حقيقة الدنيا


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - يوماً فلما كانت الشمس على رؤوس الجبال وذلك عند الغروب قال:((إنه لم يبق في الدنيا فيما مضى إلا كما بقى من يومكم هذا فيما مضى منه)).

فليتأمل العاقل الناصح لنفسه هذا الحديث وليعلم أي شيء حصل له من هذا الوقت الذي بقى من الدنيا بأسرها ليعلم أنه في غرور وأضغاث أحلام وأنه قد باع سعادة الأبد والنعيم المقيم بحظ خسيس لا يساوي شيئاً ولو طلب الله - تعالى - والدار الآخرة لأعطاه ذلك الحظ هنيئاً موفوراً وأكمل منه كما في بعض الآثار: (بع الدنيا بالآخرة تربحهما جميعاً ولا تبع الآخرة بالدنيا تخسرهما جميعاً).

وقال بعض السلف: ابن آدم أنت محتاج إلى نصيبك من الدنيا وأنت إلي نصيبك من الآخرة أحوج فإن بدأت بنصيبك من الدنيا أضعت نصيبك من الآخرة وكنت من نصيب الدنيا على خطر وإن بدأت بنصيبك من الآخرة فزت بنصيبك من الدنيا فانتظمته انتظاماً.

وكان عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - يقول في خطبته: أيها الناس إنكم لم تخلقوا عبثاً ولم تتركوا سداً وإن لكم معاداً يجمعكم الله - عز وجل - للحكم فيكم والفصل بينكم فخاب وشقي عبد أخرجه الله - عز وجل - من رحمته التي وسعت كل شيء وجنته التي عرضها السماوات والأرض ولكن يكون الأمان غداً لمن خاف الله - تعالى - واتقى وباع قليلاً بكثير وفانياً بباق وشقاوة بسعادة، ألا ترون أنكم في أصلاب الهالكين وسيخلفه بعدكم الباقون ألا ترون أنكم في كل يوم تشيعون غادياً رائحاً إلى الله قد قضى نحبه وانقطع أمله فتضعونه في بطن صدع من الأرض غير موسد ولا ممهد قد خلق الأسباب وفارق الأحباب وواجه الحساب.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply