نتحدث عن مشكلة الخوف وهي من المشاكل الشائعة عند الأطفال، بخاصة في هذه الفترة التي يمر بها وطننا العربي، ونتيجة للمشاهد التي يراها الطفل بشكل يومي على التلفاز، وما يراه ويسمعه من أخبار عن إصابات الأطفال وتعرضهم للموت، ولأهمية هذه المشكلة ارتأينا أن نخصص لها عددين.
المشكلة:
أنا أم لطفل في الصف الثاني الابتدائي، شاهد في التلفاز برنامجاً مخيفاً ولم يستطع النوم في ذلك اليوم، وطلب مني النوم بجانبه ورغم ذلك لم ينم، وأنا ألاحظ منذ صغره أنه يخاف أكثر من أخته، ويفضل النوم بوجود ضوء، ويقلق عند خروجي من المنزل ساعة نومه، كيف أساعده على التخلص من خوفه.
مشكلة الخوف:
انفعال غير سار، ينتج عن الإحساس بوجود خطر أو توقع حدوثه، وهو رد فعل طبيعي إزاء المثيرات المهددة للطفل، بهدف الحفاظ على البقاء.
معظم الدراسات أظهرت أنه لا توجد فروق في الخوف بين الأولاد والبنات،.وأن حوالي نصف الأطفال على الأقل تظهر لديهم مخاوف مشتركة من الكلاب والظلام والرعد والشخصيات الخيالية المخيفة، وحوالي 10 / منهم يعانون خوفاً شديداً من شيئين أو أكثر، والمخاوف الأكثر شيوعاً لدى الأطفال من الأعمار بين 2-6 سنوات، حيث تغلب المخاوف في العمر بين 2-4 سنوات من الحيوانات والعواصف والظلام والغرباء، وفي عمر 4-6 سنوات تسيطر المخاوف المتخيلة مثل الأشباح والوحوش، وتبلغ ذروتها في عمر 6 سنوات، وتختفي في عمر 10 سنوات.
مقدمة:
تؤكد معظم نظريات التعلم أن الخوف يعتمد بصورة أساسية على التعلم، وأنه شعور داخلي وانفعال سلوكي يتعلمه الطفل نتيجة تعرضه لمؤثرات البيئة والجو المحيط، وترفض هذه النظريات فكرة أن بذور الخوف وراثية، وتجد أن الطفل يولد متجرداً من الخوف.وإحساس الخوف قد ينبعث من داخل الطفل وقد يكون من الخارج، وتعدّ مخاوف الأطفال نتاجاً مباشراً للأحداث المرعبة من حولهم، مثل التعرض للعض من قبل القطط والكلاب، أو الصدم من قبل سيارة.
وقد ينبع الخوف من خياله، ثم يتعامل مع هذه المشاعر بشكل جدي وواقعي وكأنها حقيقية، كما أن الأطفال يعتادون على النظام اليومي مثل الاستيقاظ في الصباح والذهاب للمدرسة واللعب مع أصدقائه... وكسر هذا النظام بالتعرض للصدمات أو الحروب أو الحوادث، يخيفهم، ويشعرهم بالقلق فيحتاجوا إلى مساعدة الكبار حتى يتخلصوا من الخوف.
يساعد الخوف في مواجهة الخطر وتفاديه، فنحن مثلاً نريد للأطفال أن يخافوا من السيارات بحيث يصبحوا حذرين.
مظاهر الخوف:
للخوف مظاهر عديدة قد تظهر جميعها أو بعضها لدى الأطفال من هذه المظاهر:
قوة خفقان القلب وسرعته.
ظهور العرق على الجسم.
صعوبة التنفس.
شحوب الوجه.
الشعور بالدوخة.
برودة الأطراف والشعور بالقشعريرة.
جفاف الفم والحَنجرة.
الصراخ أو البكاء.
التجنب أو الهروب.
التعبير عن عدم الارتياح والاضطراب والفزع.
أنواع الخوف:
مخاوف شائعة: الخوف من الأصوات المرتفعة، الحيوانات، المرتفعات، وسائل النقل، الوحوش، عيادة الطبيب.
مخاوف اجتماعية: الخوف من الغرباء، الخوف من النقد، حالات الغضب التي تنتاب الكبار وأصواتهم المرتفعة، المشاجرات أو الخلافات العائلية.
مخاوف من الحوادث الطبيعية: الخوف من الرعد، المطر، البرق، الموت، الظلام، العواصف.
الخوف من الإصابات الكبيرة والجراح: الخوف من العمليات الجراحية، الحرب، الاختطاف، الحريق.
الأسباب:
التعلم بالملاحظة:
يكتسب الأطفال مخاوفهم من خلال ملاحظتهم للمربين وبخاصة الوالدين.
مثال: عندما يخاف الوالدان من حيوان فإن الطفل يقلد ما يراه فيخاف مما يخاف منه الكبار.
التنشئة الاجتماعية الأسرية غير السليمة:
النقد والتوبيخ وكثرة المطالب وكذلك النظم الزائدة المفروضة على الطفل، والمشكلة الأكبر أن يتعرض الطفل لأكثر من نوع من القوانين، والتي تؤدي إلى شعوره بالعجز وعدم الثقة بالنفس والخوف من الوقوع في الخطأ.
الصدمات:
تعرض الطفل لمواقف أو صدمات تؤدي إلى التوتر النفسي لديه، ما يؤدي إلى خوف لا ينتهي في لحظته، فيشعر الطفل بالعجز وأنه غير مهيأ للتعامل مع الحادث.
مثال: الخوف من الكلاب عند تعرض الطفل للعض، هنا يقوم الطفل بتعميم الخوف على جميع الحيوانات الأخرى.
مشاهدة التلفاز أو قراءة الكتب:
عندما يشاهد الطفل برامج مخيفة أو يشاهد صورا ومشاهد مخيفة، أو يقرأ كتبا تتضمن صورا وأحداثا مخيفة، يظهر عليه الخوف وبخاصة عند النوم.
أظهرت الكثير من الدراسات أن الأطفال الذين يشاهدون على التلفاز برامج مخيفة، ممن هم في عمر(7-11) سنة أكثر خوفاً من الأطفال من نفس الفئة العمرية، الذين لا يشاهدون تلك البرامج.
تخويف الطفل:
قد يلجأ المربي إلى تخويف الطفل لإقناعه بالقيام بعمل ما، أو التوقف عن عمل ما، مثال: إذا لم تؤد واجباتك سأرسلك إلى صف الأصغر عمراً.
وقد يلجأ المربي إلى الكذب على الطفل، لإلزامه بعمل، مثال إذا أرادت الأم من الطفل أن لا يلمس التحف قد تقول له: إذا لعبت بهذه الأشياء سيخرج منها شيء يعضك.
السخرية من خوف الطفل أو قمع انفعاله:
قد تكون ردة فعل المربي على خوف الطفل السخرية والاستهزاء منه، أو معاقبته عندما يخاف، وقد يؤدي ذلك بإخوته أو زملائه باتخاذ مخاوفه وسيلة للاستمتاع.
مثال: إجبار الطفل على البقاء في غرفة مظلمة، إذا كان يخاف من الظلام، أو نهره عندما يخاف بتعليق مثل هذا شيء سخيف كيف يخيفك؟
وفي كلتا الحالتين، لا يتمكن الطفل من التعبير عن مخاوفه للمربي، وبالتالي يزداد خوفه.
الخوف المتخيل:
قد ينبع الخوف عند الطفل من خياله، فيتعامل معه بشكل واقعيّ وجديّ وكأنه حقيقة.
عدم توفر المعلومات:
نقص المعرفة لدى الطفل حول موضوع يشاهده أو يتعرض له، يؤدي به إلى الخوف، مثال الخوف من الجنائز والموت.
التغيير في البيئة:
عند تعرض الطفل لتغيير في بيئته، يتسبب ذلك بالضغط النفسي عليه، ويسبب له الخوف، مثال: الانتقال إلى منزل جديد أو مدرسة جديدة.
التأثير على الآخرين:
قد يستخدم الطفل الخوف وسيلة لجذب اهتمام الكبار، فيقوم الكبار بغضّ الطرف عن سلوك الطفل الخاطئ، مما يعزز انفعال الخوف في المستقبل.
اضطراب الجوّ العائلي:
عند حدوث المنازعات المستمرة بين الأبوين أو بين أفراد العائلة، يفقد بعض الأطفال الشعور بالأمن والاستقرار، ويشعرون بالخوف الشديد إزاء تلك المواقف.
الضعف النفسي أو الجسدي:
عندما يكون الأطفال متعبين أو مرضى يكونون في الغالب أكثر استعداداً لتطوير المخاوف، وتؤدي حالة الضعف إلى الشعور بالعجز، وضعف القدرة على التعامل مع المشاعر والأفكار المسببة للخوف.
تدني تقدير الذات:
يشعر هذا الطفل بالعجز والعزلة، وعدم القدرة على مواجهة مواقف الخوف، ويسهم الآباء المتساهلون في تعزيز ذلك السلوك نتيجة تلبيتهم لمطالبه، ولا يساعدونه على تطوير الشعور بالجدارة الناتجة عن التزامه بالقوانين التي يضعونها.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد