إذا فرغت يا نفس فانصبي في حياتك قبل مماتك

930
4 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين و صلى الله و سلّم على أشرف الأنبياء و المرسلين سيدنا و نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين.

إذا فرغت يا نفس فـَـانــصـَبـي ***فــي حـيـــاتـك قـبـل مـمـاتـك

قال ربي ــ جلّ و علا ــ : {فإذا فرغت فانصب} سورة الشرح الآية السابعة و ورد في تفسير هذه الآية:

1 / إذا فرغت من أمور دنياك فانصب في عبادة ربّك

2 / إذا فرغت من عبادةٍ, لربّك فانصب في عبادةٍ, أخرى لربّك

و كلاهما تفسير صحيح

فتفكرت في حالي و قد كثر بالدنيا انشغالي و وقفت مع نفسي أُحـَـدِّثـُهـَأ فـقـلـتُ:

يا نفس أليس لك عليّ حَـقُّ

أليس لزوجي عليّ حَـقُّ

أليس لزوري (زائري) عليّ حَـقُّ

أليس...كل أولـئـك و غيرهم لهم عليّ حـقـوقٌ بلىº و الله إذاً فـأعـيدي (يا نفس) ترتيب أوراقك و قومي بتنظيم أوقاتك , وأصلحي هنـّـاتـِـكِ و زَلاتـِكِ , و اســتـَـغــفـِـري لذنبك و غـَـدَرَاتـِكِ و فـَـجـَـرَاتـِـكِ , و اغـتـنـمـي حياتك قبل مماتك و اعلمي يا نفس: أنّ ما فات قد قات و لن يرجع الماضي فهيهات هيهات , ويحك ثم ويحك إن فاجأك هاذم اللذات, ومفرق الجماعات و أنت غارقة في اللهو و الشهوات و لم يكن من أعمالك إلا التفاهات, إذاً يا نفس دعيني أنظر لحالي و أتفكر في مصيري و مآلي , دعيني دعيني , سأشكو شأني إلى ذي الجلال يا ربِّ، يا ربِّ، يا ربِّ، يا ربِّ

أشكو إليك ضعف إيماني

و تسلّط شيطاني

و غرور نفسي

فـيا ربِّ أصلح لي شأنه كلّه

يا ربِّ أصلح لي شأنه كلّه

يا ربِّ أصلح لي شأنه كلّه

يا ربِّ بـُـعــدي آلمني * * * ما عدت أطيق الهجرانا

قد جئتُ بقلبٍ, مضربٍ, *** يرجو من عفوك غفرانا

كم جئتُ بـِـذَنــبٍ, كـِـبـَّـلـني *** و ملأتُ ضياعاً أيـّامي

حتى ما أَضـَـلٌّ هنا عبداً *** مأسوراً بـيـن الآثــــام

انقضى العمر بما فيه فـحـيَّ على إصلاح ما فسد

أيـن تلاوتي لكلام ربّي؟

فإنّه يوم القيامة يقال لقارئ القرآن: اقرأ و ارتـَـقِو رَتـَّـل كما كنت ترتـَّـلُ في الدنيـا فإنّ منزلتك عند آخر آية تقرؤها} حديث حسن صحيح رواه الترمذي

و كيف هي صـُـحـبـَـتـِـي للزّهــرَاوَينِ (البقرة و آل عمران) و لـــسورة المـُـلــكِ التي تشفع لصاحبها

{كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا ينام كلّ ليلة حتى يقرأ: ألم تنزيل الكتاب و تبارك الملك} يعني سورة السجدة و الملك - صححه الألباني

آهٍ, ما أجمل صـِـلـَـتـِـي بـرَبـِّـي

أذكره صباحَ مساءَ

أذكره في كلّ حالً:

قبل منامي و إذا استيـقـظتُ و عند قيامي

و في تـَـقـَـلـٌّـبُ أحوالي

بل حتى حين أقعد و حين أمشي...

و لكن

ألا ليت شـِـعــري

هل سـأنـظـِّـم أوقاتي؟

فـأبدأ حياتي من بعد صلاة العشاء و صلاة الوتر أعطي نفسي حقـَّـها من النوم و أخلو بربـِّـي في جوف الليل و أدعوه و أناجيه و أصلَي ما تيـسـَّـر و لو ركعتين

حتى إذا أذّن الفجر

و صـلـّـيتُ الفجر مع جماعة المسلمين

مكـثــتُ في المسجد ما تيسر أذكر رَبـِّـي و أتلو كلامه

ثمّ أنطلق إلى دراستي أو عملي

و اقضي بقية يومي بـَـيـنَ:

طلبِ رزقٍ,

و طلب علمٍ,

و تعليم و تعلـِّـمٍ,

و لا أنسى ركعتي الضحى

فإنها تجزئ من الصدقة عن كلّ سلامى و مفصل في جسمي و بـَـيــنَ:

تلاوةٍ, و حفظٍ,

و استماع شريطٍ,

و قراءة كتابٍ,

و قضاءٍ, لحوائج الوالدين

و الأهل و الولد

و بـَـيــنَ:

ذِكــرٍ, و دعاءٍ,

و صدقةٍ,

و صلةِ رحمٍ,

و نصيحةٍ, للمسلمين

و أمر بالمعروف و نهي عن المنكر

و إصلاحٍ, بين الناس

و إماطةٍ, للأذى عن الطريق

و بـِـرٍ,ّ و إحسانٍ, باليتيم و المسكين

و عطفٍ, على الفقير و ضعيف المسلمين

و إطعامٍ, للطعام

و إفشاءٍ, للسلام

و محاسبةٍ, للنفس و توبةٍ, و استغفارٍ,

فإن ضـَـعـِـفــتُ عن شيء من ذلكº كـَـفـَـفــتُ شـَـرّي عن الناس و إنّه

لصدقةٌ مـِـنـِّـي على نفسي

و هكذا من عملٍ, إلى عملٍ,

و من عبادةٍ, إلى عبادةٍ,

باذلاً جـَـهــدي أن أكون حريصاً على ما ينفعني أعمل لدنياي كأني أعيش

أبداً و أعمل لآخرتي كأني أموت غداً

لا أكـلـّـفُ نفسي فوق طاقتها

بل إنـّـي أستنير بقول الحبيب - صلى الله عليه وسلم - {قاربوا و سدّدوا} رواه مسلم.

و [المقاربة]: القصد الذي لا غلوّ فيه و [السداد]:

الاستقامة و الإصابة.

ثمّ ذكـّـرتُ نفسي بثلاث آيات و ثلاثة أحاديث

و هذه هي الآيات:

{حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعونº لعلي أعمل صالحاً فيما تركت... } سورة المؤمنون 99 ــ 100

{يومئذٍ, يتذكر الإنسان و أنّى له الذكرىº يقول يا ليتني قـدّمتُ لحياتي } سورة الفجر 23 ــ 24

{أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرّطتُ في جنب الله و إن كنت لمن الساخرين} سورة الزمر 56

و هذه هي الأحاديث:

[نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة و الفراغ] صححه الألباني

[الجنة و النار أقرب إلى أحدكم من شـِـراكِ نعله و النار مثل ذلك] رواه البخاري [يـُـبـــعـَـثُ كلّ عبدٍ, على ما مات عليه] رواه مسلم

و هذه رسالة بعثبتُ بها إلى حبيبٍ, لي قائلاً:

أمدّ اللهُ في عمركَ على طاعته

كم بينك و بين دخول الجنّة؟

عـَـشــر سنين، عشرين سنة، ثلاثين، أربعين؟

إنها لقليلة إنها لقليلة

و لقد سبقنا غيرنا إلى الجنّة

فماذا أعددنا للحاق بهم؟

ماذا أعددنا من زاد ليوم المعاد؟

إلى الله المشتكى و إليه الملتجأ

فياربِّ أصلح لنا شأننا كلّه

و لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.


مقالات ذات صلة


أضف تعليق