هكذا علمنا السلف ( 103 )


 

بسم الله الرحمن الرحيم

محنة الفراغ والغفلة:

((ويجتمع هذا الكلام الحق ليقرر أن محنة الداعية المسلم لا تكمن في معارضة الكفر له، ولا في سجنه، وتعذيبه وتجويعه بقدر ما تكمن في استرخاء همته والتذاذه بالرحة، ما محنة الداعية إلا لهوه وغفلته وجلوسه فارغاً، وربما زاد فينفتح له باب من اللغو بعد اللهو.

تلك هي المحنة الحقيقة التي تفتعلها الجاهلية للدعاة بما تعرض للناس من مغريات وأسباب لهو تلفت أنظارهم إليها)) (1)

وإنما هي أرداء ساعات اليوم:

(5) وما تجاوز الأستاذ المودودي - رحمه الله - أعراف أجيال الدعوة حين صارحنا في تذكرته القيمة وقال: ((إنه من الواجب أن تكون في قلوبكم نار متقدة تكون في ضرامها على الأقل مثل النار التي تتقد في قلب أحدكم عندما يجد ابناً له مريضاً ولا تدعه حتى تجره إلى الطبيب، أو عندما لا يجد في بيته شيئاً يسد به رمق حياة أولاده، ولا تزال تقلقه وتضطره إلى بذل الجهد والسعي.

 

إنه من الواجب أن تكون في صدوركم عاطفة صادقة تشغلكم في كل حين من أحيانكم بالسعي في سبيل غايتكم وتعمر قلوبكم بالطمأنينة، وتكسب لعقولكم الإخلاص والتجرد والحنيفية وتركز عليها جهودكم وأفكاركم بحيث أن شؤونكم الشخصية وقضاياكم العائلية إذا استرعت اهتمامكم فلا تلتفتون إليها إلا مكرهين وعليكم بالسعي أن لا تنفقوا لمصالحكم وشؤونكم الشخصية إلا أقل ما يمكن من أوقاتكم وجهودكم، فتكون معظمها منصرفة لما اتخذتم لأنفسكم من الغاية في الحياة وهذه العاطفة مالم تكن راسخة في أذهانكم ملتحمة مع أرواحكم ودمائكم آخذة عليكم ألبابكم وأفكاركم، فإنكم لا تقدرون أن تحركوا ساكناً بمجرد أقوالكم)) (2)

 

المرء على دين خليله:

قال الحسن البصري سيد التابعين: ((إن لك من خليلك نصيباً، وأن لك نصيباً من ذكر من أحببت، فتنقوا الأخوان والأصحاب والمجالس)) (3)

 

أنت في الناس تقاس  بالذي اخترت خليلا

فاصحب الأخيار تعلو  وتنل ذكراً جميلاً (4)

 

عظم شأن الإخوان حيث قرنوا بالصلاة:

قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: ((لولا أن أسير في سبيل الله، أو أضع جبيني لله في التراب أو أجالس قوماً يلتقطون طيب القول كما يلتقط طيب الثمر، لأحببت أن أكون لحقت بالله)) (5)

قال الحسن البصري: ((إخواننا أحب إلينا من أهلينا وأولادنا، لأن أهلنا يذكروننا بالدنيا وإخواننا يذكروننا بالآخرة)) (6)

 

اختيار الجليس:

قال علي بن الحسين بن علي - رضي الله عنهم -: ((إنما يجلس الرجل إلى من ينفعه في دينه)) (7)

 

كلنا ذو عيب:

قال الفضيل بن عياض: ((من طلب أخاً بلا عيب صار بلا أخ)) (8)

إذا ما بدت من صاحب لك زلة  فكن انت محتال لزلته عذرا

 

أحب الفتى ينفي الفواحش سمعه  كأن به عن كل فاحشة وقرا

سليم دواعي الصدر لا باسط اذى  ولا مانع خيراً، ولا قائل هجرا

 

ميزان محبة الإخوان وجفائهم:

قال بكر بن عبد الله المزني: ((إذا وجدت من إخوانك جفاء فذلك لذنب أحدثته، فتب إلا الله - تعالى -، وإذا وجدت منهم زيادة محبة فذلك لطاعة أحدثتها فاشكر الله - تعالى -)) (9)

 

----------------------------------------

(1) الرقائق / 54.

(2) تذكرة دعاة الإسلام 57 ـ 59.

(3) كتاب الزهد لا بن المبارك 232..

(4) نفح الطيب للمقري 8 / 67..

(5) الزهد لا بن المبارك 461. 74.

(6) إحياء علوم الدين 2 / 176.

(7) تهذيب التهذيب 3 / 396.

(8) الرقائق / 79.

(9) الرقائق / 80.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply