بسم الله الرحمن الرحيم
العيد مناسبة عظيمة وفرحة غامرة وبهجة ممتدة، لكل المسلمين كيف لا وقد أدوا فريضة عظيمة بتوفيق الله (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون)، فافرح بطاعة الله، وأنشر الابتسامة، وأبذل الرفق، وأظهر السعة، لكن كذلك لا تنس أن لك أخوة في هذا اليوم فارقتهم الابتسامة، وعاب عنهم الرفق وضاقت عليهم الدنيا على سعتها:
بعضهم يعتصره الأسى أنه لم يجد ما يدخل به الفرح على أطفاله وزوجته، وليست له الجرأة على إظهار فاقته، وليست للمسلمين من حوله روح الأخوة التي تعرف الفقراء الذين لا يسألون الناس إلحافا يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف، فصار العيد له هماً فوق همه، تجده يتوارى من نظرات أبنائه، ويصمت أمام تعليقات زوجته، ولا يكاد يبرح مكانه، خشية أن يرى الفرحة تعلو وجه الجميع إلا أسرته، فيمقت نفسه ويشعر أنه أضاع من يعول، فيا لله كم نيران حسرات تكتنف ذلك القلب في يوم العيد.
وبعضهم احتوته سجون الطغيان الأمريكي في غوانتناموا أو في سجون العدو الإسرائيلي، أو غيرها من سجون الظالمين لا يكاد الواحد منهم يستوي على قدميه من التعذيب والإرهاق، بل ربما لا يعرف دخول العيد إلا وجه النهار أو أخره، فإذا عرف العيد قفز خاطره إلى أحبابه من زوجة وأولاد وأخوان غيبه السجن عنهم، يفكر كيف حالهم الآن؟ ويستشعر عمق المعاناة التي تسبب فيها لهم. فيا لله كم يضيق الهم عليه سجنه الضيق أصلا.
وبعضهم طريح الفراش يتلوى من الألم، على سرير أبيض حوله الأطباء والممرضون، لا يعرف للعيد معنى ولا للراحة سبيلا.
وبعضهم في غرفة نظيفة، وبلدة جميلة وحديقة بديعة، لكن يشعر أنه غريب عن كل ذلك، لا يتمالك نفسه فيبكي بكاء الأطفال، على جهله وغبائه الذي صور له أن الهجرة إلى الغرب هي الحل لكل مشاكله، وها هو الآن فقد دفء العلاقات الاجتماعية، ولم يتحصل على أمنياته المالية، يمسك بالهاتف ولا يكاد يحبس عبراته، فيبكي ويُبكي.
ولولا أن العيد مدعاة الفرح لأفضت في ذكر حال البؤساء والمحرومين و الفقراء والمساكين و المبعدين واللاجئين و اليتامى والمقهورين، والضعفاء والمستعبدين، و أطفال الشوارع والمشردين.
فعليك أخي المسلم في عيدك أن تتذكر عيدهم، وتدعو الله أن يغني المحتاجين، يفك قيد المأسورين، ويرفع القهر عن المظلومين، ويفرج عن المبعدين، ويجمع شمل المشردين، وأن يبث الرحمة في قلوب عباده المؤمنين فيصلوا أرحامهم، وينبذوا أحقادهم، ويوحدوا صفوفهم...آمين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد