مثلما عاد الإسلام يتميز من جديد نظاماً وحياة- عاد كذلك الأدب الإسلامي يتشكل ويشق طريقه الفذ شعراً ونثراً ونقداً أدبياً ودراسات تطبيقية. ولقد آن الأوان لرصد هذا التيار وتبين معالمه وتحديد صواه، للتعرف عليه وتقدير فاعليته، وتقويم مراحله وفنونه واستشراف مستقبله ولفت الانتباه إلى جوانبه الكابية والمشرقة. وهذا المقال لا يزعم النهوض بهذه المتطلبات جميعاً ولا ببعضها، لأن ذلك يقتضي دراسات مستفيضة ومكاناً غير هذا، لكن البداية لابد منها مهما كان حظها من التوفيق.
ما الأدب الإسلامي الذي نتناول مكتبته؟
أجاب على التساؤل كتب عدة مثل (النقد الأدبي أصوله ومناهجه) و(منهج الفن الإسلامي) و(الإسلامية والمذاهب الأدبية)، وأجمعت على أنه ليس أدب صدر الإسلام المعروف تاريخياً وحده، ولا الأدب الذي كتب في ظل العصور الإسلامية جميعاً بلا تمييز. ولا ذلك الأدب الذي يدور حول موضوعات إسلامية، ولا أدب المواعظ.. بل هو التعبير الموحي عن قيم الإسلام الحية التي ينفعل بها المسلم، وتنبثق عن تصور الإسلام للحياة، والارتباطات فيها بين الإنسان والله - تعالى -، وبين الإنسان والكون، وبين بعض بني الإنسان وبعض.
على ضوء هذا التعريف المحكم نجدنا أمام نتاج خصب ضخم، يمتد في الزمان والمكان، من ظهور الإسلام حتى يومنا، وفي الأدب العربي وغير العربي كالفارسي مثلاً. كما يتجلى في مختلف الأنواع والفنون الأدبية من شعر وقصة ومسرح ومقالة وخطبة ورحلة وسيرة ونقد أدبي ودراسة، ولسنا هنا هنا- بسبيل استقصاء أبعاد هذا الحيز الكبير، لاسيما الحيّز التاريخي، لكننا سنهتم ما أمكن بالجانب المعاصر، أو بما يؤثر منه في زمننا بشكل أو بآخر، كالتراث المنشور حديثاً.
1- الشعر الإسلامي:
بالنسبة للشعر القديم نشر ديوان الشاعر العباسي علي بن الجهم(1) كما نشر ديوان الإمام الشافعي(2)، لكن تحقيق ديوان الإمام الشافعي دون تحقيق ديوان ابن الجهم، أما في الشعر الحديث فسنتجاوز الذين ساهموا بنصيب قليل لنمر بمن وقفوا شعرهم أو جلّه للإسلام أمثال عمر بهاء الدين الأميري (مع الله(3)، ألوان طيف، الهزيمة والفجر، ملحمة الجهاد) ومحمد علي الحوماني (أنت أنت(4)، النخيل(5)) وهاشم الرفاعي (ديوانه(6) ومحمود حسن إسماعيل (قاب قوسين(7) ونار وأصفاد) وصالح آدم يبلو (الزيتون) والقاضي محمد محمود الزبيري (ثورة الشعر(8) قصائده المتفرقة) ومحمد المجذوب (نار ونور)(8م) ومحمد منلا غزيل (في ظلال الدعوة(9)، الصبح القريب(10)، الله والطاغوت(11)، اللؤلؤ المكنون(12) ووليد الأعظمي (الشعاع(13)، الزوابع(14)، أغاني المعركة(15) وهارون هاشم رشيد (أرض الثورات(16) عودة الغرباء(17) غزة في خط النار(18) وأحمد محرّم (ديوان مجد الإسلام أو الإلياذة الإسلامية(19). ومحمد الحسناوي (ملحمة النور، عودة الغائب، في غيابة الجب).
ينفرد كل شاعر من هؤلاء بميزة، فالأميري بالنزعة الروحية الصوفية، والحوماني بالتدفق العاطفي تارة وبالتحدي تارة أخرى، والرفاعي بالفداء وحسن إسماعيل بالخيال الوثاب واللحن الشرود، والبيلو بالعفوية، والزبيري بالحماسة والثورة، والمجذوب بالتأملات والأناشيد، وغزيل بالحرارة والأمل، والأعظمي بالدعوة، ورشيد بالإصرار على استرجاع فلسطين، ومحرم بالتأريخ لأمجاد الإسلام العظيم، على تفاوت فيما بينهم في الجودة الفنية.
وبالمقابل لا يخرج هؤلاء الشعراء عن اللغة الفصحى والأساليب الجزلة وأوزان البحور التي عرفها القدماء والقافية الموحدة غالباً، فكأنهم بحق حماة العربية والذادة عن حياضها، وفي هذا ما فيه من حفاظ على لغة القرآن وتواصل مع الأجداد العظام، وتنكب عن آفة العجمة والتقليد الذميم للآداب الأجنبية، لكن هذا لم يمنعهم من التحرك الحي في هذا الإطار، فنوّع بعضهم في الأوزان، أو عدّد القوافي على شكل الموشحات، وجدّد في الأخيلة والموضوعات، بل تكاد تكون أكثر موضوعات الشعر الإسلامي الحديث جديدة على الأدب العربي، وإن كان المضمون إسلامياً! لكن هذه الحركة الحية ضمن الفصاحة وإن كانت في تقدم- لا تزال في أشواطها الأولى، لذلك لا يستغرب أن يضربوا جميعاً على وجه التقريب- عن الشعر الحديث (شعر التفعيلة) على الرغم من سبق الأديب المسلم علي أحمد باكثير إليه لما كتب مسرحية أخناتون ونفرتيتي عام (1938) بهذا اللون من الشعر قبل بدر شاكر السيّاب ونازك الملائكة بعشر سنوات، ولعل في قصر باكثير هذا الشعر على المسرح وإضراب الآخرين عنه إلى اليوم مما يوحي بأن الشعر الإسلامي لا يرضى عن شعر التفعيلة إلا في المسرح، لكن هل هذا هو الجواب الأخير، وهل هو الفتوى الواعية المتروية؟ الحق أن الأمر يحتاج إلى درس نقدي جاد لا إلى أمزجة فردية، فمن يفعل؟
أين المسرح الشعري الإسلامي؟ إن المسرح الشعري ضئيل في الأدب العربي، وفي الأدب الإسلامي كذلك.
من الشعر الإسلامي شعر بالفارسية لا يخرج عن تعريف الأدب الإسلامي. نعرف منه ما ترجم إلى العربية مثل أشعار إقبال (روائع إقبال(20). درر من شعر إقبال(21)، ديوان الأسرار والرموز(22)، ضرب الكليم(23) و(المثنوي(24) لجلال الدين الرومي و(فصول من المثنوي(25) و(مختارات من الشعر الفارسي(26) و(روائع الشعر الفارسي(27)) و(البستان(28) لسعدي الشيرازي.
إن من يقرأ في الشعر الإسلامي الفارسي تبهره القمم الروحية الشاهقة التي شادها مسلمو الفرس من كتب بلغتهم أمثال محمد إقبال - رحمه الله -. تلك القمم التي لا نجد لها مثيلاً في أدبنا العربي ولا في شعر متصوفتنا، لكن ما ترجم منها، وما درس أقل مما يجب.
2- المسرح الإسلامي:
المسرح يكاد يكون فناً جديداً، ويكاد يستقل بالمسرح الإسلامي علي أحمد باكثير غزارة وجودة(29). كان ينوي باكثير أن يكون فقيهاً فصار أديباً مسرحياً، أصله من حضرموت، ولد في أندونيسيا عام (1910) استوطن مصر. كتب في الشعر والقصة والمسرح، اشترك في سبع مباريات أدبية فاز فيها جميعاً بجوائز القصة والمسرحية. يحتل مقام الصدارة في المسرح العربي بعد توفيق الحكيم مباشرة، نشر له حتى الآن ما يقارب أربعين مسرحية كبيرة. آخر إنتاجه الملحمة الإسلامية الكبرى (عمر) من تسعة عشر جزءاً(30) و(دار ابن لقمان)(31) و(إله إسرائيل)(32) و(هاروت وماروت)(33) و(جلفدان هانم)(34).
يجمع باكثير بين المضمونات الإسلامية والمستوى الفني الرفيع، كما ألمعنا: وهو وإن غلب عليه المسرح التاريخي- يكتب في المسرح السياسي والاجتماعي جاداً وساخراً على حد سواء. لم ينزلق إلى العامية ولا إلى الدجل الرخيص، لذلك حجبت عنه الأضواء عن عمد.
إن هذا الرجل ينهض وحده بعبء كبير في ميدان جديد خطير، له أهميته البالغة في عصرنا إذ هو مادة المسرح والسينما والتلفزيون والإذاعة فضلاً عن الصحف والكتب وأجهزة الثقافة الأخرى.
3 - القصة الإسلامية:
ممن كتب في القصة الإسلامية علي أحمد باكثير وا إسلاماه(35)، الثائر الأحمر(36)، وعبد الحميد جودة السحار (همزات الشياطين، أرض الله، المسيح ابن مريم)، ونجيب الكيلاني (الذين يحترقون، النداء الخالد) ومحمد المجذوب (فارس غرناطة وقصص أخرى(37)، قصتان من الماضي(38)، قصص من مجتمعنا(39)، بطل إلى النار)، وعلي الطنطاوي (قصص من التاريخ(40)، قصص من الحياة(41)) وأمينة قطب (في الطريق(42)، في تيار الحياة (43)، ويوسف العظم (أيها الإنسان)، وإبراهيم عاضي (سلة الرمان، حادثة في شارع الحرية، ولهان والمتفرسون). ومحمود مفلح (إنهم يطرقون الأبواب، المرفأ والقارب)، وحيدر قفة (ليل العوانس، هناك طريقة أخرى). وعبد الله الطنطاوي (ذرية بعضها من بعض). ومحمد السيد (شاطئ الرؤى الخضر، والمطر المر). ومحمد الحسناوي (الحلبة والمرآة، بين القصر والقلعة، بلد النوابغ). ومحمد حسن بريغش (الشيخ والزعيم).
احتلت القصة الإسلامية في القرآن الكريم حيزاً كبيراً ومقاماُ عالياُ، وهي أول نموذج فني للقصة في الأدب العربي، لكن العرب لم يفيدوا من مقوماتها الفنية حتى استمدوا أكثر أصولها اليوم عن الأدب الأجنبي. وعلى القصة الإسلامية الحديثة أن تسترد قصب السبق، وتفيد من مزايا هذا الفن الجماعي الآسر.
4- الخطبة الإسلامية:
الخطبة أو المحاضرة لون من ألوان الأدب القديم، لا سيما في الأدب الإسلامي، كان وما يزال ركنا من أركان الدعوة الإسلامية، لكن الكثير من الخطب الحديثة لم يجمع، أما ما جمع على قلته فلم يدرس أدبياً، والتقصير لا يجوز في حق الخطباء المصاقع الذين أظلهم عصرنا.
5- المقالة والخاطرة الإسلاميتان:
للأدب الإسلامي نصيب وافر من هذين اللونين، فإذا تجاوزنا المقالات الفكرية ذات الطابع العلمي الموضوعي، وتفرغنا للمقالات الأدبية الصرف.. برز لنا عمالقة أمثال مصطفى صادق الرافعي (وحي القلم)(44) وعلي الطنطاوي (من حديث النفس(45)، صور وخواطر(46)، فصول إسلامية (47)، والدكتور عبد الوهاب عزام (الأوابد(48) وسيد قطب (دراسات إسلامية)، وأمير البيان شكيب أرسلان.
لعل من المناسب أن نشير إلى الأمور التالية:
أ - غلبة النثر بعامة في هذا العصر، في آداب العالم أجمع، على الشعر.
ب - ازدياد أهمية النثر العربي على الشعر عبر العصور الأدبية السالفة لأسباب أهمها: ظهور الإسلام، وما استتبع ذلك من استقرار الحياة العربية وانتشار العلم والمدارس والدواوين.
ت - قصور كتب تاريخ الأدب ومناهج التعليم عن توضيح الظاهرة الأخيرة، مما نجم عنه الاهتمام بالشعر من دون النثر، وأثر الإسلام في النثر أقوى منه في الشعر، فضلاُ عن أن الشعراء والناثرين الذين يعرضون لأجيالنا ليسوا على ما يرام. فهناك نفر من الدارسين يغفل عامداُ القرآن الكريم والحديث الشريف بحجج أوهاها الزعم بأن القرآن ليس بشعر ولا بنثر بل هو قرآن!
ولهذا وغيره تظهر أهمية كتاب (مختارات من أدب العرب- قسم النثر(49) لأبي الحسن الندوي، و(باقة الزهر) لسيد سابق.
6- التراجم والسير الإسلامية:
تاريخ الإسلام حافل بمختلف أنواع الرجال الأعلام في الدين والعلم والأدب والفن والمثل العليا. قل أن تجد لهم نظيراُ. نقول هذا القول من غير نغج ولا غرور، ولكنه العصبية للحق إن صح التعبير. كيف لا ورجال الإسلام اليوم يضربون الأمثلة الحية.
مما نشر (علماء في وجه الطغيان(50) للدكتور محمد رجب البيومي و(بطل الأبطال(51) لعبد الرحمن عزام و(محمد إقبال(52) للدكتور عبد الوهاب عزام و(شهداء الإسلام في عهد النبوة (53)) للدكتور علي سامي النشار (ورجال الفكر والدعوة في الإسلام(54) لأبي الحسن الندوي و(رجال من التاريخ (55)) لعلي الطنطاوي و(إقبال الشاعر الثائر. شوقي في ركب الخالدين) للدكتور نجيب الكيلاني.
7- أدب الرحلات:
لون من الأدب الممتع. عرف قديماً كرحلة ابن بطوطة وابن فضلان. واليوم نقع له على نماذج شيقة في الأدب الإسلامي مثل (رحلات عبد الوهاب عزام، الأولى(56)، والثانية (57)) ومذكرات سائح في الشرق العربي(58)) للأستاذ الندوي و(في أندونيسيا (59)) للأستاذ الطنطاوي.
8 - الدراسات الأدبية:
أ- دراسات في أدبنا القديم:
لعل خيرها (في ظلال القرآن. التصوير الفني في القرآن، مشاهد القيمة في القرآن) للشهيد سيد قطب. إنها نموذج عال للدراسات الأدبية الإسلامية تجمع رهافة الحس وكمال التلقي وروعة الأداء إلى جودة المستوى الفني، ولعل السر في ذلك كله كما قال المؤلف - رحمه الله - يرجع إلى(أن المسألة- في إدراك مدلولات هذا القرآن وإيحاءاته ليست فهم ألفاظه وعباراته، ليست هي \"تفسير\" القرآن كما اعتدنا أن نقول! المسألة ليست هذه، إنما هي استعداد النفس برصيد من المشاعر والمدركات والتجارب، تشابه المشاعر والمدركات والتجارب التي صاحبت نزوله، وصاحبت حياة الجماعة المسلمة وهي تتلقاه في خضم المعترك معترك الجهاد.. جهاد النفس وجهاد الناس.. في جو مكة...) (خصائص التصور الإسلامي-ص5-6).
ومنها (من منهل الأدب الخالد دراسة أدبية لنصوص من القرآن(60)) للأستاذ محمد المبارك. كتاب على صغره ينطوي على لمسات طيبة في هذا المضمار.
ومنها(البلاغة النبوية) للدكتور محمد رجب البيومي، الذي نال بهذه الدراسة القيمة درجة الدكتوراه بأعلى مرتبة يمكن أن ينالها دارس جامعي. وأهمية هذه الدراسة أنها عالجت ما درج على إغفاله دارسو الأدب، ألا وهو الأدب النبوي. حيث تتجلى بلاغة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أسلوباً وأغراضاًُ، وطرقاً في التعبير، وألواناً في التصوير لا يسمو عليها إلا القرآن الكريم تنزيل العزيز الحكيم.
ومنها (شعر المخضرمين وأثر الإسلام فيه(61)، الإسلام والشعر(62) للأستاذ يحيى الجبوري. درس في الأول شعراء المدينة من أنصار ومهاجرين، ثم شعراء المعارضة في مكة والطائف، ثم شعر البادية المتأثر بالإسلام، وانتهى إلى خصائص هذا الشعر، من أن شعر المدينة أرقى وأكثر تأثراً بالإسلام من شعر مكة، وأن عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - خلافا للشائع - أبرز عهد حفل فيه الشعر وأينع وزها، لطول عهده، ولأنه كان من نقاد الشعر ورواته المقبلين عليه، ثم بروز شعر الفتوح الذي رددته الأمصار الإسلامية. وفي الكتاب الثاني تحدث المؤلف عن القرآن الكريم والرسول - عليه السلام - من الشعر (والشعر من أسلحة الدعوة).
ومنها، شعر الفتوح الإسلامية في صدر الإسلام(63) للدكتور النعمان عبد المتعال القاضي. في هذا الكتاب يدرس المؤلف جانباً مغفلاً من الشعر الإسلامي الخصب، ويخلص إلى نتائج جديدة عدة، فالإسلام في شعر هؤلاء أظهر من شعراء الحواضر والبادية، وهو- أي شعرهم- إلى وفرته ناضج فنياً (فكأنه يثبت بهذا خطأ الفكرة التي تذهب إلى أن العرب لهوا بالفتوح عن الشعر) (وكأنه خلص الشعر من قيود الجاهلية، وأسلمه إلى العصر الأموي ليتطور فيه تطوراً ملحوظاُ.. واكتسب موضوعات جديدة لم تعرف في الأدب العربي القديم كشعر الحنين وشعر المشاهد الغريبة.. كما يعتبر التطور بوزن الرجز إلى أن يكون قالباً شعرياً ممهداً لما كان بعد من تحديد لهذا القالب عند الرجاز الأمويين... وتظهر فيه آثار الاهتمامات الشعبية.. مما يقربه إلى الناس ويجعل قراءته لذة لا تتيسر لشعر كثير مثله.)
ومنها (علي بن الجهم- حياته وشعره(64) لعبد الرحمن الباشا.
يقول المؤلف: (أما أغراض الشاعر الخاصة، فيأتي في مقدمتها شعره المذهبي الذي عرض من خلاله عقيدته في السياسة والدين، ونافح عما آمن به، وهو غرض لم يخصه الشاعر بقصائد معينة، وإنما جعله مركزاً أدار حوله جل أغراضه، فإذا كان مدح أغلب مدحه بالتدين، والتسنن، وإذا هجا.. وإذا افتخر.. ومن هنا رأينا أن علي بن الجهم يمثل فكرة الالتزام التي يدعو إليها فريق من النقاد المعاصرين) ص 239.
ب- دراسات في أدبنا الحديث:
يتصدر هذا النوع من الدراسات زماناُ وأهمية كتاب (الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر ج1، ج2)(65) للدكتور محمد حسين، ففيه رصد أمين متأن لهذه الاتجاهات، وكشف بصير للمكائد التي حكيت لأمتنا وإن لبست لبوس الأدب والتجديد.
ثم كتابا (أصداء الدين في الشعر المصري الحديث(66)، العامل الديني في الشعر المصري الحديث(67)) للدكتور سعد الدين محمد الجيزاوي. وهما كتابان يكمل بعضهما بعضاً من مطلع النهضة إلى ثورة-52-. مما كشف عنه الكتاب الأول عدم وجود مدائح نبوية في شعر حافظ إبراهيم على الرغم من شيوعها لدى معاصريه، كما أن شعره في الهجرة النبوية كان قبل-1911-، وأنه في العشرين سنة الأخيرة من حياته التي قضاها في الوظيفة لم يقل شيئاً في ذلك. كذلك لم يسهم في إطفاء الفتن التي كان يشعلها الإنكليز بين المسلمين والأقباط إلا بأبيات قلائل.. ثم أنه لم يشر إلى مطاعن \"هانوتو\" و\"كرومر\" وغيرهما إلا في أبيات عابرة ضمن مدائحه للشيخ محمد عبده. أما أحمد شوقي فعلى العكس. كانت القضية الكبرى التي شغلت فكرة شوقي الدينية: إبراز صورة كاملة حية عن الإسلام في طبيعته ومزاياه(391 ص).
كما أظهر الكتاب بعض قصائد لشوقي ليست في ديوانه، ولم يلق أحد إليها بالاً على أهميتها بين قصائده القيمة(394 ص). أما الكتاب الثاني فقد كان أوفر حصيلة لقربه من زمننا. ومما تناوله تطور موضوعات الشعر الإسلامي، واتساعها، وشيوع المطولات والملاحم، وظهور الأهداف، الإسلامية صدى للبعث الإسلامي- الشكل الفني من أسلوب وبناء وتحرر من المحسنات البديعية، ثم تناول المعاني الجديدة والعاطفة والخيال، فضلاً عن شاعر كبير منسي ألا وهو محرم شاعر الإلياذة الإسلامية. والكتابان يوضحان فاعلية الشعر الإسلامي وخصبه وجودته بالإحصاء والتحليل.
ما ذكرناه آنفاُ دراسات عامة متفاوتة، يضاف إليها دراسات جزئية مثل (محمد في الأدب المعاصر (68) للدكتور أحمد كامل زكي وفاروق خورشيد، و(شاعر العروبة والإسلام أحمد محرم(70) لمحمد إبراهيم الجيوشي، و(شوقي شعره الإسلامي(71)) للدكتور ٍ,ماهر حسن فهمي و(شوقي في ركب الخالدين) للدكتور نجيب الكيلاني، و(الأمير شكيب أرسلان- حياته وآثاره(72)) للدكتور سامي الدهان.
9- النقد الأدبي الإسلامي:
كتب في هذا الباب كتابان هما: (منهج الفن الإسلامي(73)) لمحمد قطب، و(الإسلامية والمذاهب الأدبية (74)) للدكتور نجيب الكيلاني. الأول: اتجه إلى الفن الإسلامي كلاً، لكن عنايته انصبت على الأدب الإسلامي، لذلك أدرجناه هاهنا.
يتجه الكتابان إلى وضع قواعد لأصول النقد الأدبي الإسلامي شكلاًُ ومضمونا، وإلى تقويم الأدب الإسلامي القديم متمثلاً في القرآن الكريم بشكل خاص، ثم نماذج من الأدب الإسلامي الحديث.
لدى الموازنة بين الكتابين يلاحظ أن الأول أسبق من الناحية الزمانية، وأكثر عمقاًِ وتماسكاً مع التصور الإسلامي، لا سيما المصطلحات والتعريفات وإرسال الأحكام. أما الثاني فقد انفرد ببعض المسائل مثل(مشكلة اللغة) وابتكر اسما للأدب الإسلامي وهو(الإسلامية) إزاء(الكلاسيكية والرومانسية والرمزية والواقعية والوجودية). إلحاق مختارات شعرية ونثرية بآخر الكتاب. من القضايا التي تناولها المؤلفان: تعريف الأدب الإسلامي الجنس في الأدب الإسلامي-القدر-الفن الجمال- الواقعية- الالتزام-... لكن الكتابين يضربان صفحاًِ عن إبداء الرأي في الشعر الحديث (شعر التفعيلة)
إن كتاب (النقد الأدبي-أصوله ومناهجه)... كتاب نقدي عام، مع ذلك يسعفنا إلى حد ما للتوصل إلى رأي في شعر التفعيلة. يقول المؤلف - رحمه الله -: وأضيف إلى تلك الأمثلة نموذجاً للشاعرة \"نازك الملائكة\" من ديوانها الأخير\"قرارة الموجة\"، وهي تعد رائدة كوكبة من الشعراء في العراق وفي لبنان يمثلون فجراًُ جديداًِ للشعر العربي، قد لا نقر كل اتجاهاته. ولكننا نرى فيه طليعة مبشرة، نرتقب استقرارها على قواعد مطمئنة واثقة). ص52-ط3
وأخيراً نأمل أن تكون هذه الصفحات فاتحة دراسات تفصيلية، وحافزاً لاستكمال الثغرات والاستكثار من هذا الجني الطيب.
ـــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
(1) تحقيق خليل مردم، مطبوعات المجمع العلمي العربي بدمشق.
(2) سلسلة المخطوطات العربية9 جمعه وحققه وعلق عليه زهدي يكن دار الثقافة ببيروت.
(3) مطبعة الأصيل حلب.
(4) دار إحياء الكتب العربية عيسى البابي الحلبي القاهرة.
(5)؟
(6) جمع وتحقيق محمد حسن بريغش.
(7) ط1، مكتبة دار العروبة مطبعة المدني.
(8) ط1، 1382/1962، دار الهنا، 8م المكتبة الكبرى للتأليف والنشر، كتب المقدمة بدوي الجبل.
(9) المطبعة الأهلية في حماه.
(10) ط1 دمشق.
(11) ط1، دمشق.
(12) دار الفكر، دمشق.
(13) الدار الكويتية، ط2، تقديم يوسف القرضاوي.
(14) ط1، دار النذير، بغداد.
(15) مكتبة المنار بالكويت، تقديم المحامي نور الدين واعظ.
(16) المكتب التجاري، بيروت.
(17) المكتب التجاري، بيروت.
(18) المكتب التجاري بيروت.
(19) أشرف على تصحيحه ومراجعته محمد إبراهيم الجيوشي، مكتبة دار العروبة.
(20) دار الفكر بدمشق، الندوي.
(21) لأمير نور الدين داوود، مطبعة المعارف ببغداد.
(22) ترجمة عبد الوهاب عزام، دار المعارف بمصر.
(23) ترجمة عزام، جماعة الأزهر للنشر والتأليف.
(24) الكتاب الأول والثاني للدكتور محمد عبد السلام كفافي، المكتبة العصرية بصيدا.
(25) ترجمة وتقديم عزام، مكتبة الأنكلو المصرية.
(26) اختارها وترجمها ودرسها وقدم لها الدكتور محمد غنيمي هلال، راجع المقدمة أحمد رامي.
(27 28) ترجمة محمد الفراني، وزارة الثقافة والإرشاد القومي في سورية.
(29) من المسرح الذي قدمه غير باكثير نذكر: على أسوار دمشق للدكتور نجيب الكيلاني. دار العروبة.
(30) مكتبة مصر، 1965.
(31) مكتبة مصر.
(32) دار القلم.
(33)
(34) مكتبة مصر.
(35) لجنة النشر للجامعيين، مكتبة مصر.
(36) الكتاب الذهبي ع17/953.
(37) مطبعة الكشاف باللاذقية.
(38) دار الدعوة بدمشق.
(39) منشورات مكتبة الإرشاد بحماة.
(40) و(41) دار الدعوة بدمشق.
(42) دار الفكر بدمشق.
(43) دار مصر للطباعة.
(44) ج1، ج2، ج3 المكتبة التجارية الكبرى ط7، ضبطه وصححه وعلق حواشيه محمد سعيد العريان.
(45) دار الفتح بدمشق.
(46) و(47) دار الدعوة بدمشق.
(48) ملتزم الطبع والنشر دار الفكر العربي.
(49) مجموعة تمثل الأدب العربي الإسلامي في جميع مظاهره ومناحيه الأدبية والتاريخية والتهذيبية من العصر الإسلامي الأول إلى القرن الرابع عشر الهجري-مع تراجم /68/ رجلاً دار الفكر الحديث- لبنان. ط2.
(50) مذاهب وشخصيات-ع55- مطابع الدار القومية-القاهرة.
(51) المكتبة العربية بحلب.
(52) سلسلة (1000) كتاب-ع- 273 -دار القلم- تقديم طه حسين ويحيى الخشاب.
(53)
(54)-ط1، مطبعة جامعة دمشق، تقديم الدكتور مصطفى السباعي.
(55) -ط-1، دار الدعوة بدمشق.
*- دار الكتاب العربي بمصر-ط1- 1379ه/1959م.
(56) ط2، مطبعة الرسالة.
(57) ط1- مطبعة الرسالة.
(58) ط1 مكتبة وهبة.
(59) دار الدعوة بدمشق.
(60) ط1- دار الفكر بدمشق.
(61) منشورات مكتبة النهضة ببغداد- تقديم الدكتور طه الحاجري-ط1.
(62) مكتبة النهضة ببغداد- تقديم الدكتور يوسف عز الدين.
(63) الدار القومية بالقاهرة /1384/هـ.
(64) دار المعرف بالقاهرة- مكتبة الدراسات الأدبية.
(65) ج1، ط2-ج1، ط1-مكتبة الآداب بالقاهرة.
(66) ط1-مكتبة نهضة مصر.
(67) المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب- الدار القومية /384هـ/
(68) المطبعة الدولية الحديثة /1965/.
(70) مكتبة الدراسات الأدبية ع12-دار المعارف بالقاهرة.
(71) الدراسات الأدبية 21-دار المعارف/1960/.
(72) دار القلم- بالقاهرة.
(73) مكتبة النور- طرابلس- ليبيا- 1963م.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد