بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أما بعد..
فإن قيام الليل عبادة جليله وقربة عظيمة وشريعة ربانية وسنة نبوية وخصلة حميدة ومدرسة إيمانية وخلوة برب البرية..ومع كل هذه الخصال الحميدة والصفات المجيدة فإن هذه الشعيرة الجليلة قل الراغبون فيها وأصبحت عند كثير من الناس نسيا منسيا.. فإنا لله وإنا إليه راجعون!
عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: « أتاني جبريل فقال: يا محمد! عش ما شئت فإنك ميت وأحبب من شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجزي به واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل وعزه استغناؤه عن الناس» رواه الحاكم والبيهقي وحسنه المنذري والألباني
فإليكم إخواني وأخواتي الكرام هذه النبذة المختصره عن قيام الليل وما يتعلق بصلاة التراويح من أحكام وفوائد سائلا المولى - عز وجل - أن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح إنه سميع مجيب.
باب ما جاء في قيام الليل
قيام الليل من أفضل الطاعات
إن قيام الليل من أفضل الطاعات بعد الصلوات المفروضات. عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل» رواه مسلم.
وعن صهيب بن النعمان - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « صلاة الرجل تطوعا حيث لا يراه الناس تعدل صلاته على أعين الناس خمسا وعشرين » رواه أبو يعلى بسند حسن.
تكـفير السـيئـات:
قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ - رضي الله عنه -: « ألا أدلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وصلاة الرجل من جوف الليل ثم تلا: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ المَضَاجِعِ يَدعُونَ رَبَّهُم خَوفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقنَاهُم يُنفِقُونَ * فَلَا تَعلَمُ نَفسٌ مَّا أُخفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعيُنٍ, جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعمَلُونَ} السجدة: 16-17 » رواه الترمذي بسند صحيح.
قرب الرب من عبده القائم
عن عمرو بن عبسة - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: « أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الأخير فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن» رواه الترمذي بسند صحيح. وقربه - تبارك وتعالى - من عبده الذاكر في جوف الليل هو غاية الأماني، ونهاية الآمال، وقرة العيون، وحياة القلوب، وسعادة العبد كلها.
طرد الغفلة عن القلب
عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين» رواه أبو داود بسند صحيح.
شهود لنزول الرحمن
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: « ينزل ربنا- تبارك وتعالى -كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ » متفق عليه.
يورث سكنى غرف في الجنان
عن علي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « إن في الجنة لغرفاً يُرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها، فقام إليه أعرابي فقال: لمن هي يا رسول الله؟ قال: هي لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى لله بالليل والناس نيام» رواه الترمذي بسند حسن.
الفوز بمحبه الله - تعالى -
عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم - وذكر من بينهم - والذي له امرأة حسناء وفراش لين حسن فيقوم من الليل فيقول: يذر شهوته ويذكرني ولو شاء رقد» رواه الطبراني بسند حسن.
قيام الليل سبب لمباهاة الملائكة
عن ابن مسعود - رضي الله عنه -: عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «عجب ربنا- تبارك وتعالى -من رجلين: من رجل ثار من لحافه وفراشه من بين حبه وأهله إلى صلاته فيقول الله لملائكته: يا ملائكتي انظروا إلى عبدي هذا قام من بين فراشه ولحافه من بين حبه وأهله إلى صلاته رغبة فيها عندي وشفقة مما عندي» رواه أبو يعلي بسند حسن.
إجابـة الدعـاء
عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « من تعار من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال: اللهم اغفر لي أو دعا استجيب له فإن توضأ قبلت صلاته» رواه البخاري.
أجر القائم على حسب نيته
عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: « من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم فيصلي من الليل فغلبته عينه حتى يصبح كتب له ما نوى وكان نومه صدقة عليه من ربه عزوجل» رواه النسائي بسند صحيح.
قيام الليل طريق الصالحين
عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وهو قربة إلى ربكم ومكفرة للسيئات ومنهاة للإثم» رواه الترمذي بسند حسن.
القيام مع الإمام يكتب له قنوت ليلة
عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: « إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام الليلة » رواه أبو داود والترمذي
تثبيت القرآن في الصدر
عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « إذا قام صاحب القرآن فقرأه بالليل والنهار ذكره وإذا لم يقم به نسيه» رواه مسلم.
الفوز بالجنان ورضى الرحمن
عن عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام» رواه ابن ماجه بسند صحيح.
أحكام وفوائد في صلاة التراويح:
1- صلاة التراويح سنة سنها النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يحافظ عليها جماعة خشية أن تفرض، فمن ترك هذه الصلاة فلا إثم عليه إلا أنه ينبغي على المسلم أن يصليها جماعة حتى يحصل على فضلها الذي جاء في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» متفق عليه.
2- عدد ركعاتها إحدى عشرة ركعة كما قالت عائشة - رضي الله عنها -: «ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة» متفق عليه، ويجوز الزيادة عليها إلا أن الأفضل الاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.
3- دعاء القنوت في الوتر سنة يفعله المصلي أحيانا ويتركه أحيانا لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحافظ عليه ولذلك لم يذكر الصحابة الذين رووا الوتر هذا الدعاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا ينكر على من ترك هذا الدعاء أحيانا.
4- يجوز الوتر بثلاث ركعات بسلام واحد، وخمس ركعات بسلام واحد، وسبع ركعات بسلام واحد، وتسع ركعات بسلام واحد وتشهدين، وإحدى عشرة ركعة يسلم بعد كل ركعتين، كل ذلك ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - كما في صحيح مسلم وغيره.
5- الصلاة على النبي في آخر دعاء الوتر ثابتة عن الصحابة فقد ذكر عروة بن الزبير - رضي الله عنه -: «أن الأئمة الذين كانوا يصلون بالناس قيام رمضان على عهد عمر كانوا يصلون على النبي - صلى الله عليه وسلم -» رواه ابن خزيمة بسند جيد.
6- يجوز الدعاء في الوتر بعد الفراغ من القراءة قبل الركوع فعن أبي بن كعب - رضي الله عنه - «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يوتر ويقنت قبل الركوع» رواه النسائي وابن ماجه بسند جيد.
7- يستحب الدعاء في الوتر بما علمه النبي - صلى الله عليه وسلم - للحسن وهو: «اللهم أهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت وبارك لنا فيما أعطيت وقنا شر ما قضيت فإنك تقضي ولا يقضى عليك إنه لايذل من واليت ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت لا منجا منك إلا إليك» أخرجه الخمسة بسند صحيح. ومع ذلك يجوز الزيادة على هذا الدعاء بما يشرع من الأدعية.
8- ليس من السنة التطويل في دعاء الوتر بل الاقتصار على ما علمه النبي - صلى الله عليه وسلم - للحسن - رضي الله عنه - فإن زاد بعض الأدعية المشروعة من غير تطويل وتكلف جاز ذلك.
9- من الأخطاء التي يقع فيها بعض الناس أنه يحرص كل الحرص على سماع دعاء الوتر من الإمام ويبحث عن الإمام الذي يطيل الدعاء ويلحنه ويتأثر بهذا الدعاء ولا يحرص على سماع القرآن في التراويح بتدبر، وقد قيل: «من لم يتعظ بالقرآن فلا اتعظ».
10- ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول إذا فرغ من الوتر: « سبحان الملك القدوس» ثلاثا.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد