بسم الله الرحمن الرحيم
هناك دائماً لمسات و أفكار صغيرة في محتواها و متطلباتها و لكنها عظيمة في نتائجها و آثارها. ففي البحوث و التطوير و الإنتاج و التسويق و التوزيع و إدارة الموارد المالية و البشرية.. تكون بعض الأفكار أكبر آثراً و أعظم نتيجة من أصول و موارد و آلات و ديكورات تكلف الملايين. ولأن الأفكار الناجحة تـتولد في الدماغ البشري أصبحت إدارة الأعمال الناجحة نـتاج لفكر و إبداع و لمسات القائد المبتكر سواء كان مالكاً أو مديراً أو عضو مجلس إدارة مؤثر أو مستشاراً خارجياً أو حتى مسؤول صغير في المستويات الإدارية المختلفة.
يقول أحد رجال الأعمال أن مستشاراً يعمل في مجال بعيد جداً عن مجال أعماله و استـثماراته قد ساعده في توفير أكثر من مليون ريال في أحد المصانع بسبـب فكرة تبدو في ظاهرها بسيطة جداً و بديهية للغاية ولكنها في توفير التكاليف خارقة للعادة!! و يقول أخر أنه اسـتـفاد من أفكار بسيطة زوده بها صديقه المتخصص في الصيدلة لتحقيق نمو كبير في مبيعات شركته المتخصصة في الخدمات الغذائية.
من هاتين الحكايتين نستفيد درسين عظيمين.
الدرس الأول: يقول إن إدارة الأعمال تستـفيد من الأفكار الناضجة أكثر من أي شيء أخر ليس فقط في حالات التجديد و التطوير التي لا تستغني عن الأفكار بطبيعة الحال و لكن أيضا في حالات الإدارة اليومية للمنـشأة أو حالات التسيير الاعتيادي للأعمال و النشاطات. أداره الأعمال التي تبدو مثل شبكة مهولة من العلاقات و التـشابكات و التعقيدات هي في حقيقة الآمر و بصورة مبسطة مجرد (بحث يومي) عن كل ما يساهم في تخفيض التكاليف أو تعظيم المداخيل (المبيعات). أذن، أية فكرة تنجح في دعم هذا البحث اليومي و توصيله إلي مبتغاه هي فكرة بمليون فائدة.
الدرس الثاني: يتعلق بأهمية\"المزج\"في توليد الأفكار الجيدة. فعندما يأتي شخص من مجال بعيد عن نشاط شركة ما أو مصنع معين فأنه يملك فرصة ذهبية لعمل ما يسمى بـ\"الإسقاط\"، و الذي يعني أن هناك دائماً مجال لتطبيق بعض الأفكار المفيدة و استنساخ بعض المفاهيم الجيدة في مجال تخصص شخص أو مستشار يبدو غريباً عن الشركة آو المصنع و لكنه في الحقيقة (خبـيراً) في المشكلة أو المسألة محل النظر. هناك دائماً عوامل مشتركة في المسائل المعلقة تحفز الاجتهاد و توليد الأفكار للتطوير أو المعالجة.
في مسألة توليد الأفكار، الملاحظ أن شركاتنا و مؤسساتنا الوطنية تعيش حالة من الانغلاق عن المحيط الخارجي و ما يعج به من مبدعين و مفكرين و مؤسسات متخصصة فتكون منعزلة في أفكارها التي تقترب من فصيلة الأفكار المعلبة و (الشطحات) التي لا فائدة منها. الفردية في التفكير كما الفردية في الإدارة تجعل الوضع رتيباً و الأفكار بليدة تمتلئ حد التخمة بالتقليد المفرط و أحيانا الاستنساخ على عواهنه.
ينظر إلى تطوير الأعمال لدى أغلب شركاتنا و مؤسساتنا كوظيفة (داخلية) و مهمة شخص (بيروقراطي) يغرق في الملفات والأوراق و الصادر و الوارد فيضيع التطوير في (معمعة) العمل اليومي المرهق. و ليست و حدات البحث العلمي و مراكز البحوث و التطوير في بعض الجامعات و مراكز البحث العلمي المعروفة استثناء من القاعدة و لذلك نجد أننا في موضوع التجديد و التطوير نأتي في أخر الركب.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد