بسم الله الرحمن الرحيم
الإمام القدوة العابد أبو يزيد الربيع بن خثيم الثوريٌّ الكوفيٌّ
تلميذ عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، كان إذا رآه قال: \" يا أبا يزيد لو رآك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأحبك، وما رأيتك إلا ذكرت المخبتين \".
وكفى بهذا شهادة من الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، ولقد كان الربيع - رحمه الله - يستحق هذا. ولقد روى عن بعضهم أنه قال: صحبت الربيع عشرين عاما ما سمعت منه كلمة تعاب. وسيرته مع الليل تضيء ظلام القلوب التي امتلأت بحب الدنيا والركون إليها.
فعن ابنةٍ, للربيع قالت: كنت أقول يا أبتاه ألا تنام؟
فيقول: كيف ينام من يخاف البيات؟
وفي رواية أخرى قال: إن النار لا تدع أباك ينام.
وعن عبد الرحمن بن عجلان قال: بتٌّ عند الربيع بن خثيم ذات ليلة، فقام يصلى، فمر بقوله - تعالى - {أًم حَسِبَ الَّذِينَ اجتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجعَلَهُم كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحيَاهُم وَمَمَاتُهُم سَاء مَا يَحكُمُون} [الجاثية: 21] فمكث ليلته حتى أصبح ما جاوز هذه الآية إلى غيرها ببكاء شديد.
فهذه هي معادن الصدق، ولله دره من تلميذ نجيب لصحابي مهيب، وقد رباه ابن مسعود - رضي الله عنه - على عينه.
وقد قال الشعبي (أمير المؤمنين في الحديث في زمنه): ما رأيت قوماً قط أكثر علماً ولا أعظم حلماً ولا أكفَّ عن الدنيا من أصحاب عبد الله، ولولا ما سبقتهم به الصحابة ما قدمنا عليهم أحداً.
ومن المواقف العجيبة في سيرة الربيع أنه اشترى فرساً بثلاثين ألفاً فغزا عليها، ثم أرسل غلامه يسار يحتشٌّ وقام يصلى، وربط فرسه فجاء الغلام فقال: يا ربيع أين فرسك؟! قال: سُرقت يا يسار. قال: وأنت تنظر إليها؟
قال: نعم يا يسار، إني كنت أناجى ربي - عز وجل - فلم يشغلنى عن مناجاة ربي شيء.
اللهم إنه قد سرقني ولم أكن لأسرقه، اللهم إن كان غنياً فاهده وإن كان فقيراً فاغنه، قال ذلك ثلاث مرات.
فسبحان الذي اصطفى من خلقه عباداً وأعطاهم من فضله وكرمه حسنَ الأخلاق وصفاء الطبيعة وحلاوة السريرة {وَرَبٌّكَ يَخلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَختَار} [القصص:68].
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد