طـابَ الـلـقـاءُ الـعذبُ بالفتيان *** أهـلِ الـهـدى، فـي ظلِّه الفينانِ
ذي لـيـلـةٌ قـمـراءُ تبسمُ فالمنى *** تـفـتـرٌّ عـن نـوَّارِها النَّشوانِ
بـالـطـيـبـاتِ من المآثرِ لألأت *** فـي حـقـلِ مـجدِ الدعوةِ المِرنانِ
أرأيـتَ أحـلـى من موائدِها التي *** أغـنـى بـيـادرَها الربيعُ الهاني
أطـبـاقُـهـا مُدَّت لأربابِ النٌّهى *** وأولـي الـفـضائلِ في عُلُوِّ الشانِ
رُطَـبٌ مـن الـقيم الرفيعةِ طعمُها *** لـلـصائمين عن الهوى الشيطاني
تـحـكـي اندياحَ الخيرِ من يدِ أُمَّةٍ, *** حـمـلـت لـواءَ كـتابِها الرَّباني
وهفت به تحيي العصورَ، ولم تزل *** رغـمَ احـتـدامِ شـراسةِ العدوانِ
أو غـرفـةٍ, مـن سلسلٍ, يروي إذا *** ظـمـئَ الـفـتى واشتاقَ للطيرانِ
لـم يَـنـمُ بـسـتانُ الفخارِ بغيرِه *** فـانـظـر خـمـائلَ ذلك اليستانِ
أغـنـى عـذوبـتَـه النَّبيٌّ محمّدٌ *** فـاهـتـزَّت الـصَّحراءُ بالعرفانِ
وأتـى بـه جـبـريـلُ من عليائه *** لـيـضـيءَ وجهَ الكونِ نورُ مثاني
فـجـرت يـنـابـيعُ العلومِ سخيَّةً *** عـلـويَّـة الـتِّـبـيانِ والبرهانِ
فـتـعـلَّـمَ الـعـربيٌّ بعدَ جهالةٍ, *** واشـتـدَّ سـاعـدُ عـزمِه اللهفانِ
إذ سـارَ فـي الـكونِ الفسيحِ يُنيرُه *** ويـردٌّ عـنـه عـواصفَ الحرمانِ
يُـؤتـي بـما للدينِ من حللِ العلى *** قـيـمًـا وقـد غابت عن الأذهانِ
واسـتـثمرتها في الشعوبِ سواعدٌ *** جـدَّت لـنـيـلِ سـعادةِ الإنسانِ
وإذِ الـشـبـابُ تـهـزٌّهم أفنانُها *** وتـقـيـلُـهـم من غفلةٍ, و هوانِ
ورأوا بـهـا حُـلوَ الرقيِّ إذا غدوا *** يـتـواثـبـون تـواثـبَ العقبانِ
مَـن ذاقَ طـعـمَ المجدِ وهوَ مطهَّمٌ *** لـم يـنـسَ خيلَ المجدِ في الميدانِ
فـامـنـح شـبـابَكَ يا فتى أُترُجَّةً *** تـجـدِ الـطٌّـيوبَ ترفٌّ بالأردانِ
وافـتـح نـوافـذَ للعلومِ، وقم لها *** بـالـشـوقِ ذا جـلـدٍ, و ذا إيقانِ
جل في جنى سوقِ الشريعةِ، واغتنم *** مـافـيـه مـن ثمرِ الحِجى الرَّيَّانِ
أوقـد فـؤادَك بـاليقينِ، وحاذرن *** مـن زوغـةٍ, أو لـوثـةٍ, و دخـانِ
فـزمـانُـنـا هـذا أثـارَ غـثاءَه *** ولـغـا بـحـرمـةِ هدأةِ الوجدانِ
وطـغـى بـه الإعـلامُ في أطباقِه *** كـالِّسحرِ يطوي الوعيَ في اليقظانِ
و يـجيشُ كالدمِ في العروقِ معربدا *** بـالـسٌّـمِّ يـفـرزُه فـمُ الـثعبانِ
فـشـهـيٌّـه داءٌ وبـيـلٌ قـاتلٌ *** لـمـآثـرِ الآدابِ فـي الـفـتيانِ
و جـمـيـلُه ومضُ السَّرابِ بقيعة *** لـم يـروِ مـن لهفِ الفتى الحرَّانِ
يـغـري الـعـيونَ إذا تثنَّى زيفُه *** و يـدغـدغُ الـشَّهواتِ في الإنسانِ
لـكـن لـو اسـتـعجمتَه لوجدتَه *** بـورا تـجـارتُـه بـلا أثـمـانِ
وكـبـائـعِ الأهـواءِ يـلهثُ خلفَه *** مَـن سـيقَ لايجني سوى الخسرانِ
* * *
الأُنـسُ بـالـقـرآنِ هزَّ مشاعري *** فـاسـتـوحشت عينايَ دارَ هوانِ
لم أنسَ تلك الليلة القمراء مشرقةَ.. *** ... الـمـحـيَّـا فـي سنا الأعنانِ
وحـبـا فـؤادي بالرضا مدرارُها *** وهـفـا مـن الأعماقِ شكرُ لساني
مـجلى... وراءَ العالم الأعمى الذي *** لـم يـدرِ مـافـي لـيـلةِ الفرقانِ
ردَّ اعـتـبـاري في الحياةِ كمسلمٍ, *** لـم يُـدمِ وجـهَ الـخـيرِ بالشنآنِ
و رأى بـمـنـهـجِ ربِّه للروحِ ما *** لـم يُـبـدَ بـيـن محاسنِ العرفانِ
ولـكـلِّ طلاَّبِ السعادةِ في الورى *** لـو أسـلـمـوا الرغباتِ للرحمنِ
حـيـثُ الـمنازلُ للعصاةِ تباشرت *** بـالـتَّـوبِ قـبل الموتِ والإيمانِ
و دلاؤُهـا مـلأى، وبـوحُ جمالها *** ألـقـى مـفـاتـنَـه على الأجفانِ
و الـوُدٌّ مِـزودُ فـطرةٍ, ما دثنِّست *** بـذمـائـمِ الـكـفـرانِ و النكرانِ
مـازالَ بـابُ اللهِ مـفـتوحًا فهل *** يـهـفـو ابـنُ آدمَ ويك للحنَّانِ!!
يـا أنـتَ أقـدم واغـتـنم نفحاته *** فـلـقـد أتـتـكَ بـسرِّها الرباني
إن كـنـتَ ذا عـقلٍ, فيمِّم شطرَها *** تـلـقَ الظلالَ هناك وطيبَ مغاني
وأنـعـم بـرضـوانِ الإلـهِ بخلدِه *** وانـهـل مـن العبقِ الشَّهيِّ الهاني
أمـنُ الـخـلـودِ الـعذبُ قرَّ بجنَّةٍ, *** فـزكـا مـحـيَّـاهـا بلا أحزانِ
وإذا أردتَ الـفـتحَ في دنيا الورى *** والـعـزَّ والـنَّـصرَ المبينَ الدَّاني
فانشد جُذى نورِ الكتابِ، فقد مضى *** زمـنُ الـضَّـلالِ وعابسُ الخذلانِ
هـيـهـاتَ أن يـجدَ المعنَّى راحةً *** أبـدًا بـغـيـرِ شـريـعةِ القرآنِ