توبة كاذبة !!


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

قال منصور بن عمار: كان لي صديق مسرف على نفسه ثم تاب، وكنت أراه كثيراً..كنت أراه كثيراً من العباد والقوام والصوّام..أراه كثير العبادة والتهجد ففقدته أياماً فقيل لي: هو مريض. فأتيت إلى داره فخرجت إليّ ابنته.

فقالت: من تريد.

قلت: قولي لأبيك فلان.. فاستأذنت لي ثم دخلت فوجدته في وسط الدار وهو مضطجع على فراشه وقد اسودّ وجهه، وأذرفت عيناه، وغلظت شفتاه.

فقلت له وأنا خائف منه: يا أخي أكثر من قول لا إله إلا الله.. ففتح عينيه فنظر إلي بشدة ثم غشي عليه.

فقلت له ثانياً: يا أخي أكثر من قول لا إله إلا الله.. ثم كررتها عليه ثالثاً، ففتح عينيه فقال: يا أخي منصور هذه كلمة قد حيل بيني وبينها.. هذه كلمة قد حيل بيني وبينها..

فقلت: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..

ثم قلت له: يا أخي أين تلك الصلاة والصيام والتهجد والقيام..

فقال: كان ذلك لغير الله.. كان ذلك لغير الله.. وكانت توبتي كاذبة، إنما كنت أفعل ذلك ليقال عني وأُذكر به، وكنت أفعل ذلك رياء للناس، فإذا خلوت إلى نفسي أغلقت الأبواب وأرخيت الستور وشربت الخمور وبارزت ربي بالمعاصي.. ودمت على ذلك مدة فأصابني المرض وأشرفت على الهلاك، فقلت لابنتي هذه: ناوليني المصحف، فقلت بعد أن أخذت المصحف: اللهم بحق كلامك في هذا المصحف العظيم إلا ما شفيتني ورفعت عني البلاء، وأنا أعاهدك أن لا أعود إلى ذنب أبداً.. ففرج الله عني.. ففرج الله عني.. فلما شفيت عدت إلى ما كنت عليه من اللهو واللذات وأنساني الشيطان العهد الذي بيني وبين ربي، فبقيت على ذلك مدة من الزمن فمرضت مرة ثانية أشرفت حينها على الهلاك والموت فأمرت أهلي فأخرجوني إلى وسط الدار كعادتي ثم دعوت بالمصحف وقرأت فيه ثم رفعته وقلت: اللهم بحرمة ما في هذا المصحف الكريم من كلامك إلاّ ما فرجت عني ورفعت عني البلاء، فاستجاب الله مني ورفع عني.. ثم عدت إلى ما كنت عليه من اللهو والضياع ما كأني عاهدت الله أن لا أعود.. فوقعت في هذا المرض الذي تراني فيه الآن فأمرت أهلي فأخرجوني إلى وسط الدار كما تراني ثم دعوت بالمصحف لأقرأ فيه فلم يتبين لي حرف واحد منه.. دعوت بالمصحف لأقرأ فيه فلم يتبين لي حرف واحد منه.. فعلمت أن الله - سبحانه - قد غضب علي فرفعت رأسي إلى السماء وقلت: اللهم فرج عني يا جبّار السماء والأرض.. اللهم فرج عني يا جبّار السماء والأرض.. فسمعت كأن هاتفاً يقول:

تتوب عن الذنوب إذا مرضت*** وترجع للذنوب إذا برأت

فكم من كربة نجّاك منها*** وكم كشف البلاء إذا بليت

أما تخشى بأن تأتي المنايا*** وأنت على الخطايا قد لهوت

 

قال منصور بن عمار: فو الله ما خرجت من عنده إلا وعيني تسكب العبرات، فما وصلت الباب إلا وقيل لي إنه قد مات..

حيل بينهم وبين ما يشتهون..

نعم أحبتي.. نعم أحبتي.. التوبة ليست نطق باللسان، إنما هي ندم بالقلب وعزم على عدم العودة إلى الماضي المرير.

نسأل الله أن يرزقنا توبة صادقة نصوحاً ويحسن خاتمتي وخاتمة جميع المسلمين اللهم آمين...

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply