بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال:
أريد أن أعرف شرح هذا الحديث: ( لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله )؟
الجواب:
الحمد لله:
هذا الحديث رواه مسلم (438) عَن أَبِي سَعِيدٍ, الخُدرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ رَأَى فِي أَصحَابِهِ تَأَخٌّراً ، فَقَالَ لَهُم : ( تَقَدَّمُوا فَأتَمٌّوا بِي وَليَأتَمَّ بِكُم مَن بَعدَكُم، لا يَزَالُ قَومٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُم اللَّهُ ).
ورواه أبو داود (679) عَن عَائِشَةَ قَالَت : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ: ( لا يَزَالُ قَومٌ يَتَأَخَّرُونَ عَن الصَّفِّ الأَوَّلِ حَتَّى يُؤَخِّرَهُم اللَّهُ فِي النَّارِ ). وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
ومعنى الحديث:
أن النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ وجد بعض أصحابه متأخرين عن الصف الأول، فأمرهم بالتقدم إلى الصف الأول ليقتدوا به ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ، وليقتدي بهم من بعدهم، ممن يصلي في الصفوف المتأخرة الذين لا يرون النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ.
ويحتمل أن المعنى: يقتدي بهم من بعدهم من الأمة، لأنهم ينقلون إليهم صفة صلاة النبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ التي رأوها . قاله السندي ـ رحمه الله ـ.
ثم قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : ( ولا يَزَالُ قَومٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُم اللَّهُ ).
أي : لا يزال قوم يعتادون التأخر عن الصف الأول، أو عن الصفوف الأولى حتى يعاقبهم الله ـ تعالى ـ فيؤخرهم.
قيل معناه: يؤخرهم عن رحمته أو جنته، أو عظيم فضله، أو عن رفع المنزلة، أو عن العلم.
ولفظ أبي داود كما سبق ( حَتَّى يُؤَخِّرَهُم اللَّهُ فِي النَّارِ).
قيل: معناه: إذا أدخلهم الله ـ تعالى ـ النار أخَّرهم فيها، فلا يخرجون مع من يخرج منها، بل يخرجون بعدهم.
وقيل معناه: يؤخرهم عن دخول الجنة بإدخالهم النار أولاً، ثم يخرجون من النار ويدخلون الجنة.
ولا مانع من حمل الحديث على جميع هذه المعاني.
قال الشيخ ابن عثيمين في معنى الحديث:
رأى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قوماً يتأخرون في المسجد يعني: لا يتقدمون إلى الصفوف الأولى فقال: ( لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله ). وعلى هذا فيخشى على الإنسان إذا عود نفسه التأخر في العبادة أن يبتلى بأن يؤخره الله ـ عز وجل ـ في جميع مواطن الخير اهـ.
باختصار من فتاوى ابن عثيمين (13/54).
وذهب بعض العلماء إلى أن المقصود بهذا جماعة من المنافقين، والصحيح أن الحديث عام وليس خاصاً بالمنافقين.
قال الشوكاني في \"نيل الأوطار\":
قيل: إن هذا في المنافقين. والظاهر أنه عام لهم ولغيرهم. وفيه الحث على الكون في الصف الأول، والتنفير عن التأخر عنه اهـ.
والحاصل أن الحديث فيه الترغيب في صلاة الرجل في الصف الأول أو الصفوف الأولى، وذم اعتياده الصلاة في الصفوف المتأخرة.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا للمسارعة إلى الخيرات والمسابقة إليها.
والله تعالى أعلم.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد