تـأجّـج أيـها الشعر التهابا * * * ومن عينيك فاستبكي السحابا
وأطـلـق للقوافي ما أرادت * * * مـن الآلام واسـقـيها عذابا
وقف مثل الحزين وقوف آسٍ, * * * كـسـير النفس مكتئباً مصابا
لـعلّك من سبات الذلّ تصحو* * * وتُـشـرع من مآسيك الحرابا
فـمـا بعد الذي قد قيل قولٌ * * * وما بعد الذي قد صاب صابا
وما بعد الرسول سوى المنايا * * * وأن نـرِدَ الـمكاره والصعابا
فـقـد جـاز الأعادي كلّ حدٍّ, * * * ولـم يدعوا إلى الإصلاح بابا
ألـم يـكـفـيهم التقتيل فينا * * * ومـا عـاثـوا بأمتنا انتهابا
وتـقـسيم البلاد على هواهم * * * فـأمـست من مكائدهم خرابا
وكـم مـن غصّةٍ, منهم طوينا * * * عـليها القلب صبراً واحتسابا
فـظـنّـونـا بأنا إذ صمتنا * * * بـأنـا لا نـطيق لهم جوابا
وأنّـا أمـة هُـزمت وغابت * * * حـضـارتها وأَبعدت اغترابا
وما علموا بأنّ الأرض تُؤوي * * * بـراكـيناً تُرى حيناً هضابا
لأجـل مـحـمّدٍ, تغدوا جبالاً * * * مـن النيران تنسكب انسكابا
فـدىً لك يا رسول الله نفسي * * * وأهـلي والعشيرة والصّحابا
فـدىً لـك أمّةٌ بك قد تعالت * * * عـلـى الدّنيا وأودعت الكتابا
ألست المصطفى خير البرايا * * * وأكـمـلـهم جمالاً وانتسابا
بـنـورك أشرق الإيمان فينا * * * ولـم يـترك ضباباً أو حجابا
فـبـدّد ظـلمة الأهواء عنّا * * * وأطـلـق في دياجرنا الشّهابا
فصرنا في رياض الدين نزهو * * * و حـبّ الله في الأعماق ذابا
لـنـغسل في جداوله الخطايا * * * و نـغـترف السعادةَ والثوابا
نـبـيّ الله حـبّك في الحنايا * * * كـماء المُزن ينصبّ انصبابا
تـعانقهُ السّرائرُ وهي عطشى * * * فـيـسقيها من الشّجن القِرابا
نـسـيم الشوق يلثمها بعطرٍ, * * * إذا مـا شـمّـه قـلبٌ أجابا
كـأنّ شذاهُ في الأرواح خمرٌ * * * مـن الـجنّات تشربه شرابا
شذاً من ورد أحمد ليت شعري * * * على الأغصان قد أزكى وطابا
على غصن النبوّةِ حيث تشدوا * * * طـيـور الـدّين ألحاناً عِذابا
تـرقّ لـها المشاعر باكياتٍ, * * * وينساب الحنين لها انسياب
وتـنـبـعث القصائد حانياتٍ, * * * قـوافـيـهـا وأدمعها سكابا
فـهـذا أحمدٌ لا شيء يحوي * * * شـمـائـلـه بياناً أو خطابا
ولـسـت بـمادحٍ, لكنّ قلبي * * * تـمـرّد غـاضـباً ممّا أنابا
عـلـى قومٍ, بصائرهم تعامت * * * عـن النّور الذي ملأ الرّحابا
وغـرّتـهـم أمـانيهم فقاموا * * * يـخُـطّـون الشتائم والسّبابا
بـلا عـقلٍ, ولا شرفٍ, كريمٍ, * * * ومـن ذا يُبلغ الشّرف الكلابا
سـلـوهـم أيـهم يدري أبيهِ * * * ومـن يـشـري لأمّهم الثّيابا
إذا أبـصـرتـمُ قـوماً لئاماً * * * بـلا أصـلٍ, يُـرجّى أويُهابا
فمهلاً يا بني’’الدنمرك’’ جُزتم * * * مـراعـيـكـم وأبقاراً حِلابا
تـراضـعتم مع الأبقار حتّى * * * جُـنـنتم لا عقول ولا صوابا
وقـد كـانـت لكم فيها غناءٌ * * * بـألاّ تـقصدوا البحر العُبابا
دعـوا’’اللورباك’’ تنفعكم فإنّا * * * عـزمـنـا أن نصيّرها ترابا
خـذوهـا واشبعوا لبنا وزبداً * * * وفي الميزان فالتمسوا الحسابا
وإن كـان اليهود لكم صِحاباً * * * فـبـيعوهم ولا ترجوا ثوابا
فـإنّـا أمـةٌ لا خـيـر فينا * * * إذا مـا لـم نزل منكم غِضابا
ويـومـاً مـا سنأتيكم غُزاةً * * * ونـسـقي من حليبكم الشّعابا
فـإنّ الله مـولانـا وأنـتـم * * * بُـغـاةٌ ذلّ مـن يبغي وخابا
وأنـا أمـة ’’الخبّاب’’ نبقى * * * عـلـى آثـاره نضع الرّكابا
نـجـود لأحمدٍ, بالروح خوفاً * * * لإصـبـعه الحبيبة أن تُصابا