في ذكرى من طهر من مال الأرض

4.3k
2 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

لا هُمّ عفوك والمنايا تزأرُ * * * تجوالها خبرٌ وفينا المخبرُ

تختالُ ما بين الأنام عصيّة * * * لا قيدَ آبدة ولا من ينصر

لمّا نأت بالشيخ وهي قوافلٌ * * * ضجّ العرين بها وضجّ المنبر

عصفت بآمال الحقول وبيدها * * * دوّى بها رعد الفقير الممطرُ

واحتل فينا الدمعُ حزناً شامخاً * * * فإذا العيونُ كليلة تستعبرُ

لا الحزنُ يرجعُ في المآتم شيخنا * * * كلا، ولا همُّ يجودُ ويقترُ

فإذا النفوسُ الواجماتُ شواطئ * * * وإذا المواجع في مسانا تبحرُ

يا من تودّعه القلوبُ حزينةً * * * وتئنٌّ في كنف المصاب وتجأرُ

قد صرت أوعظ في مماتك شرعة * * * * فاعجب لشيخٍ, في الثرى ويذكِّرُ

وروت دموع الحزن موتك سيرة * * * فكأن عمرك قصة لا تذكر

ما كان للموت المهيب جلالة * * * حتى طواك بحضه يتبختر

لم يترك الحزنُ العنيفُ بأرضنا * * * نوراً يسافر في الدنا أو يسفرُ

لم يبق هذا الموتُ شيئاً صالحاً * * * إلا أباد كما يُبادُ الأخضرُ

لم تكتحل عيناه إلا بالأذى * * * فالموتُ ماضٍ, في الخلائق يكبرُ

عنوانُه التجويعُ بين قلوبنا * * * ومكانه التوديع حين تقطّرُ

يا راحلاً لم يثنه حبُّ طغى * * * ومدامع من كل هم تُعصرُ

وتظلٌّ منه خوافق مكسورة * * * لا تستفيق فأيّ كسر يُجبرُ

أتصيرُ أرضُ القوم بعدك بلقعاً * * * وهي التي من غيم علمك تزهرُ

ولقد تأذّن من هداك بجنةٍ, * * * لمعلمٍ, يبني النهى ويعمّرُ

يا راحلاً لم يلقه هذا الردى * * * حتى طواه بجذعه يستبشرُ

تبدو المباهج في يديك يتيمة * * * فكأن قلبك في الهوى لا يشعرُ

وتلوك أنفسُنا المتاعَ سخيةً * * * ولعابُنا في كل ملهى يقطرُ

وعليك من حلل الوقار سحائبٌ * * * وعلى جليسك كلٌّ ودّ يمطرُ

فتموت خلقُ الله في غسق الدجى * * * وتقوم أنت الليل حيّاً يبصرُ

ويضلّ بعضُ القوم في وضح النهارِ * * * يسيرُ يغتالُ المنى ويكفّرُ

كم كنت تملأ بالرضا أسماعَنا * * * فإذا المقالُ عذوبةٌ تتكرّرُ

كم كنت تملأ كل فتوى حجةً * * * من عذب وردك كلٌّ ساقٍ, يصدرُ

وكتمت فعلَ الخيرِ رغم شيوعِه * * * وسواك يعلنُ بالعطاء ويجهرُ

وأذعت حب الله ليس تباهياً * * * إن المحبة ما حيينا تظهرُ

وأشحت وجهاً ما عن وهج الدنا * * * وهي التي من غيّنا تستغفرُ

وطهرت من أوضار مال الأرض * * * تهنأ قرى والجار حولك معسرُ

رمتَ الرحيل كما ترومُ لنا البقا * * * والله يفعلُ ما يريدُ ويقدرُ

يملي لنا التاريخُ بعدك أسطراً * * * ستظلٌّ تبني العمرَ تلك الأسطرُ

اليوم كيف تغيبُ يا صبحَ الورى * * * والليلُ بعدك في الشوارع يكبرُ

اليوم كيف تنامُ يا لغةَ الهدى * * *والعلمُ بعدك في الحقائب يسهرُ

أتُهال فوق البحر أتربة النوى؟!! * * * *هيهاتَ يفنى الماءُ وهو الأكثر


أضف تعليق