بسم الله الرحمن الرحيم
ليس من الضرورة أن يكون لك رأي أو موقف من كل شيء سّيما إذا تعذر التمحيص والتبست عناصر الحدث. كما ليس بالضرورة أن كل حياد خاصة إن أصبح طبعا غالبا - هو من الورع النبيل و الزهد الجميل.
إن أحد أهم (اللوثات) التي استشرت في قطاعات عديدة هي الاعتقاد (المقدس) في التمسك بالحياد في القضايا والمواقف أو ما يسمى بالتجرد المعرفي في دنيا الفكر.. الذي يصل أحيانا لحالة من الانسلاخ العاطفي من القيم والمنهج وراء إظهار النزاهة المزيفة بزعم استحالة الجمع بين الموضوعية و الانحياز الصادق لدين الله.
الهالة التي تحيط (بالحياد) تتسع أكثر حينما ترتبط بالنصوص الواردة في العدل والقسط.. وأكثر فأكثر حينما تدعّم بما ورد في شأن الاعتزال في الفتن من آثار وسير.
إننا يجب أن نتنبه إلى:
• أن الحياد قد يكون موقفا في حد ذاته وليس احتياطا أو خروجا من الخلاف لأن الصمت وقت الحاجة للبيان هو جواب وليس صمتا.
• أن فيه أحيانا كتم للحق الذي اخذ الله ميثاق أهل العلم ليُبيّنُنّه للناس ولا يكتمونه وحتى حين يطغى على قضية التنازع والتضارب في الحجج والبراهين فهو أيضاً- من الحق الذي يلزم أهل العلم بيانه كما هو.
• أن الحياد مركب سهل مريح يستوي فيه الجهل والعلم والشك ويفترض أن يكون في حل من أي توابع أو استحقاقات أو لوازم تقتضيها المواقف والآراء الحاسمة... ربما جاز للعامة القول أن (السلامة لا يعدلها شيء) أو (الحياد أقصر الطرق للنجاة) ولكن الأخذ بالرخصة في (الصمت) ليس من شيم العلماء المجدّدين وله دور خطير في تخبط الأمة وزيادة حيرتها.
• ليس هناك تلازم بين بيان الحق للناس وتنفيذه إذ بينهما مسافة من المشروعية و الشروط و الضوابط كما في خبر بناء مكة على قواعد إبراهيم وفي الامتناع عن قتل المنافقين.
• أنه قد جرت وقائع التاريخ أن العلماء الذين لهم على الأمة الأثر البالغ والفضل العميم هم الذين تصدوا لأزمات الأمة الكبيرة وانبروا لقضاياها الشائكة التي سكت عنها جمهور غفير.. لقد كتب الإمام أحمد في حزم واضح كتاب (الأشربة) حين أرتفع صوت بعض علماء الكوفة في حل النبيذ وكتب كتاب (الإيمان) و(الرد على الجهمية) حين أصبح قول (الجهمية) دستوراً تتبناه الدولة وتستقطب له العلماء والعامة.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد
التعليقات ( 1 )
الحياد السلبي
-حسن البحر
20:01:38 2018-01-22