بسم الله الرحمن الرحيم
الداعية إلى الله غير معصوم.. إنما المنزه عن الخطأ هو الله وأنبياؤه.. لكن أخطاء الدعاة ليست كأخطاء سائر الناس.. فزلة عالِم.. زلة عالَم.. وخطأ الداعية هو خطأ لكل من يقتدى به، وكل من يتخذه أسوة.. نعم، هو غير معصوم.. ولكنه تُعدٌّ عليه الأخطاء.. لأنه صاحب مسئولية.. وصاحب أمانة.. وعليه أن يكون ذا فطنة.. واحتراس.. مترصد لكل لفظ من ألفاظه أو حركة من حركاته التي تصدر عنه، فإنما ينظر المدعوون إليه كما ينظر الطير إلى الحب..
فمن أخطاء الدعاة ثلاثة أخطاء..
إحداها هو الاستعجال في الحكم على الأشياء والأشخاص والهيئات.. فسرعان ما تصدر الأحكام بصلاح فلان.. وفسق علان.. أو صدق انتماء فلان.. وخيانة علان.. وسرعان ما تصدر الأحكام المتهورة على الهيئات بصلاحها أو فسادها.. بإخلاصها أو بعمالتها للظلم والطاغوت.. وأحكام على الجماعة الفلانية بالتزكية وألفاظ المديح.. وعلى العكس كذلك بتحديد موقف معاد بسبب تصريح صدر عنها.. أو بسبب تأويلات سطحية أخذت عليها.. أو ربما لسلوك حصل على غير هوانا..
أما الخطأ الثاني فهو التساهل في إصدار الأحكام.. فإن أخف ما يحمل اللسان في هذا الزمان العصيب هو عبارات التحليل والتحريم.
فما أسهل إصدار كلمة (حلال) بدون بينة.. وإن أسهل منه الحكم على ما لا يروق لنا بعبارات (التحريم).. فيصبح المكروه حرامًا.. والمباح حرامًا.. والعرف حرامًا.. والعادة التي ليست على هوانا حرامًا..
ما هي إلا كلمات غير مسئولة.. ما تصدر إلا في لحظة انتصار لموقف.. أو رأى.. أو استمرار لخطأ.. أو حتى لا نتهم بجهلنا بالأحكام.. أو بالعجز عن الإجابة.
أما الخطأ الثالث: فهو عدم الرجوع عن الخطأ.. حيث تحين اللحظة التي يقدر الله للدعاة أن يتبصروا بعيوبهم.. ويعرفوا أخطاءهم.. ولكن أنى لمن اتبع هواه أن يرجع عن خطأ؟
فإن رجوعه لمنقصة في قدره.. واستهتار بفقهه.. أو بنظرته الصائبة للأمور.. فيصر على الخطأ بعد كل الأدلة البينةº لأنه ما تعود التراجع.. وما حمل خلق الشجاعة لكي يواجه حتى نفسه في أخطائها.. وما اعتاد أن يكون هناك من هو أفقه منه.. ومن قد يدرك خبايا الأمور مثله.. حتى وإن كان في أمر الحلال والحرام.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد