ملحمة الشهيد

1.7k
5 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

ومـمـتـهـن أضـلته وعودُ ** يـسـائل بازدراء ما الشهيدُ؟

(أيـسأل في الحوادث) ذو فداءٍ, ** وقـد ضـحّـى لـتحيا يا بليدُ

فـهـل أعشتكَ حالكةُ الأماني ** وأغـشـيـةٌ من الأهواء سودُ

أم أن شـجـونَـكَ الدنيا تدنّت ** إلـى دَرَكِ الـخـواء فلا تُفيدُ

أم أنـك في سديمِ الشك تردى ** فـلا مـثـلٌ لـديكَ ولا عهودُ

لـقد صاغَ المُريبُ لك الأماني ** تـقـولُ بـما يقولُ وقد تَزيدُ

فـهـابـيلٌ قتيلُ الحقِ أمسى ** هـو الـجـاني-وقابيلُ الشهيدُ

قـد انـقـلبت موازينُ المنايا ** (وعـنـد جهينةَ الخَبرُ) الأكيدُ

* * *

أتـسـألُ عـن تناثرِها جسومٌ ** إذا انـفجرت كما انفجرَ البرود

لـتـقتلَ بعض بعضٍ, من عدوّ ** يـدكّ وجـودَنـا أبـداً يُـبيدُ

أتـسـأل عـن تـدفقِها دماءٌ ** لـتـغـسـلَ مـا تدنسُه يهودُ

وإذ داست حِمى الأقصى علوجٌ ** تـداعـت لانـتفاضتها أُسودُ

فـمن لا يفتدي الأقصى جبانٌ ** ومـا يُـفـدي كـرامـتَه بليدُ

ومـن لا يـبذلِ الأغلى بخيلٌ ** ومـا يُـبـدي الجبانُ وما يُعيد

ومـن بـالمالِ جادَ فذا شحيحٌ ** وهـل من بعدِ بذلِ النفسِ جود

أيُـرخـصُ قَـدرَه إلا لـئـيمٌ ** ويُـنـكـرُ فـضلَه إلا جَحودُ

(فـمـن يـعدل بحبِ الله) حباً ** فـهـل يَهَبُ الحياةَ وهل يَجودُ

(ولـلـحـريةِ الحمراءِ بابٌ) ** مـغـلّـقـةٌ ويـفتحُها الشهيدُ

(إلا لا يـجـهـلّن أحدٌ علينا) ** فـنـجهلَ فوق ما جهلَ الحقُود

* * *

ألا مـا يَـفعلُ المظلومُ زجَّت ** بـه فـي قـعـرِ مظلمةٍ, جنودُ

أذلّـتـه حـثـالـةُ من يهودٍ, ** وويـلُ الـحُـرِّ إن حكمَ العبيدُ

وأُسـقطَ في يديه فلا بصيصٌ ** ولا أمـلٌ يـلـوحُ لـه جديدُ

وسُـدَّت دونَـه سُـبلُ الأماني ** فـلا رَحِـمٌ يُـعـينُ ولا نَجيد

تـجـهّـمهُ الصديقُ ولاذَ عنه ** وأسـلـمَـه أخـوهُ فمن يَذود

يُـدنّـسُ طُـهرَ أقصاهُ علوجٌ ** فـأيـن الـمسلمون أهم رُقود

وكـلُّ حـقوقهِ ابتزّت وجُزّت ** ويُـغضي مجلسُ الأمنِ العَتيدُ

ودونَ وصـالِ مـحتِدِهِ احتشادٌ ** وإرصـادٌ ومـوجَـدَةٌ تَـكـيد

وحـيـدٌ أخـلصتهُ يدُ الليالي ** وإن شـمـوخَـهُ النَمطُ الفَريدُ

تَــفَـرَّدَهُ عـدوُّ ذو عُـتـوٍّ, ** لـئـيـمٌ مـجـرمٌ نذلٌ حَقودُ

ومـا يـنـفـكٌّ يعثرُ بالمنايا ** كـأن طـريـقَه الحُفَرُ اللٌّحود

على الباغي لسوفَ تدورُ يوماً ** ومـا الآتـي لِـنـاظرِه بَعيدُ

سـتسحقُه خُطى المظلومِ سَحقاً ** ويـومُ الـظـالـم الباغي أكيد

فـتلكَ طلائعُ الأحرارِ تَمضي ** عـلـى دربِ الشهادةِ لا تَحيد

وتـلـكَ قوافلُ الشهداءِ تترى ** إلـى جـنّـاتِـها أبداَ صَعود

(فـمـا يبني الممالكَ كالضحايا ** ولا يُـدنـي الحقوقَ) ولا يُعيد

* * *

ومـا عرفَ الزمانُ ولا الوُجودُ ** ولا شـهـدَ الفِداءُ ولا الشُهود

كـأمِّ مـحـمـدِ الفرحاتِ أُمّاً ** فـمـا جـادت بما جادت وَلودُ

فـمـن بَـذَلت أمومتُها ضناها ** فـهـل فـي العالمين لها نَديدُ

وكـم مـن أمِّ شـبـلٍ, ماثلتها ** (هـي المثلُ المُتاحُ) وقد تَزيدُ

* * *

وحـيـا اللهُ نـابُـلُساً جذوري ** جـبـالُ الـنـارِ من قِدَمٍ, تَذودُ

فـكـم ذاقَ الـعِدى أبداً لَظاها ** وزقٌّـومـاً وغِـسـلـيناً يَهودُ

وكـلٌّ ربوعِ غربِ النهرِ أبلَوا ** كـما لم تَبلُ في الرٌّوعِ الحُشود

* * *

وتـلكَ جَنينُ مَضرِبُ كلِ مَجدٍ, ** ومـعـجـزةُ الفداء لها الخُلودُ

ولو صاغَت جموعُ الخلق شِعراً ** لـمـا وفَّى القصيدُ ولا النَّشيد

ولـو كانت جَنينُ بغيرِ أرضي ** لـطـارَ بصيتِها الذِكرُ الشَّرودُ

سـمـت فـوقَ الفِداءِ فلا فِداءٌ ** كـمـا ضحّت طريفٌ أو تَليدُ

* * *

أنـا مـن جَندلَ الأعداءَ إسمي ** (أبـو جـندل) وكُنيتيَ الشَّهيد

أنـا ابنُ الأكرمينَ أبو المعالي ** وفـي حُـممِ اللقاءِ أنا الصَمود

أنـا ابنُ جنينَ مقبرةِ الأعادي ** إذا ذُكـرت تـمـلّـكَهم جُمودُ

فـلـسطينُ العرينُ نَمَت إيائي ** وديـنُ الله والـعـربُ الجُدود

أروعُ الـحـادثـاتِ وأَنتضيها ** أخـوضُ مـعـامع الهيجا أُبيد

أنـا مـن أوسـعَ الأعداءَ قَتلاً ** وبـدّدهـم وإخـواني الأُسود

سـلاحُـهُمُ القويٌّ قُواهُ خارت ** وحـاقَ بـهـم عَتادُهُم العَتيد

أنـا الـمـوتُ الزٌّؤام لكل باغٍ, ** وإسـمي قبلَ أن أقضي الشَّهيد

(إذا الأبطالُ فرّت خوفَ بأسي ** تـرى الأقطارَ باعاً) وهي بِيد

* * *

ألا يـا أُمَّـةَ الـشـهداءِ تيهي ** عـلى الدنيا بما ضحّى الشَّهيدُ

فـمن ضحّى بأعظمِ ما يُضحّي ** وهـل جـادَ الزمانُ بما يَجودُ

فـما في الكونِ أغلى من حياةٍ, ** يـجودُ بها على الأوطانِ جود

ومـن أعـلـى سموّاً واقتداراً ** فـداءٌ لا تُـحـدِّدُه الـحُـدود

ومـن أوفـى بـعـهدِ الله منه ** وفـاءٌ لـيـس تَـعهَدُه العُهود

ومـن أحـيـا حياةً من شهيدٍ, ** هـنـا مجدٌ وفي الأخرى خُلود

ويُـفـنـي الموتُ منا كلَّ حَيٍّ, ** ومـا يَـفـنى الشهيدُ وما يَبيدُ

لـهـم فـي جنةِ المأوى خلودٌ ** وصـحـبةُ سيد الخلقِ الخُلود

(فـمـا نيلُ المطالبِ بالتمنّي) ** ولـكـن يـقطفُ الشهدَ الشهيد

* * *

ألا إن الـشـهـيدَ هو المرجَّى ** لـيـومِ كـريـهةٍ, فهو النَّجيد

عـلـى قسماتهِ شمسُ الأماني ** ومـن أشـلائـه نَمتِ الورود

وفـي دمِـهِ الـطَّهورِ لنا نقاءٌ ** فـإن دمـاءَنـا فـيـها صَديد

ودفـقُ دمـائِـهِ الحرّى حياةٌ ** ألـيـسَ لـمـجدِ أمّته الوَريد

لـه عـزمٌ يُـفـتّتُ كلَّ قَهرٍ, ** فـمـن هـبـواتِه فُلَّ الحديد

لـه قـلـبٌ تـسنَّمُهُ المعالي ** كـمـا تـتـسنَّمُ العلياءَ صِيد

لـه نـفسٌ سَمَت فوق التَّسامي ** فـمـا مـن بـعدِ غايتِهِ بَعيد

فـأسـمـى ما سَمَت نفسٌ إليه ** فِـداءٌ والـفِـداءُ هـو الخلود

* * *

(أقـول لـفارسِ الخُذلانِ فينا) ** أيـا مُـنـبـتٌّ أعياكَ الشرود

قُـصـاراكَ أطِّرادٌ في سراب ** ومن خلفِ السرابِ رُؤىً وبيدُ

وقـفتَ تُسوِّقُ الخُذلانَ نُصحاً ** قـد انـطقَكَ المُريبُ بما يُريد

تُـسـارعُ فـيـهمُ وهناً وذُلاً ** أعـرتَـهـمُ لـسانَك يا وَصيد

لِـتُـسـلـمَـنا إلى حلٍّ, وحيدٍ, ** أعـنـدَ عـدوِّنا الحلٌّ الوحيدُ

خـنـوعُ عـمالةٍ, أم قولُ غِرِّ ** كـلا الأمرينِ، هم حَمقى عَبيدُ

رعـاةٌ يـجعلون الذئبَ يحمي ** لـهـم أغـنـامَهُم وهم رُقود

أنـضـحكُ منه أم نبكي علينا ** فـإن بـكـاءَنا الضحكُ العنيد

إذا كـان الـطبيبُ صديقَ داءٍ, ** أيُـبـرئ داءَه أم يـسـتـزيدُ

فـيـحقنَنا ضَرى ضدَّ الأماني ** نُـطـعَّـمُ بـالخَواءِ فلا نُفيد

فـرُبَّ نـصـيحةٍ, تُؤتيكَ مَجداً ** وأخـرى فـي عواقبِها الهُمود

نـصـيـحتُك المهينةُ يَزدريها ** فـمُ الـحجرِ الأصمِّ هو المُجيدُ

ويُـطـلقُه على الأعداءِ طفلٌ ** كـقـنـبـلـةٍ, مقاتلُها الصمود

(جـزى الله الشدائدَ كلَّ خيرٍ,) ** قـد انـكشفَ المريبُ وما يكيد

فـكـم أسِـنَـت نفوسٌ لوثتها ** حـضـاراتٌ وأفسدَها رَصيد

ولـو كان الرٌّعاةُ رعاةَ (كوريا) ** لـمـا بالَت على الأُسد القُرود

تَروعُكَ سطوةُ القُطبِ الأُحادي ** فـأيـنَ الـواحدُ الملكُ الوَحيد

* * *

وسُـدَّت دونَـكَ الأسـبابُ إلا ** سـبـيـلٌ واحـدٌ أفـلا تعود

فَـشِـرعتُنا الجهادُ به انتصرنا ** ولـيـس سـواهُ من حلٍّ, يسود

(فـلـم أرَ غيرَ حُكمِ الله حُكماً) ** يُـحـقٌّ الـحقَّ تُلتزَمُ الحدودُ

(ولـم أرَ غـير بابِ الله باباً) ** إلـيـه نَـلـتَـجي وبهِ نَذود

(فكلُ بساطِ مجدٍ, سوف يُطوى) ** لأمـريـكـا ويُـجتثٌّ اليهود


أضف تعليق