بسم الله الرحمن الرحيم
يشهد الذي سأقف بين يديه صدق ما أقول
امرأة توفي عنها زوجها ولديها 5 أولاد و3 بنات في حادث سيارة أليم
وأكبر أولادها لم يزل في المرحلة الابتدائية وكانت أحوالهم المادية سيئة للغاية فقد كانت تسكن في قرية نائية جدا عن العمران ولا توجد لديهم أي وسيلة مواصلات وكان التقاعد الذي تصرفه هذه المرأة على أبناءها ال9 مبلغا جدا زهيد...
فكانت هذه المرأة تقطع المسافات البعيدة على رجليها لإحضار أي شيء من المدينة برفقه احد أولادها الصغار... تقدم لخطبتها الكثيرون لكنها رفضت وآثرت قول الرسول - عليه الصلاة والسلام -: (أنا وكافل اليتيم كهاتين)...؟
امرأة معروفة بتدينها فربت أولادها وأنشأتهم نشأة دينيه وكانت تهون عليهم ما هم فيه من ضنك العيش بأحاديثها عن الآخرة وما أعد الله للصابرين فيها فتصبر نفسها وأولادها بما وعد الله؟
الذي يحدثكم الآن هو الابن الرابع لهذه الأم... نعم فأنا فخور جدا بأمي... ولما علم من صبر هذه الأم وتجلدها على الحياة.. قال لي احد الأشخاص والله العظيم لو كانت هذه أمي لنسبت اسمي إليها مفتخرا بها؟
كانت والله لنا هي الأم والأب فهي تقوم بكل أعمال البيت في الداخل من تنظيف وطبخ وحنان الأمومة مع قسوة الأيام؟
وتشترى لنا حاجاتنا من السوق على رجليها فتصل وهي منهكة
فنكمل والله باقي شؤون المنزل؟ وهي محدثتنا وشيختنا؟وهي كل أقاربنا بعد ما تخلى عنا معظم أقاربنا حتى شقيق أبي الوحيد الذي لم يكن يسأل عنا بحجة رفض أمي الزواج منه؟
لقد ثمن الله تعب هذه المرأة وكبرنا أنا وإخواني والحمد لله ومن الله علينا بوظائف. وانتقلنا جميعا إلى الرياض... لا اربد أن أطيل عليكم فوالله لو كتبت ألف صفحه اشرح فيها معاناة أمي مع هذه الحياة لن أوفيها حقها؟
ولكن سأذكر لكم إحدى قصصها عندما توفي ابنها الذي يصغرني ب3سنين وهذه الحادثة قبل سنين قليلة... أبدأ وأقول...
غاب أخي عن المنزل بضعة أيام وكان عمره ما يقارب 22 سنه وكان أحب شخص في البيت لأمي؟
بحثنا عنه في كل مكان فلم نجده وبلغنا عنه قسم الشرطة و أمي ما تزال في دعاء لله - عز وجل -.... وذات يوم ذهبت إلى البيت وأنا خارج من العمل فوجدت أخي واقف على الباب ينتظرني وهو في حاله خوف شديدة وقال أتاني هاتف من شرطة (خريص) وقال احضر فورا..؟ على الفور أخذته وذهبنا مسرعين إلى ذلك القسم وأخذنا ما يقارب الساعتين في الطريق.... وعندما وصلنا وجدنا سيارة أخي واقفة عند باب الشرطة سليمة وليس فيها أي خدش وعندها تضاحكنا أنا وأخي فرحا وظننا بان أخي ربما كان مخالفا لأنظمه المرور وأنه في التوقيف؟.....
ولكن الخبر جاءنا كالصاعقة عندما علمنا بأن أخي أوقف سيارته على جانب الطريق وقطع الشارع إلى الناحية الأخرى لا ندري لم؟ وعند عودته فاجأته سيارة نقل كبيرة (تريله) لتدهسه تحت عجلاتها.... بكيت أنا وأخي كثيرا هناك ولكن تهدئه رجال الأمن لنا هي التي جعلتنا نكتم غيضنا ونكمل باقي الأوراق واخبرونا أن الجثة في مستشفى الملك فهد بالأحساء؟
عدنا إلى البيت ونحن نتساءل كيف سنخبر أمنا بالخبر وهذا أخونا (علي) ونحن نعلم مقدار حب أمنا له...؟ ولكن أشار علي أخي أن نذهب إلى إحدى خالاتنا ونأخذها معنا لكي تمسكها إذا ناحت أو أغمي عليها.. وفعلا أخذنا خالتنا معنا وأخبرناها الخبر في السيارة فبكت فأجبرناها أن تكتم دموعها وان لا تظهر الهلع أمامها فيشتد حزنها فقبلت ذلك... ومن شدة خوفي ولا أريد أن أرى أمي في هذا المنظر.. نزلت خالتي وذهبت إلى ابن خالتي في البيت وما هي إلا دقائق حتى أتاني زوج خالتي وخالتي وأخي وكانت أمي معهم.... فسألت زوج خالتي كيف أمي كيف تحملت الخبر هل... أصابها مكروه... هل... وأنا أبكي؟؟؟
فقال لي أمك معنا أفضلنا نفسا وأهدأنا حالا.. وتذكرنا بالله...
هي أفضل منك بكثير أيها الرجل؟
فانطلقت إلى السيارة وأنا غير مصدق... ففتحت الباب وأنا أقول أمي كيفك كيف حالك؟ فإذا هي مبتسمة راضية بقضاء الله وقدره
ثابتة كالطود الشامخ...كما عهدتها منذ صغري لديها من اليقين بالله ما يهون عليها مصائب الدنيا....؟ مازالت تذكرني بالله وتقول انه أمانة وأخذ الله أمانته...؟وأصبحت تهدأنا كلنا و والله ما رأيت في عينيها دمعة واحده بل تضحك... وتشكر الله؟
فقلت يا أمي لقد مات علي مدهوسا.. إلى أين انتم ذاهبون لا أستطيع أن أتخيل انه مات فكيف تريدوني أن أراه وهو أشلاء
فقالت يا ولدي لا تخف فسوف أكون بجانبك.......؟؟؟
يا الله أي امرأة هذه أي محتسبة هذه.. أي جبل هذا الذي استند إليه؟؟؟
الآن ولان فقط عرفت هذه السيدة.. فوالله إنها هي التي تصبرنا... وتصبر خالتي وزوجها.. وأخي الأكبر في ابنها؟؟؟
الآن مسحت دموعي واستحييت من ربي ومن نفسي؟؟
إلى الآن والله لم اذكر لكم أي شي من القصة..... اسمعوا..
كنت في الطريق أسال نفسي يا ترى أتراها تصطنع ذلك.. ماذا ستفعل إذا جد الموقف ونحن نرى الجثة في ثلاجة الموتى؟
دجلنا المستشفى وذهبنا إلى ثلاجة الموتى وكان معنا عمي وخالي... ذهبنا سويا إلى الجثة وأنا أترنح في مشيتي وهي بقربي كالطود الشامخ...؟ اخرجوا الجثة انزلوها على الأرض وقال العامل هناك افتحوها وتأكدوا منها والله ما استطاع احد أن يقترب لكي يفكها؟
اقتربت أمي منها كما عهدتها تستغفر له وتسبح وتدعو له بالرحمة قال لها أخوها ما تريدين أن تفعلي وأراد إخراجها وقال لن تتحملي المنظر لم ترد عليه وما زالت في ذكرها مع الله وتفتح الأكفان عليه وأبعدت كل ما عليه وتقلبه يمينا ويسارا وتدعو له بالرحمة و والله إننا كلنا متأخرين عنها خائفين مذهولين حتى الشخص العامل هناك سألنا ما تصير له هذه المرأة فأخبرناه أنها أمه فلم يصدق... وقبلته بين عينيه ودعت له ثم أرجعت غطاءه وأخذت ملابسه في كيس وهي تحمد الله وتشكره و والله ما رأيت في عينيها دمعه..؟
وذهبت إلى السيارة وجلست في مقعدها تنظر إلى ملابسه تشكر الله وتحمده وتدعو لولدها.....
وبعد أيام والله على ما أقول شهيد
سمعت كأن ابنها يناديها من تحت قلبها وهي جالسة في اليقظة ويقول يا أمي إن الملائكة تتسابق لكي تراني واسمعهم يقولون أين ابن الصابرة أين ابن المحتسبة والله لو كنت عندك يا أمي لقبلت أقدامك.....
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد