بسم الله الرحمن الرحيم
تحدثنا في العدد الماضي عن الآلام التنظيمية المتصاعدة العشرة الأكثر شيوعاً وهي:
1. أن يشعر الموظفون أنه \"لا يوجد ساعات كافية في اليوم\".
2. أن يمضي الموظفون وقتاً طويلاً في\" إخماد النيران\"
3. عدم توفر معلومات لدى الموظفين عن ما يقوم به الآخرون.
4. عدم دراية العاملين في الشركة إلى أين تتجه شركتهم.
5. القليل جداً من المدراء الجيدين.
6. أن يتملك الموظفين شعور المسؤولية المطلقة: \"يتوجب علي القيام بالعمل بنفسي إذا أردت أن يتم على أكمل وجه\".
7. تقييم الموظفين للاجتماعات على أنها ليست أكثر من مضيعة للوقت.
8. القليل جداً من المتابعة عند وضع المخططات، وبالتالي لا يوجد إنجاز.
9. العامل أو الموظف لا يأمن على ثباتية مكانته في الشركة.
10. تستمر الشركة بالنمو في المبيعات ولكن ليس في الأرباح.
وتناولنا في العدد الماضي الخمسة الأولى منها ونتابع معكم اليوم بقية هذه الآلام:
6. أن يتملك الموظفين شعور المسؤولية المطلقة: \"يتوجب علي القيام بالعمل بنفسي إذا أردت أن يتم على أكمل وجه\".
عندما يتزايد الشعور بالإحباط لدى الموظفين بسبب ما يلقونه من صعوبة في إنجاز الأمور ضمن التنظيم يتملكهم الشعور بأنه \" يتوجب علي القيام بالعمل بنفسي إذا أردت أن يتم على أكمل وجه\" هذا التناذر، الذي يشبه فقدان مهارة التنسيق، ينتج عن عدم الوضوحية في تحديد الأدوار، والمسؤوليات والروابط بين هذه الأدوار.
وكما ناقشنا سابقاً، عندما لا تكون الأدوار والمسؤوليات محددة بشكل واضح، يتناول الموظفون والأقسام العمل بشكل عشوائي لأنهم لا يعرفون مسؤولية من بالتحديد ذلك العمل الذي أوكل للمجموعة، كذلك، قد يقومون بالأعمال بأنفسهم ليتجنبوا الصدامات المتوقعة، فمن المحتمل أن يرفض الشخص أو القسم القيام بالعمل الذين يريدون تفويضهم به.
إن العمل في ظل هذه الفلسفة يعني أن تنعزل الأقسام عن بعضها البعض، ويصبح الأداء الفريقي \"ضمن فرق\" في حده الأدنى، فكل جزء من الشركة يقوم \"بأعماله الخاصة\" دون أخذ المصلحة العامة بعين الاعتبار.
ينخفض مستوى التواصل بين الإدارة والمستويات الأدنى في التنظيم من جهة، وبين الأقسام من جهة أخرى إلى مستواه الأدنى، لأن التنظيم لا يحتوي على نظام رسمي يتم تداول المعلومات من خلاله.
7. تقييم الموظفين للاجتماعات على أنها ليست أكثر من مضيعة للوقت.
مع الشعور بالحاجة إلى اتصال وتنسيق أفضل بين أقسام وأفراد التنظيم، قد تبدأ التنظيمات الآخذة بالنمو بعقد الاجتماعات. للأسف، لا تكون هذه الاجتماعات في العديد من التنظيمات أكثر من مناقشات تدور بين الموظفين. لا يوجد مفكة منظمة، وغالباً ما لا يكون لديهم قائد منظم، نتيجة لذلك تصبح الاجتماعات متاحة للجميع، وعائقاً لا نهاية له، نادراً ما يتمخض عن قرارات. يشعر الموظفون بالإحباط مما يجعلهم في النهاية يقررون أن \"اجتماعاتنا لا تعدو أن تكون مضيعة للوقت\".
على سبيل المثال، بعد أن التحق جون سكاللي بشركة آبل حضر اجتماع إدارة في باجارو دونيز كاليفورنيا. وفي حين كان سكاللي يحاول التركيز على المواضيع الاستراتيجية، لم يحقق النجاح المطلوب في السيطرة على النقاشات الدائرة. كان الإجراء التقليدي لهذه المجموعة هو أن يقول الأعضاء كل ما يخطر ببالهم بغض النظر عن القاعدة الحقيقية للاجتماع أو علاقة ما يقال ببنود الجدول الخاص بالاجتماع. والنتيجة صعوبة في تحقيق الهدف المرجو من وراء هذه الاجتماعات بسلوكيات فعالة.
مثلب آخر لهذه الاجتماعات يتمثل في عدم متابعة القرارات المتخذة. على سبيل المثال تجدول بعض الشركات اجتماعات شهرية وسنوية ويتم فيها اتخاذ قرارات بشأن الموظفين والأقسام والتنظيم بشكل عام. في حال تجاهل الموظفون أهداف هذه الاجتماعات وأهملوا تنفيذها فلن تكون هذه الجلسات أكثر من إضاعة للوقت.
مثال آخر على استخدام الاجتماعات بشكل غير فعال يظهر في عملية تقييم الأداء. في معظم التنظيمات الآخذة بالتحول نحو الإدارة المحترفة، يأتي تقييم الأداء بشكل نقاشات بين المرؤوسين والمشرفين.
هنا قد لا تتقرر الأهداف الموضوعية للأداء، ولو تم تقريرها فقد لا تراقب من قبل الموظف أو المدير على حد سواء. يحاول المدراء في هذه الشركات تجنب تقديم التغذية الراجعة السلبية، ولكن دون هذه التغذية الراجعة لن يتعلم الموظفون كيف يحسنون أداءهم، لأن القليل من المعلومات الحقيقية فقط يتم تبادلها. إن اجتماعات تقييم الأداء مضيعة لوقت كل من الموظف والمدير على حد سواء.
8. القليل جداً من المتابعة عند وضع المخططات، وبالتالي لا يوجد إنجاز.
معلم آخر من معالم معاناة رب العمل من الآلام المتصاعدة هو عدم وجود متابعة بعد أن وضع الخطط. مع تنامي إدراك الحاجة إلى التخطيط، قد يعمد رب العمل إلى إدخال عملية التخطيط ضمن فعاليات التنظيم. ينهمك الموظفون في حركة تحضير خطط العمل، إلا أن الأشياء التي تم التخطيط لها لا يُعمل على تنفيذها. في إحدى الحالات المدهشة لم تتم متابعة الخطة الموضوعة لسبب بسيط وهو أن الخطة بقيت حبيسة الأدراج سنة كاملة، وعندما حان وقت وضع خطط السنة الجديدة وسئل عن هذه الخطة، أجاب أحد المدراء من المستوى الأعلى: \"آه، إنها في درجي، حتى أنني لم أنظر إليها! \"
في بعض الحالات لا يوجد متابعة لأن الشركة لم تعتمد أنظمة مناسبة لمراقبة الأهداف. على سبيل المثال، ترغب العديد من الشركات بمراقبة الأهداف المالية، إلا أنها لم تطور نظاماً حسابياً يمكن أن يقدم معلومات لهذا العمل.
في حالات أخرى، لا تحدث المتابعة بسبب عدم تلقي الموظفين التدريب الملائم في الإعداد والمراقبة وتقييم الأهداف. هم يضعون أهدافاً لا يمكن إنجازها ولا يمكن قياسها، أو أنهم لا يعرفون كيف يقيّمون ويضعون التغذية الراجعة المفيدة على تنفيذ الهدف. غالباً ما تظهر هذه المشكلات في عملية تقييم الأداء.
9. العامل أو الموظف لا يأمن على ثباتية مكانته في الشركة.
نتيجة لبعض الآلام التنظيمية، يبدأ الموظفون يشعرون بعدم الأمان...وجودهم ضمن التنظيم غير آمن.. مهدد. نموذجياً مع تصاعد المشكلات التي تواجهها الشركة يبدأ القلق يستبد بصاحب العمل مما يدفعه إلى استئجار مدير من الوزن الثقيل من الخارج. غالباً ما يترافق هذا التصرف بطرد مدير أو مديرين من المدراء الموجودين في الشركة، هنا ينتقل القلق إلى الموظفين لأنهم لا يفهمون أسباب هذا التصرف والتغييرات الأخرى التي تجري من حولهم. وعندما ترتفع وتيرة القلق ينتج عنها مشكلات معنوية ومادية لا يستهان بها.
قد يشعر الموظفون بعدم الأمان أيضاً لأنهم غير قادرين على استيضاح قيمة وجودهم ضمن الشركة، وهذا بدوره يحدث عندما يفاجأ الموظفون بتسريحهم أو تسريح زملائهم من العمل بالرغم من استمرار جو الغموض الذي يلف المسؤوليات والأدوار. هنا يبدأ الموظفون يتساءلون \"هل أنا التالي\"؟ وفي محاولة لحماية أنفسهم يعمدون إلى انتحاء منحى السرية فيحيطون أنفسهم وأعمالهم بجو من السكون. هذا يؤدي إلى العزلة والانخفاض في مستوى عمل الفريق، وتنتقل العدوى نحو الأقسام فتنشر العزلة عباءتها على أقسام الشركة ككل لأن كل قسم يخشى من إمكانية إلغائه فيعمل العاملون فيه على حماية أنفسهم. يؤدي هذا ببساطة إلى خلق نوع من الانفصام بالشخصية لدى الموظفين حينما يبدأ أحدهم يتساءل: \"هل أنا مخلص لقسمي فقط أم للشركة ككل؟
10. تستمر الشركة بالنمو في المبيعات ولكن ليس في الأرباح.
إذا تلاشت جميع الآلام السابقة، تظهر أعراض ألم أخير. في بعض الأحيان يستمر منحنى المبيعات بالصعود، بينما تبقى الأرباح قليلة، وبهذا تنجح الشركة فقط في زيادة عبء الأعمال عليها. في أسوء الحالات تستمر المبيعات بالصعود بينما تأخذ الأرباح بمجموعها في الانخفاض، بعض الشركات تبدأ بخسارة أموالها دون أن تعرف لماذا. إن خسارة العمل أمر وارد جداً بالرغم من تصاعد المبيعات. هناك العديد من الأمثلة التي تواجهها هذه المشكلة بما فيها شركة آبل، ماكسي كير، مختبرات فانغ، وأوزبورن للكمبيوتر.
في عدد من الشركات يكون منشأ تناقص الأرباح فلسفة ضمنية تضغط على المبيعات. قد يقول العاملون في شركات كهذه \"إذا كانت المبيعات جيدة فالأرباح ستكون جيدة\" أو \"ستتكفل الأرباح بنفسها\". الأرباح في هذه الشركات ليست هدفاً واضحاً، ولكن أي شيء يبقى بعد طرح النفقات. في الشركات التي تشجع مبدأ المبيعات يعتاد العاملون فيها على تخصيص الكثير من النفقات على الترويج، ومن جهة أخرى يقوم المسؤولون فيها بمكافأة من يحقق أهداف المبيعات لا من يحقق أهداف الفوائد!
النتيجة:
يعتقد البعض أن حل مشاكل النمو يكمن في تجنب النمو بحد ذاته، إلا أن الأمر أعقد من ذلك، فما أن يتم إنشاء الشركة حتى يصبح النمو أمراً حتمياً، فإما أن تنمو وإما أن تموت. على كل حال، يستطع المدراء أن يسيطروا على معدل النمو، إلا أنه من غير الواقعي محاولة البقاء ضمن حجم معين أو التوقف في مرحلة معينة من مراحل التطور. هذا يعني أن نتعلم كيف ندير النمو والتحول المحتوم الذي تحتاجه شركاتنا. يجب أن يتعلم مدراء الشركات الآخذة بالنمو كيف يتحسسون الآلام التنظيمية ويتخذون الخطوات الضرورية للتخفيف منها، بحيث تتمكن من الاستمرار في العمل بشكل ناجح.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد