قصة تائب


بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

نسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.

هذه الخواطر أصوغها عساها تبلغ بعض ما لا ينطلق به اللسان.

أبدأها بنثر نظمته:

يقول منكرا من القول ويصدّ عن السبيل من أناب

صاحبي الذي يقــول اجعل ديدنــك الحب

فوالله ما العشق إلاّ مرض والهيام والصبابة إلاّ ضلال

فراقك لوعة وهم وأسى ولكن اعلم بأن ما عند الله خير

مسكين من اكتوى بحبّ وجعل حبيبه المعشوق

قلّي يا من تشتكي لوعة ماذا أعددت ليوم تشخص الأبصار

ما حبّ لغير الخالق جائز ألست مع من أحبّ في النّار

في زمان قريب كنت أرى في الحبّ أسمى المشاعر وأصدقها. كانت نظرتي تلك مبنيّة على ما كنت أقرأه في الرّوايات والقصص وما أشاهده في الأفلام والمسلسلات. كانت قصص المحبّين تستهويني وقصص العشّاق تبكيني. لذلك فقد كتبت كثيرا من الخواطر وكثيرا من الرّسائل. كنت أرى في الحبّ الأفلاطوني مثالا ساميا أستلهم منه الكلمات أرصّها لتأخذ القلوب وتسحرها، كنت أرى ذلك في العيون والبسمة الحلوة على الشّفاه.

أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم كنت ضالاّ مضلاّ. ماذا تغيّر؟

الإيمان بالله. فيما مضى كنت ضعيف الإيمان لا أفقه شيئا لا أميّز بين الحرام والحلال. بل كنت أظنّ ظنّا وأصدّق ما أشاهده في الأفلام وأعتبره مثالا يحتذى به. ماذا تغيّر؟

الأيّام تمضي تليها الشّهور والسّنوات، يولد الطّفل فإذا به على شفا القبر. وتتعاقب القرون إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. دنيا فانية تزيّنت فأخذت القلوب والأبصار. دنيا فتنت العباد، دنيا الخزي والثّبور في الآخرة.

يا أيّها الفرحون أنصتوا لعلّكم تفقهون. إنّ الله لا يحبّ الفرحين. إن كنت تتباهى بمال أو بجاه أو بجمال أو بسلطان فاحذر فإنّها إلى زوال ولا يبقى سوى عمل صالح تلقى به ربّك فيرضى عنك أو سوى خطايا تحشرك في النّار.

أنا ابن الشّرف لا تغويني إمرأة ولا مال. طلّقت الدنيا وبهرجها. وابتغيت إلى العزيز السّبيل. اللّهم إنّي لا أخاف سواك فارض عنّي واجعلني في حماك. تكالب الخلق على الدّنيا فنسوا ذكر الرزّاق المنّان واشتدّ عليهم الأمر حتّى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت ولمّا دعوك أجبت ومن يجيب سواك. اللّهم إنّك تكشف الضّرّ وإنهم العائدون إلى غيّهم. الدّنيا بلاء وابتلاء. الدّنيا همّ وغمّ. الدّنيا طريق طويل تسلكه لتقذف في السّعير. أمّا من عمل صالحا فهو من المقرّبين الّذين يرثون الجنّة.

ما أكثر الفاسقين والمنافقين الّذين يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف. نسوا الله فنسيهم. عمّ الفجور وفسدت الأخلاق وانعدم الحياء وقلّت البركة وطبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون. أين الآمرون بالمعروف النّاهون عن المنكر؟ إنّهم وراء الدّنيا يركضون. وآخرون لا يملكون حولا ولا قوّة فلا يتحرّكون، وآخرون في السّجون مبعدون أو بين يدي الجلاّد معدمون. القوم في سبات لا يعلمون بأنّ ربّهم قادر على أن يستبدلهم بقوم يحبّونه. ألا يعلمون أنّه لا يخشى اللَهَ الكافرون المكذّبون وأنّ أولئك هم عن رحمته مبعدون وهم بعذابه موقنون ومنه غير هاربين.

اللّهم أنت قلت بأنّ رحمتك قد سبقت غضبك أ مع هؤلاء الّذين إذا ذُكِرتَ اشمأزّت قلوبهم ولَوّوا رؤوسهم وفرّوا؟ الّلهم، إنّك قد وسعت كلّ شيء علما. وما قولُك إلاّ في عبادك الّذين يحبّونك وإذا ما ظلموا أنفسهم استغفروا لذنوبهم وتابوا إليك.

فيما مضى كان قلمي يذرف على عتبات الهوى العبرات واليوم يذرف قلبي على عتبات النّدم الحسرات. كم كنت مضلاّ حين تحدّثت يوما عن حبّ وكم كنت غارقا في الضّلال. أسلت حبرا كثيرا ومتّ بلحظ من بعض الفتيات. نار سيكوى بها جسدي وستنفقئ بها عيني وجمر أمسكه بيدي فيغلي به عقلي.

اللّهم لقد تبت إليك من شرّ أعمالي وأسلمت لك أمري.

و السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply