تعظيم شعائر الله


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على الرسول الأمين أما بعد:

فإن هناك أموراً تختص بالبلد الحرام، والموسم العظيم، يحسن بنا أن ننبه إليها، كل من سكن أو زار أو وفد إلى البلد الحرام.

فأولها: تعظيم حرمة هذا البلد، واستشعار شرف الزمان وحرمة المكان، وإذا كان الحديث في موسم الحج يرتكز على مناسك الحج وأحكامه - من قبل بعض الدعاة وطلاب العلم - وهو أمر مطلوب شرعاً ليؤدي المسلمون فريضتهم على علم وبصيرة. فإنك لا تكاد ترى العناية الكافية من قِبَل البعض، بالتنبيه على حُرمة هذا البلد، وتذكير الناس بها، وتعظيمها في نفوسهم، وبَيان أحكامها، لزجرهم عن الوقوع فيما حرم الله. فلا عجب إذاً أن ترى فِئَاماً من الناس لا يرعون لهذا البلد حرمته، ولا يستشعرون للموسم شرفه، ويَقَعُون فيما نهاهم الشرع عنه، وتعظيم ذلك والتنبيه عليه، من تعظيم شعائر الله، التي قال الله فيها: {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} الحج: 32}.

وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: \"إن هذا البلد حرّمه الله يوم خلق السموات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يختلى خلاه(1)، ولا يُعضَد شجره(2)، ولا ينّفر صيده، ولا تُلتقط لقطته إلا لمعرّف\"(3). رواه البخاري ومسلم.

وثانيها: مضاعفة السيئات فيه، فإنه يعاقب فيه على مجرد الهم بفعل السيئة، وإن لم يفعلها، قال - تعالى -: {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم} الحج: 25}.

قال الشيخ محمد بن عثيمين - يرحمه الله - عند ذكره لهذه الآية: \"ولم يقل: (نضاعف له ذلك) بل قال: نذقه من عذاب أليم فتكون مضاعفة السيئة في مكة أو في المدينة مضاعفة كيفية، بمعنى أنها تكون أشد ألماً ووجعاً(4).

قال ابن القيم - رحمه الله - \"تضاعف مقادير السيئات فيه لا كمايتها فإن السيئة جزاؤها سيئة، لكن سيئة كبيرة\". ثم يقول: \"فالسيئة في حرم الله وبلده وعلى بساطه آكد وأعظم منها في طرف من أطراف الأرض، ولهذا ليس من عصى الملك على بساط ملكه كمن عصاه في الموضع البعيد من داره وبساطه\". انتهى. زاد المعاد 1-51.

وثالثها: تنبيه السائل والمستفتي، في أحكام الحج، ممّن تجب عليه الفدية أو الجزاء، لإخلاله بواجب أو وقوعه في محظور، باقتراف الإثم، خاصة المتعمد والمتهاون بمثل هذه الأحكام، وأن عليه الاستغفار والرجوع إلى الله، مع أدائه للفدية أو الجزاء، فترى البعض يتهاون بالوقوع في المحظور أو التقصير في الواجب، ما دام أن الأمر لا يكلفه إلا فدية يذبحها بمبلغ محدود يتحلل بها من ثقل المحظور أو تأدية الواجب.

فأسأل الله أن يتقبل منا صالح الأعمال، وأن يجنبنا مواقع الخطأ والزلل، وأن يتولانا في جميع أمورنا، إنه سميع مجيب، وهو على كل شيء قدير. والسلام عليكم،،،  بتصرف يسير

 

---------------------------------

الهوامش:

1- الخلا: الرطب من العشب، ويختلى: يؤخذ ويقطع. وخص الفقهاء الشجر المنهي عن قطعه بما ينبته الله - تعالى -، وأما ما ينبت بفعل الآدمي فالجمهور على الجواز.

2- ولا يعضد: أي يقطع.

3- البخاري (1284) ومسلم (1353).

4- الشرح الممتع (262/7).

 

 * مدير إدارة الشؤون الدينية بالقوات البرية

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply