بسم الله الرحمن الرحيم
{أَلَم تَرَ كَيفَ فَعَلَ رَبٌّكَ بِعَادٍ, * إِرَمَ ذَاتِ العِمَادِ}
تلك أمة سادت ردحاً من الزمن، وصفها القدير في كتابه العزيز ـ هي وغيرها ـ وذكر لنا مآلها وكيف كانت نهايتها \" فَصَبَّ عَلَيهِم رَبٌّكَ سَوطَ عَذَابٍ, \".
إن القرآن الكريم لم ينزل عبثاً، ولم يذكر تلك القصص تسلية ورواية فقط، بل قد وردت في سياق العبرة والتذكرة.
إن طبيعة النفس البشرية إذا ابتعدت عن خالقها تواقة لإثبات قدرتها وبسط هيمنتها على غيرها، وترى في ذلك قدرة على إخضاع الآخرين لها وسيطرتها عليهم، وهي في تلك الحالة لا ترى أحداً فوقها أو يستطيع أن يهزمها \"أنا ربكم الأعلى\" \"ما علمت لكم من إله غيري\".
ولكنها في سكرة الغطرسة وغمرة النشوة تنسى عظمة الخالق - جل وعلا - وقدرته عليها، حتى إذا بغتها العذاب بعد التذكير والتخويف بالآيات \"وما نرسل بالآيات إلا تخويفاً\" أصبحت تلك القوة والغطرسة أثراً بعد عين وعبرة لمن يأتي بعدها.
إننا نعيش هذه الأيام في وسط عالم تحكمه شريعة الغاب، الدول الأقوى تبسط نفوذها ـ اقتصادياً وسياسياً وثقافياً ـ على الدول الأضعف إما بقوة السلاح أو النفوذ أو الترغيب والترهيب، ومن يملك العصا ويقدر على استخدامها فلن يكلف نفسه قيمة الجزرة.
وفي نشوة الانتصار تلك، تبرز القوة العظمى التي لا تهزم ولا تتغير نواميسها وسننها لتقع على من استحق أن تدركه تلك السنن \"سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم\".
ألا تتبين عظمة الخالق وغطرسة المخلوق ونحن نرى الكوارث يوماً بعد يوم تحل بمن تجبَّر وتغطرس؟
سنن الله لا تداري أحداً ولا تعرف نسباً، والله جلّ جلاله غني عنا ونحن فقراء إليه.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد