ومن شمائله - صلى الله عليه وسلم - التي يحتاجها كل معلم
ثالثا: التواضع.
ينبغي على المعلم أن يتواضع لطلابه، فيرعي حال ضعيفهم، وقد يخصه بمزيد بيان وشرح ووقت، قال أبو رفاعة انتهيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يخطب قال، فقلت: يا رسول الله: رجل غريب جاء يسأل عن دينه لا يدري ما دينه، قال \" فأقبل عليّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وترك خطبته حتى انتهى إلي، فأتي بكرسي حسبت قوائمه حديداً، قال: فقعد عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وجعل يعلمني مما علمه الله، ثم أتى خطبته، فأتم آخرها \" [رواه مسلم برقم 876 من حديث أبي رفاعة] وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال \" إن امرأة كان في عقلها شيء، فقالت: يا رسول الله إن لي إليك حاجة، فقال: يا أم فلان انظري أي السكك شئت حتى أقضي لك حاجتك \" بل كان يرضى - صلى الله عليه وسلم - من ضعيفهم ما لا يرضى من قويهم، ولما وفد عليه ضمام بن ثعلبة دعاه وذكر له فرائض الإسلام فقال ضمام \" والله لا أزيد على هذا ولا أنقص \" فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - \" أفلح إن صدق \" [رواه البخاري برقم 46 من حديث طلحة بن عبد الله]
رابعا: الإجابة عما يترجح عنده جهل طلابه به.
وذلك بذلاً منه للعلم عند أهله، وقد يجيب عما يراه يجيش في صدورهم من المسائل وإن لم ينطقوا به \"سأل رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - \" هو الطهور ماؤه الحل ميتته \" [رواه البخاري برقم 69 من حديث أبي هرير] وسأله رجل ما يلبس المحرم؟ فقال \" لا يلبس القميص ولا العمامة ولا السراويل ولا ثوباً مسّه الورس أو الزعفران، فإن لم يجد النعلين فليلبس الخفين، وليقطعهما حتى يكونا تحت الكعبين \" [رواه البخاري برقم 134 من حديث ابن عمر، ومسلم برقم 1177] وقال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله أخبرنا عن سبأ ما هو، أرض أم امرأة؟ فقال \" ليس بأرض ولا امرأة، ولكنه رجل ولد عشرة من العرب فتيامن ستة، وتشاءم أربعة \" [رواه أبو داود برقم 3988] وقال يوماً لأصحابه \" يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته \" [رواه البخاري برقم 3276 من حديث أبي هريرة، ومسلم برقم 134].
خامسا: التريث في الإجابة عن السؤال، وترك القول بلا علم.
وكما قال الله \" ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كان عنه مسؤولاً \" وسأل جابر بن عبد الله يوما فقال يا رسول الله كيف أصنع في مالي؟ كيف أقضي في مالي؟ فلم يجبني بشيء حتى نزلت آية المواريث \" [رواه البخاري برقم 6723 من حديث جابر، ونحوه في مسلم برقم 1616].
رابعاً: من معالم في تربية النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه
كيفية التعامل مع المخطئين والمقصرين.
ولما كان القصور والخطأ والجهل أمراً معهوداً في الأبناء والطلاب فإننا نتساءل كيف تعامل النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أمثال هذه الحالات، وفي هذه الأمثلة نقرأ الإجابة وتستلهم المنهج، تقول عائشة رضي الله عنه \" ما ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئاً قط بيده، ولا امرأة ولا خادماً إلا أن يجاهد في سبيل الله \" [رواه مسلم برقم 2328 من حديث عائشة - رضي الله عنها -] ولما تخلف كعب بن مالك عن الجهاد في تبوك، ورجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من غزوه جاءه كعب فيقول \" فجئته فلما سلمت عليه تبسم تبسم المغضب \" [رواه البخاري برقم 4156 من حديث كعب بن مالك] وبينما هو في المسجد دخل أعرابي فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مه مه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - \" لا تزرموه، دعوه، فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعاه فقال له: إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله - عز وجل - والصلاة وقراءة القرآن.. \" وفي رواية للترمذي أنه قال لأصحابه \" إنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين \" [رواه الترمذي برقم 147] وما حصل للشاب الذي جاء يستأذن رسول الله بالزنا فزجره الصحابة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - \" ادنه فدنا منه قريباً، قال: فجلس قال: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونهم لأمهاتهم، قال: أفتحبه لابنتك؟... اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه \" [رواه أحمد برقم 21708 من حديث أبي أمامة] وهجر رسول الله كعب بن مالك في تخلفه عن تبوك، وأمر أصحابه أن لا يكلموه [ذكره البخاري في صحيحه برقم 4156 من حديث كعب بن مالك] وكان عنده رجل به أثر صفرة قال: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يكاد يواجه أحداً بشيء يكرهه، فلما قام قال للقوم \" لو قلتم له: يدع هذه الصفرة \" [رواه الترمذي في الشمائل برقم 297 من حديث أنس] وأقر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التأديب بالضرب كما في قصة أبي بكر مع غلامه وقد أضاع بعيره قال: فطفق يضربه، ورسول الله يتبسم ويقول \" انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع \" [رواه أبو داود برقم 1818 من حديث أسماء]
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد