بسم الله الرحمن الرحيم
الوسواس القهري:
هو اضطراب مرضي، قسمه العلماء والأطباء إلى قسمين هما:
1ـ إلحاح فكرة سيئة بغيضة على تفكير الإنسان بشكل متكرر:
وهو لا يحبها ولا يرضى عنها بل يرفضها ويحاول منعها ويقاومها، ويعرف أنها غير حقيقية، ولكنه مجبر على التفكير فيها، وهي تقتحم على الإنسان حياته فتفسدها وينشغل بها وبلوازمها، ولا يستريح إلا بعد أن يقوم بفعل معين لازم، أو يستسلم للوازمها.
ومها بذل الشخص من الجهد في الاستعاذة أو محاولة صرف الذهن عن التفكير في هذه الأفكار الملحة فهو يفقد القدرة على المقاومة، ويستسلم.
من أمثلتها تلك الأفكار التي فيها انتقاص من الذات الإلهية، ومقام النبي - صلى الله عليه وسلم - والشك في الجنة والنار والقيامة والبعث، وأن هذا لن يكون.
وكذا فهم الآيات والأحاديث بصورة فيها انتقاص وتشكيك، فلا ثوابت تبقى ليؤمن بها الشخص.
2ـ أفعال قهرية والاندفاع في أمور الدين والدنيا:
مثل تكرار نطق الحرف للتأكد من خروجه سليمًا، وتكرار غسيل اليد للظن أنها متسخة، وتكرار الصلاة بحجة فقد التركيز فيها، وجمع الأوراق من الطريق للتأكد أنه ليس فيها اسم الله - تعالى -وعدد الأشياء وتكرار العدد وغيرها كثير.
وإذا حاول الشخص إيقاف هذه السلوكيات التي يعلم يقينًا بطلانها ستسبب إيقافه لها في قلق شديد وشك مريب، فلا مفر له من تكرارها والوقوع تحت أسرها للنجاة من هذا الضغط النفسي، وليس أدل على أن الوسواس القهري ما هو إلا مرض من الأمراض من أن الأطفال عرضة للإصابة بهذا المرض بنوعيه الفكرة الوسواسية والفعل القهري الوسواسي.
وللعلم فنسبة الشفاء لديهم مرتفعة طالما تم العلاج الطبي المباشر السريع.
وهنا لا بد من التنبيه في هذا المقام إلى أن الإصابة بالوسواس القهري ليست ناشئة عن قلة التدين، أو انخفاض المستوى الإيماني، أو غياب الإرادة، أو التقصير في الأذكار وما شابه.
وكذا لاحظ الأطباء أن الوسواس القهري عادة ما يبدأ في الظهور عقب التعرض لضغوط شديدة في العمل، أو الامتحانات، أو الخلل والمشاكل في العلاقات الزوجية، أو وفاة شخص عزيز قريب.
وهذا لا بد من بيانه كي لا يسيء الشخص الظن بنفسه، فيرى نفسه في حرص على العبادات والطاعات ثم هو يجد هذا الدافع الذي يلح على فكره بسب الله - تعالى -أو رسوله - صلى الله عليه وسلم - فيشك في دينه وإيمانه وليس الأمر كذلك.
إذن لا بد لنا هنا من وقفة تحدد طبيعة تعاملنا مع كل من الوسواس القهري والوسواس الشيطاني.
فالأخير علاجه معروف ومقاومته واضحة المعالم في أصول الشريعة من الكتاب والسنة.
وبه يفتي علماء الشريعة وطلبة العلم السالكين طريق الله - تعالى - في كيفية مقاومة الشيطان والتغلب على وسوسته بـ:
ـ الاستعاذة.
ـ والأذكار.
ـ والقرآن وغيرها من العبادات.
ـ وكذا الصحبة الصالحة.
ـ والعلم الشرعي النافع الذي يدفع هذه الوسوسة.
أما النوع الأول: فلا بد من اللجوء فيه إلى أهل الاختصاص والذكر، وهم الأطباء النفسيون ليوضحوا لنا كيفية العلاج.
وهذا يقودنا إلى الحقيقة الرئيسية في موضوعنا هنا ألا وهي:
أن الوسواس القهري مرض نفسي لا دخل للمريض في الإصابة به، ولكنه ابتلاء مثل غيره من الابتلاءات التي تصيب العباد، تختلف أشكالها وتتعدد أنواعها، وألوانها، ولكن تتحد كلها في مشقتها ومعاناتها ولزوم الصبر عليها، والأخذ بالأسباب لدفعها والتخلص منها، وتحصيل الشفاء المأمور به شرعًا.
وقد أفاد الأطباء المتخصصون أن نسبة الشفاء من هذا المرض في ازدياد متصاعد مع استمرار التقدم العلمي الطبي في هذا المجال، بشرط الصبر والمتابعة والإشراف الطبي. وتصل حاليًا إلى الشفاء التام لنسبة لا تقل عن 60% ونسبة تتحسن بدرجة كبيرة لا تقل عن 80%.
إن مرضى الوسواس القهري ممتحنون في صبرهم وإيمانهم بالله - تعالى - وثقتهم فيه - سبحانه -، ويا له من امتحان شاق ينال الصابر عليه والفائز فيه بإذن الله - تعالى - عظيم الأجر والثواب، وفي الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: \' إن من العباد عبادًا أعد الله لهم المنزلة في الجنة لا يبلغونها بعملهم، فلا يزال الله - تعالى -يبتليهم حتى يبلغونها بصبرهم \' فهنيئًا لمن صبر وثبت وأخذ بالأسباب، فحرص على علاج نفسه فهذا الصابر حقًا الصبر الجميل.
الجزء الأول
يا الله \'واحد من كل أربعين\' الحمد لله!!! [1]
جعلنا الله - تعالى - وإياكم من أهل الصبر والثبات اللهم آمين.
وإلى لقاء قريب في سلسة نحن والوسواس معا حتى نقضي عليه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد