لم يُبصره ولم يُكَلِّمهُ ولكن هداه !


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 \"كيف اهتديتَ إلى الإسلام؟\" وجهتُ هذا السؤال إلى رجل ألماني أعلن إسلامه، رجل يحمل شهادات عليا في أكثر من مجال، فقال لي: [إن أول معرفته بالإسلام تعود إلى أيام الشباب عندما كان في رحلة إلى ألبانيا أثناء عطلة دراسية، وبينما هو يسير في أحد الشوارع الضيقة اصطدم بأحد الرجال، ولما تبينه واعتذر له عرف أنه أعمى لا يبصر، ولم يفقه الأعمى من اعتذار الرجل له شيئاً لأنه لا يفقه لغته، ومع ذلك فإن هذا الكفيف يمسك بيد الرجل الذي اصطدم به بإصرار، ويسير به حتى منزله، ويقدم له ما تيسر من طعام، يقول هذا الأخ المسلم: \"ولقد رأيت هذا الرجل يقوم بحركات انطبعت صورتها في عقلي، وعلمت فيما بعد أنها صلاة المسلمين\".

 

 لقد استحوذ أمر هذا الرجل على تفكيري وقتاً، لِمَ يُصِرٌّ على مصاحبتي إلى منزله ثم يكرمني بلا مقابل ولا معرفة، وهو لا يستطيع أن يفهم لغتي وما هذا الذي فعله أمامي، ما هذه الحركات؟! لقد دفعني ذالك عندما رأيت أشباهاً لهذا الرجل يعملون مثل ما عمل من حركات إلى التعرف عليهم وعلى مبدئهم، وكانت مسيرة طويلة أدت بي إلى الإسلام، ولكن كان الخيط الأول هناك\".

 

 إن في هذه الرواية التي وقعت عبرة وعظة لدعاة الإسلام والعاملين به، إن كلمة الحق قد تثمر في قلب سامعها ولو بعد عهد طويل، وإن الاستقامة على الحق والعمل به قد تؤثر في الآخرين وتقودهم إلى الهدى، إن مثل هذا من الآثار التي لا ينسى الله صاحبها { إِنَّا نَحنُ نُحيِي المَوتَى وَنَكتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُم } … [يس: 12]، إن المسلم صاحب دعوة يتعامل مع الله - سبحانه وتعالى -، عليه أن يقدم ما عنده ويقول كلمة الحق، ويتخلق بالإسلام، وكلمة الحق تثمر، والإسلام ينتشر في القلوب والعوالم بما أودعه الله فيه من نور، وللمسلم الأجر والثواب، و ( من دَلَّ على خير فله مثل أجر فاعله ).

 

 على المسلم أن يبذل جهده كما يريده الله، وليس عليه أن يُدخِل الهدى في القلوب فذلك شأن الله وحده، ولا تبخل في تبليغ دعوة الله إلى أحد، صغيرٍ, يعقل، أو ضالٍّ, بعيد عن الحق، أو ملحد، أو صاحب دين آخر، فإنك لا تدري لعله يستجيب، وما يدريك لعل الله يهديه ولو بعد حين ؟!.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply