مما يمدح به بعض الرجال أنه حين مضى لم يُسَدَّ الفراغ الذي تركه، ولم يجد الناس من يخلفه، وتكثر هذه الحالة حين يحل بعض طلبة العلم أو الدعاة في بلدة مقفرة، فيعمرها بالدعوة والعلم، والأغلب أن بقاءه فيها إلى أمد.
وترك الفراغ يدل بلاشك على قدرة وعطاء متميز، فالناس ألف منهم كواحد.
ولكن مع الإيمان بتفاوت قدرات الناس وطاقاتهم ألا يمكن أن نخفف من أثر فقد هؤلاء العاملين؟
إن اتساع الهوة التي يتركها من يذهب قد تكون نتيجة للفارق الكبير في القدرة والعطاء بينه وبين من بعده، وقد تكون نتيجة لطبيعة الأسلوب الإداري الذي يمارسه، لذا فثمة وسائل يمكن أن تقلل من أثر هذا الأمر:
1 – أن يعتني بالطلاب، ويربي طائفة منهم ويعلمهم، حتى يتهيئوا لسد مكانه، وأن يحذر من أن يستهلك ممارسة العمل جهده فلا يبقى للتعليم والتربية نصيب من ذلك.
وقد كان للسلف اعتناء بإعداد التلاميذ، قال ابن جماعة: »واعلم أن الطالب الصالح أعود على العالم بخير الدنيا والآخرة من أعز الناس عليه، وأقرب أهله إليه، ولذلك كان علماء السلف الناصحون لله ودينه يلقون شبك الاجتهاد، لصيد طالب ينتفع الناس به في حياتهم، ومن بعدهم، ولو لم يكن للعالم إلا طالب واحد ينتفع الناس بعلمه وهديه وإرشاده لكفاه ذلك الطالب عند الله تعالى فإنه لا يتصل شيء من علمه إلى أحد فينتفع به إلا كان له نصيب من الأجر ([1][1][1]).
2- أن يمارس أسلوب العمل الجماعي، ويعود العاملين معه عليهº فقد يصعب أن يوجد بعده مثله، لكن حين يدار العمل بطريقة جماعية سيكون أكثر نضجاً، ومالم يترب العاملون معه على ممارسة العمل الجماعي فلن يجيدوه بعده.
3 – توزيع المسؤوليات والتفويض، فبعض الناس لفرط حرصه على العمل يربط كل صغيرة وكبيرة به شخصياً، فقد تسير الأمور حال بقائه، لكنه حين ينصرف سرعان ماينفرط عقدها.
4 - الاعتناء بالصف الثاني من العاملين، والتفكير باستمرار فيمن يخلفه من بعده، وتهيئة المجال له.
5 - الاعتناء برفع مستوى العاملين، وأن تكون الأعمال الدعوية ميداناً لتدريب الطاقات والرفع من كفاءتها.
6 - تدوين التجارب والإجراءات، فقد لايوجد بعده من يستوعب التجربة كاملة، أو يرتبط إنجاز بعض المهام والأعمال بإجراءات محددة، فتدوين ذلك وتنظيمه يسهل المهمة على من بعده.
7- ومما يعين على ذلك ألا يعجل قدر الإمكان بالانتقال إلى بلده، وأن يحتسب بقاءه في سبيل الله عز وجل، والدعوة تستحق منا أكثر من ذلك.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد