يتساءل الكثيرون هل هناك أدب إسلامي.. ويضعون معادلة صعبة حين يقولون وهل ما عدا الأدب الإسلامي أدب كافر؟ ولهؤلاء نقول إن تاريخ الأدب العالمي قد عرف ما سمي بالأدب الوجودي من خلال الروايات التي كتبها الفيلسوف سارتر وفي أدبنا العربي بعض روايات أنيس منصور، وكذلك عرف التاريخ الأدب الاشتراكي من خلال منظريه المنتشرين في أرجاء العالم.. وعرف التاريخ أنواعا أخرى من الأدب التي تدعو إلى فكر معين.. ذلك لأن الأدب (بشتى ضروبه: رواية، شعر، نقد..الخ) يعتبر من أهم وسائل نقل الفكرة وتوصيلها إلى أكبر عدد من الناس على اختلاف ميولهم وأذواقهم ولا شك أن الإسلام من أرسخ العقائد في النفوس لأنه دين الفطرة فلماذا لا يكون هنالك أدب يدعو إلى هذه الفكرة دون أن يخلطها بغيرها من الأفكار.
يخطئ الكثيرون حين يفهمون أن الأدب الإسلامي هو الأدب الذي يتحدث عن الميراث ويتكلم عن مصارف الزكاة ونحو ذلك من أمور الفقه أو حين يفهمون أنه هو الأدب الذي يلعن شارب الخمر ويشتم مدمني المخدرات ويسب المتبرجات، ولا يدرون أن خارطة الأدب الإسلامي أكبر وأوسع من ذلك بكثير وأن ميدانها فسيح رحيب يسع الدنيا والآخرة ويشمل الحياة بشتى مجالاتها، فالأدب الإسلامي يتحدث عن الطبيعة ولا يفهم الطبيعة على أنها القمر والبحر والشاطيء بل كما قال الأديب معاوية محمد نور\"ففي الطبيعة خلاف الشواطئ التي وقفت عندها سفن البحارة، أشياء أخرى أرق، وربما كانت الصق وأجدر بالتفات الشاعر فالحجر الصلد الذي يقف في طريقك والشارع الذي تصقله مصلحة التنظيم حيث يعمل جماعة المهندسين والفار الهارب من سفينة خربة والذباب الذي يطن على جيفة وقطعة الحديد التي أكلها الصدأ والخشب الذي نأكل عليه والزرع الذي نلبسه ثيابا، والعصفور الوحيد الذي ينتقل من بيت لآخر، والنمل والنحل وصوت الباخرة وضجيج الترام وخلافها من الأجزاء الحية في الطبيعة، الالتفات إليها أدل على فهم الطبيعة من آلاف القصائد عن البحر والشفق والنجوم\".
والأدب الإسلامي عميق عمق النفس البشرية لذلك يتحدث عنها بخيرها وشرها يدعو إلى الخير.. ويحارب الشر، يعاضد الصالح ويهدي الطالح.. غير أن هذا لا يعني – بالضرورة - أن يرتدي ثوب (التقريرية) المقيت أو التكلف المشين أو أن يلبس لبوس الوعظ المباشر كما لا يعني أن يخلع دثار الواقع ويلتحف ثوب الخيال الجامح.. فالأدب الإسلامي يتخفى خلف شخصية المؤمن التقي كما يتخفى خلف شخصية الفاجر العصي، الأولى ليؤيد نهجها، ويدعم صفها، والثانية ليقوي ضعفها و يبين خطرها أو ليعرض مشكلتها أو ليحلل أسباب وجودها.
مميزات الأدب الإسلامي:
يتميز الأدب الإسلامي عن غيره بأنه:
أدب رسالي:
فالأديب المسلم يعلم أنه صاحب رسالة، وطالب غاية، ولا يؤمن بالمقولة الشائعة الأدب لأجل الأدب وإنما الأدب وما للأدب لله ولهذا تنتفي عنه الإباحية ومسايرة الأهواء
أدب إنساني
إذ أن محور خطابه هو الإنسان روحاً وعقلا، فكراً وعاطفة، لذلك يعمل الأدب الإسلامي على انتقاء المواقف التي تنمي رصيد الفكر الإنساني البناء.
أدب شمولي:
إذ أنه لا يحده قالب من قوالب الأدب المعروفة في القصة أو الشعر أو غيرها وإنما يخوض كل الفنون الأدبية لذلك لم يقف الشعر الإسلامي عند أوزان الخليل فحسب وإنما اقتحم ما يسمى بشعر التفعيلة وفي مجال القصة اخترق مجال التاريخ والواقع المعاصر والخيال المبدع والتجارب الشخصية والعقل الباطن وغيرها من مصادر التجارب الإنسانية وكذلك فالأدب الإسلامي لا تحده مدرسة من مدارس الأدب كلاسيكية كانت أو رمزية أو واقعية بل يضرب في كل غنيمة بسهم ولا يعني هذا أن يتخلى عن الأساس الذي يجعل الأدب أدبا
أدب عالمي:
فالأدب الإسلامي عالمي المنـزع والوجهة، يعمل على تقريب الفوارق بين بني الإنسان، ويسعى لمخاطبة كل الجماعات البشرية–من نصارى ويهود وملوك وفقراء وسود وبيض..الخ.
أدب متنوع:
ذلك أن الأدب الإسلامي يتنوع تنوعاً يروي ظمأ الروحانيين.. ويشفي غلة المفكرين.. ويستوعب طاقة الرياضيين..يسد حاجة الفقراء.. ويرضي تطلعات الأغنياء، يخاطب الروح والعقل والجوارح... يجتذب الشعراء والأدباء والتشكيليين ويبين مظاهر الجمال والزينة في أرجاء الكون.... إذ أن خالق الكون جميل يحب الجمال.. خلق فأحسن.. وصور فأبدع.. وقدر فهدى.كما لا يغفل الأدب الإسلامي العلماء والأكاديمين والمشاكل المعاصرة..
أدب وسطي:
ذلك أن الأدب الإسلامي يراعي التوازن بين العقل والوحي، وبين المادة والروح، بين الحقوق والواجبات، بين الفردية والجماعية بين الإلهام والالتزام بين الواقع الموجود والمثال المنشود.
أدب إيجابي:
لأنه يعرف دوره في الوجود ويرى الإسلام منهج حياة، ودافع بقاء، وباعث عمارة، ومنشئ حضارة. فيهدف لتحقيق هذه المقاصد.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد