بسم الله الرحمن الرحيم
أصبح علم الإدارة في العالم يحتل مرتبة هامة بين العلوم والمعارف الأخرى، ولم تقتصر الحاجة إليه على فئة معينة من الإداريين أو التنفيذيين، بل أصبح هذا العلم ضرورة ملحة يحتاجه رجل الاقتصاد و رجل الأمن والمعلم والمربي والعامل وحتى المرأة في بيتها لا تخلو من حاجتها لهذا العلم، وتبرز أهميته عندما نريد فعلاً النجاح في حياتنا وتطوير وتحسين إنتاجيتنا العلمية و العملية.
ولعلي قد بالغت في تضخيم أهمية علم الإدارة، لكن المتأمل في آثاره و نتائجه يعلم قطعاً بأهميته على مستوى الأمم أو الأفراد، ولعل السبب الذي أوصل بعض الأمم كاليابان أو المانيا إلى ما وصلت إليه من حضارة وتقدم وذلك عقب خسارتها في الحرب العالمية وتحطم بنيتها التحتية، هو تخطيطها السليم لتلك الأهداف المحددة التي أرادوا إنجازها، وتفننهم في إدارة جميع قطاعاتهم الحكومية لتخدم تلك الأهداف التي يسعون لها، مع استشرافهم للمستقبل لنظرة ملؤها الأمل والتفاؤل، ويكفي لنعرف مقدار هذا التخطيط الإداري الذي وصلوا إليه أن شركة تجارية يابانية قد وضعت لها أهدافاً مستقبلية للمائتين والخمسين سنة القادمة.
فالعالم من حولنا يتطور و بصورة مذهلة و سريعة، فلم تعد الأمية اليوم هي الجهل بالقراءة و الكتابة بل أن الجهل بنظم المعلومات ووسائل طرق الاتصال الحديثة يعتبر من أعظم صور التخلف والانحطاط.. ولا أخفيك أخي القارئ كم ينتابني شعور من الفرح وأنا أدخل بعض المرافق الحكومية لأرى ما يدهش من تطوير وتحديث للمباني و الأجهزة و النظم، ولكن.. كم يزاحمني من مشاعر الحزن والأسى أن لا أجد من يبارك تلك الجهود المشكورة للحكومة بتطبيق تلك النظم، وتحسين مستوى الإدارة، ورفع كفاءتها، وتطوير العاملين بها، ليكونوا على مواكبة تامة لهذا التطور، حتى يشعر كل موظف في إدارة أو مرفق ما أن ما يقوم به من خدمة أو عمل إنما هو بيته وداره يبنيها بكل دقة وأمانة، ومستقبل إدارته هو مستقبله وأهدافها هي أهدافه.
وفي تصوري أن مجتمعاتنا بحاجة ماسة إلى شيوع حسن الاهتمام بالمستقبل بين أفرادها على اختلاف مستوياتهم ليواكبوا هذا التقدم السريع بشيء من الأصالة و المعاصرة، مع العلم أن المسلم في تكوينه العقدي إنسان مستقبلي من الطراز الأول، بينما الملاحظ أن المجتمعات حين تكون في حالة شيخوخة أو ركود فإنها حين ذاك تشبه الإنسان في آخر حياته حيث يكثر من حديثه عن الماضي ويكون المستقبل بالنسبة له عبارة عن هم ليس أكثر!
ومن واجب الدوائر الأوسع ثقافة ـ النظر إلى الغد ـ ليشترك الجميع أفراداً كانوا أو مؤسسات في تقديم ما يملكون من جهود و أعمال ليساهموا بها في تنفيذ الخطط العامة والسياسات المستقبلية للدولة.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد