ومـمـتـهـن أضـلته وعودُ ** يـسـائل بازدراء ما الشهيدُ؟
(أيـسأل في الحوادث) ذو فداءٍ, ** وقـد ضـحّـى لـتحيا يا بليدُ
فـهـل أعشتكَ حالكةُ الأماني ** وأغـشـيـةٌ من الأهواء سودُ
أم أن شـجـونَـكَ الدنيا تدنّت ** إلـى دَرَكِ الـخـواء فلا تُفيدُ
أم أنـك في سديمِ الشك تردى ** فـلا مـثـلٌ لـديكَ ولا عهودُ
لـقد صاغَ المُريبُ لك الأماني ** تـقـولُ بـما يقولُ وقد تَزيدُ
فـهـابـيلٌ قتيلُ الحقِ أمسى ** هـو الـجـاني-وقابيلُ الشهيدُ
قـد انـقـلبت موازينُ المنايا ** (وعـنـد جهينةَ الخَبرُ) الأكيدُ
* * *
أتـسـألُ عـن تناثرِها جسومٌ ** إذا انـفجرت كما انفجرَ البرود
لـتـقتلَ بعض بعضٍ, من عدوّ ** يـدكّ وجـودَنـا أبـداً يُـبيدُ
أتـسـأل عـن تـدفقِها دماءٌ ** لـتـغـسـلَ مـا تدنسُه يهودُ
وإذ داست حِمى الأقصى علوجٌ ** تـداعـت لانـتفاضتها أُسودُ
فـمن لا يفتدي الأقصى جبانٌ ** ومـا يُـفـدي كـرامـتَه بليدُ
ومـن لا يـبذلِ الأغلى بخيلٌ ** ومـا يُـبـدي الجبانُ وما يُعيد
ومـن بـالمالِ جادَ فذا شحيحٌ ** وهـل من بعدِ بذلِ النفسِ جود
أيُـرخـصُ قَـدرَه إلا لـئـيمٌ ** ويُـنـكـرُ فـضلَه إلا جَحودُ
(فـمـن يـعدل بحبِ الله) حباً ** فـهـل يَهَبُ الحياةَ وهل يَجودُ
(ولـلـحـريةِ الحمراءِ بابٌ) ** مـغـلّـقـةٌ ويـفتحُها الشهيدُ
(إلا لا يـجـهـلّن أحدٌ علينا) ** فـنـجهلَ فوق ما جهلَ الحقُود
* * *
ألا مـا يَـفعلُ المظلومُ زجَّت ** بـه فـي قـعـرِ مظلمةٍ, جنودُ
أذلّـتـه حـثـالـةُ من يهودٍ, ** وويـلُ الـحُـرِّ إن حكمَ العبيدُ
وأُسـقطَ في يديه فلا بصيصٌ ** ولا أمـلٌ يـلـوحُ لـه جديدُ
وسُـدَّت دونَـه سُـبلُ الأماني ** فـلا رَحِـمٌ يُـعـينُ ولا نَجيد
تـجـهّـمهُ الصديقُ ولاذَ عنه ** وأسـلـمَـه أخـوهُ فمن يَذود
يُـدنّـسُ طُـهرَ أقصاهُ علوجٌ ** فـأيـن الـمسلمون أهم رُقود
وكـلُّ حـقوقهِ ابتزّت وجُزّت ** ويُـغضي مجلسُ الأمنِ العَتيدُ
ودونَ وصـالِ مـحتِدِهِ احتشادٌ ** وإرصـادٌ ومـوجَـدَةٌ تَـكـيد
وحـيـدٌ أخـلصتهُ يدُ الليالي ** وإن شـمـوخَـهُ النَمطُ الفَريدُ
تَــفَـرَّدَهُ عـدوُّ ذو عُـتـوٍّ, ** لـئـيـمٌ مـجـرمٌ نذلٌ حَقودُ
ومـا يـنـفـكٌّ يعثرُ بالمنايا ** كـأن طـريـقَه الحُفَرُ اللٌّحود
على الباغي لسوفَ تدورُ يوماً ** ومـا الآتـي لِـنـاظرِه بَعيدُ
سـتسحقُه خُطى المظلومِ سَحقاً ** ويـومُ الـظـالـم الباغي أكيد
فـتلكَ طلائعُ الأحرارِ تَمضي ** عـلـى دربِ الشهادةِ لا تَحيد
وتـلـكَ قوافلُ الشهداءِ تترى ** إلـى جـنّـاتِـها أبداَ صَعود
(فـمـا يبني الممالكَ كالضحايا ** ولا يُـدنـي الحقوقَ) ولا يُعيد
* * *
ومـا عرفَ الزمانُ ولا الوُجودُ ** ولا شـهـدَ الفِداءُ ولا الشُهود
كـأمِّ مـحـمـدِ الفرحاتِ أُمّاً ** فـمـا جـادت بما جادت وَلودُ
فـمـن بَـذَلت أمومتُها ضناها ** فـهـل فـي العالمين لها نَديدُ
وكـم مـن أمِّ شـبـلٍ, ماثلتها ** (هـي المثلُ المُتاحُ) وقد تَزيدُ
* * *
وحـيـا اللهُ نـابُـلُساً جذوري ** جـبـالُ الـنـارِ من قِدَمٍ, تَذودُ
فـكـم ذاقَ الـعِدى أبداً لَظاها ** وزقٌّـومـاً وغِـسـلـيناً يَهودُ
وكـلٌّ ربوعِ غربِ النهرِ أبلَوا ** كـما لم تَبلُ في الرٌّوعِ الحُشود
* * *
وتـلكَ جَنينُ مَضرِبُ كلِ مَجدٍ, ** ومـعـجـزةُ الفداء لها الخُلودُ
ولو صاغَت جموعُ الخلق شِعراً ** لـمـا وفَّى القصيدُ ولا النَّشيد
ولـو كانت جَنينُ بغيرِ أرضي ** لـطـارَ بصيتِها الذِكرُ الشَّرودُ
سـمـت فـوقَ الفِداءِ فلا فِداءٌ ** كـمـا ضحّت طريفٌ أو تَليدُ
* * *
أنـا مـن جَندلَ الأعداءَ إسمي ** (أبـو جـندل) وكُنيتيَ الشَّهيد
أنـا ابنُ الأكرمينَ أبو المعالي ** وفـي حُـممِ اللقاءِ أنا الصَمود
أنـا ابنُ جنينَ مقبرةِ الأعادي ** إذا ذُكـرت تـمـلّـكَهم جُمودُ
فـلـسطينُ العرينُ نَمَت إيائي ** وديـنُ الله والـعـربُ الجُدود
أروعُ الـحـادثـاتِ وأَنتضيها ** أخـوضُ مـعـامع الهيجا أُبيد
أنـا مـن أوسـعَ الأعداءَ قَتلاً ** وبـدّدهـم وإخـواني الأُسود
سـلاحُـهُمُ القويٌّ قُواهُ خارت ** وحـاقَ بـهـم عَتادُهُم العَتيد
أنـا الـمـوتُ الزٌّؤام لكل باغٍ, ** وإسـمي قبلَ أن أقضي الشَّهيد
(إذا الأبطالُ فرّت خوفَ بأسي ** تـرى الأقطارَ باعاً) وهي بِيد
* * *
ألا يـا أُمَّـةَ الـشـهداءِ تيهي ** عـلى الدنيا بما ضحّى الشَّهيدُ
فـمن ضحّى بأعظمِ ما يُضحّي ** وهـل جـادَ الزمانُ بما يَجودُ
فـما في الكونِ أغلى من حياةٍ, ** يـجودُ بها على الأوطانِ جود
ومـن أعـلـى سموّاً واقتداراً ** فـداءٌ لا تُـحـدِّدُه الـحُـدود
ومـن أوفـى بـعـهدِ الله منه ** وفـاءٌ لـيـس تَـعهَدُه العُهود
ومـن أحـيـا حياةً من شهيدٍ, ** هـنـا مجدٌ وفي الأخرى خُلود
ويُـفـنـي الموتُ منا كلَّ حَيٍّ, ** ومـا يَـفـنى الشهيدُ وما يَبيدُ
لـهـم فـي جنةِ المأوى خلودٌ ** وصـحـبةُ سيد الخلقِ الخُلود
(فـمـا نيلُ المطالبِ بالتمنّي) ** ولـكـن يـقطفُ الشهدَ الشهيد
* * *
ألا إن الـشـهـيدَ هو المرجَّى ** لـيـومِ كـريـهةٍ, فهو النَّجيد
عـلـى قسماتهِ شمسُ الأماني ** ومـن أشـلائـه نَمتِ الورود
وفـي دمِـهِ الـطَّهورِ لنا نقاءٌ ** فـإن دمـاءَنـا فـيـها صَديد
ودفـقُ دمـائِـهِ الحرّى حياةٌ ** ألـيـسَ لـمـجدِ أمّته الوَريد
لـه عـزمٌ يُـفـتّتُ كلَّ قَهرٍ, ** فـمـن هـبـواتِه فُلَّ الحديد
لـه قـلـبٌ تـسنَّمُهُ المعالي ** كـمـا تـتـسنَّمُ العلياءَ صِيد
لـه نـفسٌ سَمَت فوق التَّسامي ** فـمـا مـن بـعدِ غايتِهِ بَعيد
فـأسـمـى ما سَمَت نفسٌ إليه ** فِـداءٌ والـفِـداءُ هـو الخلود
* * *
(أقـول لـفارسِ الخُذلانِ فينا) ** أيـا مُـنـبـتٌّ أعياكَ الشرود
قُـصـاراكَ أطِّرادٌ في سراب ** ومن خلفِ السرابِ رُؤىً وبيدُ
وقـفتَ تُسوِّقُ الخُذلانَ نُصحاً ** قـد انـطقَكَ المُريبُ بما يُريد
تُـسـارعُ فـيـهمُ وهناً وذُلاً ** أعـرتَـهـمُ لـسانَك يا وَصيد
لِـتُـسـلـمَـنا إلى حلٍّ, وحيدٍ, ** أعـنـدَ عـدوِّنا الحلٌّ الوحيدُ
خـنـوعُ عـمالةٍ, أم قولُ غِرِّ ** كـلا الأمرينِ، هم حَمقى عَبيدُ
رعـاةٌ يـجعلون الذئبَ يحمي ** لـهـم أغـنـامَهُم وهم رُقود
أنـضـحكُ منه أم نبكي علينا ** فـإن بـكـاءَنا الضحكُ العنيد
إذا كـان الـطبيبُ صديقَ داءٍ, ** أيُـبـرئ داءَه أم يـسـتـزيدُ
فـيـحقنَنا ضَرى ضدَّ الأماني ** نُـطـعَّـمُ بـالخَواءِ فلا نُفيد
فـرُبَّ نـصـيحةٍ, تُؤتيكَ مَجداً ** وأخـرى فـي عواقبِها الهُمود
نـصـيـحتُك المهينةُ يَزدريها ** فـمُ الـحجرِ الأصمِّ هو المُجيدُ
ويُـطـلقُه على الأعداءِ طفلٌ ** كـقـنـبـلـةٍ, مقاتلُها الصمود
(جـزى الله الشدائدَ كلَّ خيرٍ,) ** قـد انـكشفَ المريبُ وما يكيد
فـكـم أسِـنَـت نفوسٌ لوثتها ** حـضـاراتٌ وأفسدَها رَصيد
ولـو كان الرٌّعاةُ رعاةَ (كوريا) ** لـمـا بالَت على الأُسد القُرود
تَروعُكَ سطوةُ القُطبِ الأُحادي ** فـأيـنَ الـواحدُ الملكُ الوَحيد
* * *
وسُـدَّت دونَـكَ الأسـبابُ إلا ** سـبـيـلٌ واحـدٌ أفـلا تعود
فَـشِـرعتُنا الجهادُ به انتصرنا ** ولـيـس سـواهُ من حلٍّ, يسود
(فـلـم أرَ غيرَ حُكمِ الله حُكماً) ** يُـحـقٌّ الـحقَّ تُلتزَمُ الحدودُ
(ولـم أرَ غـير بابِ الله باباً) ** إلـيـه نَـلـتَـجي وبهِ نَذود
(فكلُ بساطِ مجدٍ, سوف يُطوى) ** لأمـريـكـا ويُـجتثٌّ اليهود
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد