الخطاب الإعلامي لقضايا المرأة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

يتطلب الخطاب الإعلامي لقضايا المرأة المسلمة في المرحلة المقبلة العمل وفق أولويّات محددة تنسجم مع متغيّرين أساسيين:

أولهما:

الحاجة الكبيرة لبروز هذا الخطاب، والمطالبة بحقوق المرأة المسلمة، ووعيها، وشخصيتها، وهو ما يمكن تسميته في الميدان العملي بالجانب \"الوقائي\".

أما المتغير الآخر:

فهو أهمية التصدي لحملات التغريب، والحقوق المزيفة، والانحراف بمرجعية قضايا المرأة المسلمة إلى الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، ويمكن تسمية هذا الميدان بالجانب \"العلاجي\".

هذان المتغيّران هما قاعدة الانطلاق نحو تحديد أولويّات خطاب قضايا المرأة المسلمة في المرحلة المقبلة، وإن كان العمل الوقائي هو العمل الممتد والمستمر والأكبر من حيث اتجاهاته ومراحله ومدته الزمنية وجمهوره، ويستمد مكانته من علاقته بالوعي الذي سيخفّف آثار الجانب الآخر.

إنه من خلال نظرة مجملة للصراع السابق بين تيارات التغريب والمجتمعات المسلمة لا يظهر عملاً جاداً ولا وضوحاً في الأهداف في الجانب \"الوقائي\"º إذ إن كثيراً من الجهود الضخمة والكبيرة التي بُذلت يمكن تصنيفها ضمن الجانب العلاجي \"رد الفعل\" الذي يزيد وينقص بحسب الزاوية التي يوضع فيها المخلصون لقضايا المرأة المسلمة.

إن تقسيم ميادين العمل إلى ميدانين اثنين: وقائي وعلاجي، يهدف إلى فتح المسارات المغلقة، وتحريك الطاقات، والاستفادة من الإمكانات، التي يمتلكها الخطاب العلاجي بكل تنظيراته وقوته لتوظيفها في الجانب الوقائي \"جانب الفعل\".

وفي الجانب الوقائي فإن الخطوة الأولى للتعامل الاتصالي والإعلامي -الحملات الوقائية- مع قضايا المرأة المسلمة يمكن تسميتها بالخطاب التوعوي، ويستهدف هذا الخطاب تهيئة البيئة الثقافية والاجتماعية وفقاً لسماتها وخصائصها في الإسلام، والكشف عن مكانة المرأة المسلمة في هذه البيئة، والاستشهاد بسلوكياتها وأدوارها الإيجابية للنهوض بمجتمعها وأمتها، ويُفترض أن تُوجّه رسائل هذا الخطاب إلى شرائح المجتمع كافة، مع التركيز على النساء بشكل مباشر.

وفي المرحلة الثانية، ما بعد التهيئة، يُفترض أن يرتقي الخطاب للتعريف بالمطالب الحقيقية للمرأة، كالمطالبة بالمخصصات الشهرية للمرأة من المجتمع، وإنشاء المؤسسات الأهلية التي تحمي حقوقها من التلاعب والتوظيف للمصالح المتصارعة والمتضادّة في المجتمع، والمطالبة بالمستشفيات والمدارس والمعاهد والجامعات الراقية الخاصة بالمرأة، وأساطيل النقل للحاجات الضرورية (التعليم) -داخل المدن- الحديثة والمنظمة على مستوى عالٍ, كما في الدول المتقدمة في النقل.

أما المرحلة الثالثة فيُفترض أن يتركز الخطاب الإعلامي فيها على المهام التي يجب أن تقوم بها المرأة في مجتمعها للزجّ به في خانة الأمم المتقدمة علمياً ومعرفياً من خلال تنشئة أجيال -من الجنسين- تلهث خلف العلم والمعرفة بنية بلوغ رضا الله - عز وجل -، وأجيال من الذكور تنتج ما يحتاجه المجتمع في استهلاكه، وأجيال من الإناث يواصلن المسيرة، ويساهمن في دفع الذكور إلى إدارة العالم بما نملكه من مميزات قيمية وأخلاقية.

إن المتأمل في الوسط النسائي -في المجتمع السعودي بصفته المعقل الأخير للوعي الجمعي المقارب للإسلام في شؤون المرأة - ليلحظ غياب الوعي لدى بعض النساء بحقيقة ما يُحاك لهن وانهيار بعض الدعامات الأساسية لشخصياتهن الإسلامية، وما بروز كثير من الظواهر السيئة في الوسط النسائي إلاّ نتيجة طبيعية لفقدان الوعي، أو لانتشار الوعي الزائف في محيطهن عبر البوابات الإعلامية المتخصصة في حجب الخير والفضيلة.

المرأة غالباً- اليوم مشغولة باهتمامات أقل ما يمكن أن يُقال عنها إنها تافهة إن لم تكن أسوأ من ذلك، والعامل الفاعل والحاسم في رواج تلك الاهتمامات عامل الموضة الذي دمّر العقلية المستقلة، وتسبب في عزل العقول عن الأجساد، فضلاً عن الأرواح التي أُلغيت في الثقافة النسائية الجديدة.

إن العمل الوقائي هو الأكثر تأثيراً والأجدر بالطاقات والنفقات الطائلة، وعلينا كمجتمع أن نسترشد بحال بعض الدول المجاورة لنا، وألاّ نقف عند إرجاف المرجفين ولا جهل الجاهلين، وأن نسارع بكل ما أُتينا من قوة للوقاية مما وصلوا إليه قبل أن نقعد للعلاجº ففي يوم من الأيام كان حالهم مثل حالنا اليوم، فلنعالج المسافة التي قطعناها، ونتقي إكمال الطريق.

يجب أن يعتز خطابنا بمصدر التشريع، وأن يتشرف بتأسّيه بالسلف الصالح، وألاّ يهادن في كشف الخطأ الجمعي والفردي، وأن يكون صريحاً في كشف الحق من الباطل، خاصة إذا علمنا أن المحرك للخطاب المضادّº شهوة حيوانية مستعرة تحت ضغط الواقع العالمي الذي يسعى لكشف العورات، واستباحة المحرمات، والنزول بالإنسان إلى دركات البهيمية.

وحتى لا تشرئب النفوس، وتتشاءم فإن في وسط النساء صحوة، وعودة، وإقبالاً يثلج الصدور، ويدعو كل غيور إلى مزيد من العمل والجهد لحفظ العفاف والطهر في مجتمعنا.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply