إنها صغيرة !!


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

كثير من الناس من يستصغر الذنوب ويحقرها، فهي صغيرة بالنسبة له ولكنها عند الله كبيرة، فلطالما استهنت في كثير من الأمور ونظرت إليها نظرة إلازدراء والتحقير ولكنك ستعلم حقيقة هذه الصغيرة يوم القيامة(يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم) وأين هذا القلب السليم في زمن مرضت فيه القلوب وتفشت الأسقام.....  

أصبح الناس كالبهائم أعزكم الله لا همّ لهم في هذه الدنيا سوى الطعام والشراب والنوم

وإن قاموا للصلاة قاموا كسالى.. استهان الكثير من الناس بالنظر ونسي بأنه سهم من سهام إبليس وأول الطرق إلى الزنا وليته سمع قول الشاعر:   

كل الحوادث مبداها من النظر.... ومعظم النار من مستصغر الشرر  

 

المصائب والفتن التي تحدث في زماننا هذا ما وصلت إلى هذا المستوى إلا بصغيرة حتى وصلت إلى درجة الكبائر.. ولو تأملت وفكرت في بعض الحرائق التي حدثت وتساءلت عن سبب حدوثها لعرفت أنه بسبب شرارة صغيرة هي التي قامت بجميع هذه الخسائر..

فكيف بمن يمتع نظرة بالحرام ويشاهد أجساد النساء العاريات، وكأنها أحلت له وينظر إلى

صور المومسات في المجلات الخليعة والمواقع الإباحية فنفسه تشتهي ولا تشبع يفكر في نفسه وفي كيفية إرواء غريزته الجنسية فيصبح كالبهيمة ولو لمته أو عاتبته لقال إنها صغيرة!!  ومن الناس كمن يستمع على ألاغاني ولا يكتفي بذلك بل تجده هائما في عالم آخر، وكأنه ليس في هذه الدنيا والأدهى أنه يهتز ويتأثر بسماع ألاغاني ولا يتأثر بسماع القرآن ولو نصحته لقال: ماذا تريدني أن أسمع!! عجبا لحالك أيها الإنسان أنسيت اليوم الذي ستصب أذناك بالحديد المنصهر وتدق بالمسامير!! إذا تابعت سيرك في هذا الطريق فلا تتوقع أن تجني الثواب ومع ذلك تبقى عنده صغيرة!!

وإذا ذهب إلى المجالس التي يكثر فيها الكلام الفارغ والغيبة والنميمة وخالط الفئة الغافلة من الناس لقال لك أنا لا أفعل شيئا أن فقط أستمع

سبحان الله!!

 

لقد نسي هذا الغافل أو تناسى قول الرسول - عليه الصلاة والسلام - عندما قال: \"ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه إلا قاموا من مثل جيفة حمار وكان عليهم حسرة يوم القيامة\".. رواه أبو داود والحاكم.. 

 

وعند تكاثر هذه الذنوب والمعاصي فإنها تورث مع الوقت ظلمة ووحشة في القلب، تجعل العبد تائها في غياهب اليأس والقنوط وذلك ما حدث إلا بسبب ما اقترفته يداه من ذنوب ومعاصي.. ولا يشعر بهذا الأمر إلا من قارف المعاصي وألفها.. يقول ابن القيّم في آثار المعاصي:  \"ومنها: ظلمة يجدها في قلبه حقيقة: يحس بها كما يحس بظلمة الليل البهيم إذا ادلهّم، فتصير ظلمة المعصية لقلبه كالظلمة الحسيّة لبصره، فإن الطاعة نور والمعصية ظلمة، وكلمّا قويت الظلمة ازدادت حيرته، حتى يقع في البدع والضلالات والأمور المهلكة وهو لا يشعر، كأعمى خرج في ظلمة الليل يمشي وحده. وتقوى هذه الظلمة حتى تهر في العين، ثم تقوى حتى تعلو الوجه، وتصير سوادا في الوجه حتى يراه كلّ احد\"..

فالذنوب ظلمة في القلوب، وظلمة في القبور، وظلمة على الصراط.. قال - تعالى -: \"يوم تبيضّ وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودّت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون\"(آل عمران: 106)... 

فتذكروا أيها الناس يوم الحساب يوم لا ينفع الندم والتحسر على ما فات.. يقول ابن المعتمر:

خلّ الذنوب صغيرها... و كـــبيرها فــهــــــو الــتّقى..

واصـــنع كماش فوق... أرض الشّوك يحذر ما يرى..

لا تحــــــقرنّ صغيرة... إنّ الـــــــــجبال من الحصى..

 

(وقانا الله وإياكم من الذنوب صغيرها وكبيرها)..

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply