مُـعَـذِّبَـتِي بلَيلِ الهَجرِ هَاتِي *** عُـيُـونًـا بـالتَّلاقِي وَاعِدَاتِ
هَـجَـرتِ الدَّربَ بالأَمس دَلالاً *** فَـزَعزَعَ هَجرُكِ القَاسِي ثَبَاتِي
وَرُحـتُ أُكـابـدُ الأَشواقَ نارًا *** تُـخَـلِّـفُ لِي جِراحًا عَاتيَاتِ
وأسـهَـرُ شـاكِـيًا للنَّجم بَدرًا *** يُـصِـمٌّ الأُذنَ دَلاًّ عَـن شَكَاتِي
ومـا كُـنـتُ المُسَهَّدَ غَيرَ أنِّي *** بـنَـبض الحُبِّ يَملأُ كُلَّ ذَاتِي
ظَـنَـنـتُ الحُبَّ مِعطَاءً جَوَادًا *** وكُـنـتُ مُـصَدِّقًا قَولَ الرٌّوَاةِ:
بـأنَّ الـحُـبَّ لَـحنٌ غَيرُ فَانٍ, *** وأنَّ الـقَـلـبَ مَهدُ المُعجِزَاتِ
* * ** * *
وكـانَ القَلبُ فِي صَدرِي وَئِيدًا *** يَـجُوزُ الدَّربَ طَوعَ الحَادِثَاتِ
فَـلَـمَّـا لاحَ طَيفُكِ فِي خَيَالِي *** تَـوَلَّـى القَلبَ نَبضٌ لا يوَاتِي
فَـأصـبَحَ هَادِرًا باللَّحنِ يَسرِي *** رَقِـيـقَ الحِسِّ عَفَّ الأغنِيَاتِ
يُـحَـلِّقُ فِي السَّماءِ عَلَى جَنَاحٍ, *** مـنَ الأحـلامِ سَكرَى هَائِماتِ
يُـدَافِـعُـهُ اشـتِـياقٌ للتلاقِي *** فَـيَـهـزَأُ بِـالظٌّنُونِ الجَاثِمَاتِ
عَلَى دَربي.. وَلَيتَ القَلبَ أَصغَى *** ولَـم يُـسرِع لأرضِ الأُمنيَاتِ
يُـخَـايِـلُهُ السَّرَابُ يَظُنٌّ مَاءً *** ويَـلقَى المَاءَ في سِربِ العُصَاةِ
ويَـلـقَـى وَاحَةَ الأحلامِ قَفرًا *** وطَـيـرًا مِن طُيُورِ الذِّكرَيَاتِ
يُـحَـوِّمُ فِـي جَـوانِبهَا حَزِينًا *** وَحِـيـدًا فِي القِفَار المُوحِشَاتِ
بـلا إلـفٍ, يَـبُـثٌّ إلَيهِ شَوقًا *** وَيُـسـكِـنُهُ الضٌّلُوعَ الدَّافِئَاتِ
فَـيَطوِي الجُنحَ مَحزُونًا كَسِيرًا *** يـنـادِي: أَينَ إلفِي؟ أَينَ ذَاتِي؟
* * ** * *
أَفَـاتِـنـةَ الـفُـؤَادِ كَفَى دَلالاً *** فَـمَـا أَقـسـاهُ دَلٌّ الـفَاتِنَاتِ
رَمَانِي الحُبٌّ حَتَّى صِرتُ أَهوَى *** جِـراحَ الـقَلبِ مِن لَحظِ الجُناةِ
وَآيُ الـحُـبِّ غُـفرَانٌ وَصَفحٌ *** وتَـحـنَـانٌ فَـعُودِي يَا حَياتِي
فَـقَـد آنَ الأَوَانُ لِـعَـودِ إلفٍ, *** مَـضَـى خَلف الغُيومِ القَاتِمَاتِ
لِـيُـسـعِـدَ قلبَ مُكتَئِبٍ, كَسِيرٍ, *** ويَـبـعَثَ فِي عُيونِي الدَّامِعَاتِ
شُـعَـاعًا مُشرِقًا مِن رُوح فَجرٍ, *** حَـنـونٍ, دَافِـئٍ, عَذبِ السِّمَاتِ
وَهَـاتِـي الـثَّغرَ فُستُقُهُ سَبَانِي *** وحَـطَّـمَ كُـلَّ حِـصنٍ, لِلأناةِ
لأَطـعَـمَ مـنـهُ فَاكِهَةً حَلالاً *** وأَرشُـفَ مِـنهُ مَا يُحيي مَوَاتِي
تَـعَـالَـي أَقـبلِي دُونَ التفَاتٍ, *** لِـمَاضِي العُمُرِ..إنَّ العُمُرَ آتٍ,