ثم خرج لطلب العلم في المشرق وذلك منذ سنة 478هـ فدخل العراق والشام والحجاز ثم استقر بالإسكندرية ولم يرجع إلى الأندلس.

 

كان الطرطوشي من العلماء العاملين السابقين لزمانهم، وويل لمن سبق عقله زمانه، فكم عانى من المتعصبين والجامدين والمتفقهة بلا علم ولا ورع، تمامًا مثلما عانى ابن تيمية وابن القيم والشوكاني والصنعاني، فلقد استقر الطرطوشي بالإسكندرية على الرغم من وقوع مصر وقتها تحت حكم الدولة الفاطمية العبيدية الخبيثة، لأنه قد وجدها خالية من العلماء قفرًا ممن يفتي الناس بالحق، وذلك بعد أن قتل ظلمة العبيديين الأئمة والعلماء والفقهاء فيها، فاستقر بها حسبة لله ولتعليم المسلمين بها.

 

وبجانب علمه الغزير وإمامته في الدين، كان الطرطوشي إمامًا في الزهد والورع والعبادة، ينفق كل ماله فلا يدخر شيئًا، حتى أنه لم أمره الطاغية أمير الجيوش بنفيه إلى القاهرة لم يكن عنده متاع سوى أقلامه فقط، وقد جعل داره مدرسة لطلاب العلم الشرعي، ينفق عليهم ويعلمهم، وكان يتريض بهم كل خميس للترويح عن نفوسهم، وقد بلغ تعداد تلاميذه في مدرسته 360 طالبًا.

 

كان للطرطوشي كرمات ربانية تدل على صلاح حاله وإمامته في الناس، فقد حاول الوزير الأفضل أن يؤذيه ونفاه إلى القاهرة وحدد إقامته في مسجد صغير فدعا عليه الطرطوشي فأصبح ميتًا وولي مكانه «المأمون البطائحي» وكان شديد الاحترام والحب للطرطوشي، وهو الذي ألف الطرطوشي له رسالته الشهيرة «سراج الملوك» في واجبات الحاكم والمحكوم الشرعية.

 

للطرطوشي رد شهير على كتاب إحياء علوم الدين للغزالي، تتبع فيه السقطات والبدع الموجودة في الكتاب، ولو قدر لهذا الرد أن ينتشر لما ذاع صيت الإحياء أبدًا، وقد كان الطرطوشي شديدًا على البدع والمبتدعين، وعلى الرغم من أن دولة الفاطميين مليئة بالبدع والكفريات، إلا أنه لم يداهن أو ينافق أو حتى يقبل عطاءً منهم أبدًا، وقد توفي - رحمه الله - في 26 جمادى الأولى 520هـ ودفن بالإسكندرية.

 

معاهدة إستانبول[2]

26 جمادى الأولى 998هـ ـ 21 مارس 1590م

كانت الدولة الصفوية في إيران على خلاف دائم مع الدولة العثمانية، وذلك بسبب اختلاف المذاهب، فالدولة الصفوية دولة شيعية جعفرية تكره أهل السنة بشدة وتعاديهم عداوة تاريخية قديمة ربما تفوق عداوة اليهود والنصارى، لذلك فمنذ ظهور هذه الدولة الشيعية سنة 907هـ، وهي في قتال مستمر ضد الدولة العثمانية، بل كان زعماء الصفويين لا يتوانون أبدًا عن محالفة أعداء العثمانيين من البرتغاليين والأسبان والإنجليز ضد العثمانيين.

ولم تكن الدولة العثمانية بالغافلة أو المترددة حيال التهديدات الصفوية، بل كان لسلاطين الدولة العثمانية عناية خاصة بقتال الصفويين، باعتبارهم خطرًا قريبًا مجاورًا على حدود دولتهم، باعتبار الدولة العثمانية زعيمة العالم الإسلامي السني وحاميته، وكان العثمانيون كلما أحسوا بأن الأوضاع مضطربة داخل الدولة الصفوية والظروف مهيأة للهجوم هجموا عليها.

بعد وفاة الشاه «طهماسب بن إسماعيل الصفوي» سنة 984هـ، وقع خلاف شديد بين أولاده الأربعة حيدر، إسماعيل، محمد، عباس، واضطربت الأوضاع داخل الدولة وقتل إسماعيل، ثم محمد، وانفرد عباس الكبير بالحكم، فاستغل العثمانيون الفرصة وهجموا على الصفويين، واحتلوا عاصمتهم تبريز وعاصمة الكرج «جورجيا الآن» تفليس، وبلاد الداغستان، وحاول الصفويون وقف تقدمهم ولكنهم فشلوا.

مما زاد الطينة بلة عند الصفويين أن القبائل الأوزبكية وهي قبائل سنية هجمت على الدولة الصفوية من ناحية الشرق، ووجد شاه الصفويين عباس الكبير نفسه بين العثمانيين في الغرب، والأوزبك في الشرق، فوقع معاهدة إستانبول في 26 جمادى الأولى سنة 998هـ ـ 21 مارس 1590م مع الدولة العثمانية أيام السلطان مراد الثالث، بموجبها تنازل فيها الصفويون عن تبريز والداغستان ولورشتان وشروان [جنوب وشمال أذربيجان] وأيضًا يكف الصفويون عن سب الصحابة في بلادهم خاصة أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما -.

 

----------------------------------------

[1]راجع ما يلي: سير أعلام النبلاء، الديباج المذهب، نفح الطيب، وفيات الأعيان، الحلة السيراء، الصلة لابن بشكوال.

[[2]] راجع ما يلي: تاريخ الدولة العثمانية، تاريخ الدولة الصفوية، التاريخ الإسلامي ج8، عوامل نهوض وسقوط العثمانيين.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply