بسم الله الرحمن الرحيم
كانت تتردد في ذهني... عبارة قرأتها قديماً لابن القيم - رحمه الله -....
((شراب الهوى حلوٌ لكن يورثُ الشرق))..
((شراب الهوى حلوٌ لكن يورثُ الشرق))..
((شرابُ الهوى حلوٌ لكن يورث الشرق))..
عجزَ الفكرُ أن يصلَ إلى هذه الحقيقة الواضحة التي وصل إليها ذلك العالم الرباني.. إلا أنّه وصلَ إلى جُزء ٍ, من الحقيقة الساطعة التي لا يختلف عليها اثنان.
. وهي أنّ الهوى حلوٌ،، حلاوة... حسية ومعنوية... يجدها كل من يملك وجداناً وشعوراً... و له حلاوة يجد ذوقها أحدنا في قلبه كما يجد حلاوة الشهد في فمه. قطرةً قطرةً... .... بل أعظم من ذلك!!
فالقلب حين يذوق تلك الحلاوة تتبعه الجوارح في المتعة الناشئة من ذلك الوجد.. فيتجه الملك برعيته... ويسوقها نحو داعي الهوى سوقاً.. فتنصاع لأمره.. مذعنة راضية ...... ليزداد الكل إغراقاً في ذلك الشعور المولود.
يالحلاوة تلك المشاعر التي تتولد داخلك.. حين يهوى فؤادك شيئاً... تشعر بحلاوة الكون من حولك تشاركك وجود تلك اللحظة.. يكاد فؤادك يطير فرحاً.. بل يكاد يبلغ الشعور الماتع ذروته حتى تكاد تظن أنك قد استحلت في لحظة... قلوباً صغيرة نابضة تسمع قرعها في أذنك.. فكأنها تلح طرقاً على جدران الشعور العاري.. ليتجه بكليته نحو مايهوى ويريد... ويحلق الفؤاد دونما جناح.. فيخف الجسد.. وتنشط النفس لتحقيق مرادها.. فتكون نفوساً في
نفس... وعزائم في عزيمة.. وقوىً خارقة لا تعرف اليأس.. بل تكاد تخترق كثافة الجسد لتنفذ بقوة إلى كل عرقٍ, نابض.. فتستحيل أنت أنت.. ريشةً.. خفيفة.. تحملها النفس على بساط الريح لتريها ألواناً للكون لم ترها.. فتستبدل ذلك اللون الرمادي الكئيب... بألوانٍ, أخرى يعرفها من شرب من كأس الهوى وذاق ووجد حلاوته... والمتعة الناشئة عن ذلك الشعور تلون الكون بفرشاة قرمزية اللون... ألواناً ليست بالألوان التي اعتادها البصر. أو ألفها... فيغيب التمييز.. وتنساق النفس نحو المحبوب لتظفر به ولو لاقت حتفها في ذلك.... وتزداد القوة الدافعة إلحاحاً عليك حين ترسم لك فرشاة الهوى على صفحة الكون.. قطرة الشهد وهي تسيل. قطرة.. قطرة. لتستقر على صفحة الفؤاد برودة تنفذ إلى الأعماق فيذوب القلب وجداً وذوقاً...
يااااه... ما أحلاه من شعور.. !!
ألم نقل منذ البداية..... ((أنّ شراب الهوى حلوٌ))
لكننا نغفل عن شطر الحقيقة المؤلم والمزعج ونصم عنه الآذان ونحبس العقل عن إدراك عاقبته..
وهو أنه.......... ((يورث الشرق))...
((يورث الشرق))..
والشرق حالة مزعجة.. قاطعٌة للمرء عن لذته.. معكرةٌ صفو أُنسه.. مكدرة عذب مائه...
ترى كيف يقطع الشرق المرء عن لذته... ؟؟!!
ألا تشعر أنك منزعج لتلك العبارة القاطعة عن المتعة.. !!؟؟
((يورث الشرق))
فمهما كانت تلك اللذة عظيمة.... فإن حشرجة وغصة تذهب متعتها.. وتقطع لذتها.. إن لم تكن تلك الحلاوة سبباً للهلاك.. ومن نظر في العاقبة.... أحضر دولة العقل فاكتسح ظلمة الهوى... وبدد سطوته.. وأضعف سلطانه.. ليخر صريعاً... على أعتاب الحقيقة الصادقة.. ولا يكون ذلك إلا بعزيمة صادقة.... يخالف فيها أحدنا هواه.. .. إذ أنه داءٌ ودواؤه مخالفته.. فمنا من أبحر بمركبه فشق عباب بحرٍ, متلاطم الأمواج لا يدري أنه سيلاقي منيته.. ومنا من أوثق قدميه بميثاق الصدق.. فلم تغادر قدماه شطّ الأمان بل حُبستا حيث وقف.. وصاحبه.. يلوّح له من بعيد.. وهو نشوانٌ.. في سكرته سادر... ويناديه لحاقاً بي.. إذ علته موجة... فألقته بعيداً....
ترى كم مرة نمر بهذه التجربة ونتجرع مرارة الحقيقة الساطعة.. ؟؟!!
فلمَ لا نفقه الدرس.. ونقف على أطلال الذين هووا..... فهووا.. !!
**** إضـــــــاءة ****
قال عبد الملك بن قريب: مررت بأعرابي به رمدٌ شديد، ودموعه تسيل على خديه
فقلت: ألا تمسح عينيك؟ قال: نهاني الطبيب عن ذلك، ولا خير فيمن إذا زُجر لا ينزجر ، وإذا أمر لا يأتمر، فقلت: ألا تشتهي شيئاً؟؟
فقال:بلى، ولكني أحتمي، إنّ أهل النار غَلبت شهوتهم حميتهم فهلكوا ..
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد