بسم الله الرحمن الرحيم
نفس تشبع فهي راضية و نفس لا تشبع فهي شاكية خلق الله - سبحانه وتعالى - عبادة وقدر لهم أرزاقهم
في هذه الدنيا في كل شيء فلا يخرج العبد منا إلا وقد استوفي نصيبه ورزقه الذي كتبه الله - جل وعلا - ورزقه إياه بما فيه من خير وشر.
قال تعالى: (وَفِي السَّمَاء رِزقُكُم وَمَا تُوعَدُون) الذاريات (يَا أَيٌّهَا النَّاسُ اذكُرُوا نِعمَتَ اللَّهِ عَلَيكُم هَل مِن خَالِقٍ, غَيرُ اللَّه يَرزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرضِ لَا إِلَه إِلَّا هُوَ َ فَأَنَّى تُؤفَكُون) فاطر (أَوَلَم يَعلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبسُطُ الرِّزقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ, لِّقَومٍ, يُؤمِنُونَ) الزمر (اللّهُ يَبسُطُ الرِّزقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقَدِرُ وَفَرِحُوا بِالحَيَاةِ الدٌّنيَا وَمَا الحَيَاةُ الدٌّنيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ) الرعد
والعبد منا لا يدرك حكمة الله - سبحانه وتعالى - في تصريف الأمور فكم من خير فرحنا به ورقصنا له طربا فكان هو الشر بعينه، وكم من أمر ظنناه شرا وأقمنا الدنيا ولم نقعدها من أجله فكان هو الخير بعينه فسبحان من تجلا في سماه، رزق وأكرم وأعطى ونعمه لا تعد ولا تحصى .
قال تعالى: (كُتِبَ عَلَيكُمُ القِتَالُ وَهُوَ كُرهٌ لَّكُم وَعَسَى أَن تَكرَهُوا شَيئاً وَهُوَ خَيرٌ لَّكُم وَعَسَى أَن تُحِبٌّوا شَيئاً وَهُوَ شَرُّ لَّكُم وَاللّهُ يَعلَمُ وَأَنتُم لاَ تَعلَمُونَ) البقرة
ونجد أن عباد الله هم على صنفين فيما قدر لهم من رزق.....
الصنف الأول له نفس تشبع فهي راضية هذا العبد......
نجده راضيا قانعا بما رزقه الله - جل وعلا - في هذه ألدنيا من مال وجاه، من صحة وبنين وبنات، وماعدا ذالك من نعمه - سبحانه وتعالى - التي لا تعد ولا تحصى.
نراه دائما مطمئن القلب لا يفتر لسانه عن شكر الله - سبحانه - وتعالى والثناء عليه - جل وعلا - بكل نعمه الظاهر والباطنة.
هذا العبد.......
أقل القليل يسعده ويرضيه، عيناه لا ترى ما أوتى غيره لآن ن نفسه غنيه شبعه، ترضى بما قسم الله - سبحانه وتعالى - لها.
هذا العبد......
الكلمة الطيبة منك ترضيه والابتسامة في وجهه تملئه حبا وشكرا، فسبحانك ربى هو راضى وسعيد من اجل كلمه أو ابتسامة .
هذا العبد........
إن ألححت عليه لكي يأخذ، فهو لا يأخذ، وإن اخذ سجد لربه شاكرا أن سخر له من أعانه على ما هو فيه.
قال - تعالى - (لِلفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَستَطِيعُونَ ضَرباً فِي الأَرضِ يَحسَبُهُمُ الجَاهِلُ أَغنِيَاء مِنَ التَّعَفٌّفِ تَعرِفُهُم بِسِيمَاهُم لاَ يَسأَلُونَ النَّاسَ إِلحَافاً وَمَا تُنفِقُوا مِن خَيرٍ, فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ)
هذا العبد........
إن أسديت له معروفا جعله طوق في عنقه، يحاول بكل جهده ان يرد إليك هذا المعروف، ومهما فعل ومهما رد فهو يستشعر بأنه لم يفعل شيئا وأنه مازال مدين لك.
هذا العبد.......
يعلم ان الله - جل وعلا - قد فضل في هذه الدنيا عباد عن عباد، وأن الآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا.
قال تعالى: (وَاللّهُ فَضَّلَ بَعضَكُم عَلَى بَعضٍ, فِي الرِّزق فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَآدِّي رِزقِهِم عَلَى مَا مَلَكَت أَيمَانُهُم فَهُم فِيهِ سَوَاء أَفَبِنِعمَةِ اللّهِ يَجحَدُونَ) النحل
وهو يعلم أن التكريم عند الله - سبحانه وتعالى - هو بالتقوى والعمل الصالح فقد قال المصطفى ألامين صلوات ربى وسلامه عليه (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)
فهو لم يغتر بهذه ألدنيا، فعيناه ناظره إلى جنان ربه - جل وعلا -، فهو ينتظر نعيم ربه الخالد وفوزه وسعادته، التى ما بعدها شقاء ولاحزن.
هو يعلم ماوعد الله - جل وعلا - عباده الصابرين قال - سبحانه وتعالى -: (قُل يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُم لِلَّذِينَ أَحسَنُوا فِي هَذِهِ الدٌّنيَا حَسَنَةٌ وَأَرضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجرَهُم بِغَيرِ حِسَابٍ,)
(تِلكَ مِن أَنبَاء الغَيبِ نُوحِيهَا إِلَيكَ مَا كُنتَ تَعلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَومُكَ مِن قَبلِ هَـذَا فَاصبِر إِنَّ العَاقِبَةَ لِلمُتَّقِينَ)
(إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَـئِكَ لَهُم مَّغفِرَةٌ وَأَجرٌ كَبِيرٌ) (سَلاَمٌ عَلَيكُم بِمَا صَبَرتُم فَنِعمَ عُقبَى الدَّارِ) الرعد
(الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِم يَتَوَكَّلُون) النحلَ (وَاصبِر نَفسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدعُونَ رَبَّهُم بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجهَهُ وَلَا تَعدُ عَينَاكَ عَنهُم تُرِيدُ زِينَةَ الحَيَاةِ الدٌّنيَا وَلَا تُطِع مَن أَغفَلنَا قَلبَهُ عَن ذِكرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمرُهُ فُرُطاً) الكهف
فهنيئا لك يا صاحب هذه النفس، فأنت ممن رضى الله عنهم ورضوا عنه، آنت من السعداء في الدنيا والآخرة بإذن الله، ستجد ما وعدك ربك جل وعلا حقا فإن الله لا يخلف الميعاد.
الصنف الثاني له نفس لا تشبع فهي شاكية....
نجد أن هذا العبد:
دائم الشكوى لسانه لا يفتر عن الاعتراض على كل شيء في حياته.
سؤال واحد يؤرقه ويتعسه طيلة حياته، وهذا السؤال هو..... لماذا أنا؟؟؟
ويعكس هذا السؤال في حالا ت أخرى فيكون لماذا فلان أو فلانة ولست آنا؟؟؟
هذا العبد:
تراه دائما عابس الوجه، عاقد الحاجبين، عيناه تلف وتدور في رأسه لترقب ما حولها بنظرات زائغة، حزينة، شاكيه.
هذا العبد:
لا تطيق عشرته ولا تتحمل حتى أن تسمع صوته ولو لدقائق معدودة.
أنت تبادره بالسؤال عنه وعن أحواله، وهو يبادرك بالشكوى والتأفف والتذمر.
تحاول أن تقطع شكواه بقولك (الحمد لله على كل حال) فيجيبك بإكمال شكواه وإن استحى منك رد عليك نفس قولك، ولكن على مضض وعدم رضى.
هذا العبد:
نفسه لا تشبع فمهما حاولت أن ترضيه وتسعده، نجده يطلب المزيد والمزيد.
ففي رأيه أن هذه هي مهمتك في الدنيا، وأنك ما وجدت فيها إلا لتلبى له طلبته ورغباته وأوامره التي لا تنتهي حتى ينتهي هو والعياذ بالله.
هو كجهنم أعاذنا الله وإياكم منها لا يقول إلا (هل من مزيد).
هذا العبد:
حمل أسوء صفتين يحملها بشر وهما (الحسد وعدم الرضى بالقضاء والقدر)
فا الحسد.... جعله لا يرى ما رزقه - جل وعلا - من جل نعمه الظاهرة والباطنة.
نفسه لا تريد إلا ما عندك، إن رزق البنات، أراد البنين وقد نسى أن هناك من حرم كليهما.
إن عاش في منزل جميل كرهه وتأفف منه، لأنه ليس ملكا له ولا ن عيناه ترى انه صغير فلماذا فلا ن وفلانة يمتلكون المنازل الجميلة
ولست أنا؟؟؟
ونسى أن هناك من لا يجد حتى سقفا يؤويه.
إن أصابه مرض يكرر نفس لماذا أنا؟؟؟
ويضرب الأمثال بكل من يعرف ممن متعوا بالصحة وهكذا يقضى عمره وهو يسأل نفس السؤال الذي لا يكل منه ولا يمل فهو إنسان حاقد ناقم يتمنى أن لا تؤتى النعم لا أحد غيره وقد تحقق فيه قوله - جل وعلا -: (أَم يَحسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضلِهِ فَقَد آتَينَا آلَ إِبرَاهِيمَ الكِتَابَ وَالحِكمَةَ وَآتَينَاهُم مٌّلكاً عَظِيماً) النساء
أما صفته الثانية المذمومة فهي عدم الرضى بالقضاء والقدر فنفسه المريضة الحاسدة جعلته ينسى أن الله عز وجل قدر لكل منا حياته الرضى بالقضاء والقدر)
وأن العبد منا لا يملك إلا أن يؤمن بالقضاء والقدر فما شاء الله كان وما لم يشاء لم يكن.
قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - عـن أبي العـباس عـبدالله بن عـباس -رضي الله عـنهما- ، قــال: كـنت خـلـف النبي - صلي الله عـليه وسلم - يـوماً،. فـقـال: {يـا غـلام! إني أعـلمك كــلمات: احـفـظ الله يـحـفـظـك، احـفـظ الله تجده تجاهـك، إذا سـألت فـاسأل الله، وإذا اسـتعـنت فـاسـتـعـن بالله، واعـلم أن الأمـة لـو اجـتمـعـت عـلى أن يـنـفـعـوك بشيء لم يـنـفـعـوك إلا بشيء قـد كـتـبـه الله لك، وإن اجتمعـوا عـلى أن يـضـروك بشيء لـم يـضـروك إلا بشيء قـد كـتـبـه الله عـلـيـكº رفـعـت الأقــلام، وجـفـت الـصـحـف}. [رواه الترمذي: 2516 وقال: حديث حسن صحيح].
وفي رواية غير الترمذي: {احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً}.
نسى صاحب هذه النفس التي لا تشبع أن الدنيا هي دار الحزن ودار الكبد وان كلا منا يحمل شكواه في صدره ولا يبوح بها إلا لخالقه جل وعلا.
نسي أنه لا سعادة ولا هناء إلا يوم أن يغفر الله لنا، وبرحمته يجعلنا من الفائزين والسعداء ويسكننا الدرجات العلى.
فيا صاحب هذه النفس بئس العبد آنت لأنك حرمت نعمة الرضى فبدلا من أن يمر عمرك وأنت تحمد ربك على جل نعمه عليك التي تدركها والتي لا تدركها مر عمرك وأنت تشكو ربك والعياذ بالله، وقد نسيت قوله - صلى الله عليه وسلم - (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمنº إن أصابته سرّاء شكرº فكان خيراً له، وإن أصابته ضرّاء صبرº فكان خيراً له). رواه مسلم.
فيا صاحب هذه النفس لن يملأ جوفك إلا التراب، ولن تجنى سوى الذل والمهانة من كل من عرف نفسك الشاكية التي لا تشبع والعياذ بالله.
عن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه- ، قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فقال: (يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس)º فقال: {ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس}. [حديث حسن، رواه ابن ماجه: 4102، وغيره بأسانيد حسنه].
اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع، ونفس لا تشبع وعين لا تدمع، وعلم لا ينفع، ودعوة لا يستجاب لها.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد