ضلوع كبريتية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

منذ الطفولة اعتدت أن أحلق بخيالي بعيدا..

خارج تلك الأرض المليئة بالآلام..

أحترق شوقا.. لذلك العالم الآخر..

ذلك الذي رسمته في خيالي..

تحفه الزهور.. و تشع منه كل المعاني الإنسانية..

وشذى الأرواح السعيدة يحلق في عذوبته..

 

أذكر عندما كنت طفلا صغيرا..

رأيت ذلك الشيخ الكبير ملقى على باب إحدى المستشفيات..

سألت والدي بحنق من فعل ذلك به..؟!

و علمت بعدها أن ابنه ألقاه على باب المستشفى بعد أن ضاق به ذرعا..

يا الله! ابن عاق..!

حلمت.. فقلت في نفسي:

لن أكون هكذا أبدا..

من يملك مثل هذا القلب.. ليفعل ذلك؟!

 

***

و رأيت ذلك المشرد.. يأوي إلى الرصيف..

برجل واحدة..

لا يفتأ يرفع عيناه..

يمد يده في ذل للناس..

حلمت.. فقلت في نفسي:

سأحسن للفقراء عندما أصبح رجلا مقتدرا..

 

***

وعندما أنجزت..

احترقت شوقا..

حلمت بالوصول بسرعة..

امتلكت ضلوعا كبيريتية تحترق لتصل لما تصبو إليه..

 

وعندما نجحت..

حلمت.. و قررت أنني سأساعد غيري على النجاح دائما..

 

***

وعندما ظلمت من قبل البشر..

تذوقت طعم الدموع..

ويا للمفارقة العجيبة..

فقد كانت كحمض الكبريت أيضا..

تبخرت بسرعة..

حلمت.. فقررت أنني لن أظلم أحدا في يوم من الأيام..

 

***

ولكن عندما.. فشلت في إحدى المرات..

لم أجد من يساعدني على النهوض..

انطفأت شموعي و لم أعد أشتم رائحة الاحتراق في ضلوعي..

كل ما تبقى من الكبريت كان مخنوقا في جوفي..

كان مبللا.. لم يسلم من أمطار الحقد..

كل ما أردته هو شعلة واحدة تفجر ذلك الجمود..

بحثت في الماضي..

فحلمت........

وحلمت........

وأخيرا...

تمكنت من إشعال شمعتي..

ضممتها من تلك الأمطار..

وأسلمتها لفتيل يدعى الأمل..

وهذه المرة بعدما حلمت و حلّقت..

قررت أنني لن أفشل مرة أخرى..!

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply