وها أنذا أعود إلى دواتي *** وبي ألمٌ يبعثر لي شتاتي
متى ألقى بهذا العمر ذاتي *** وقد مرّت على عجلٍ, حياتي
لقد فتشتُ في طرُقي مليّاً *** وليس سوى خُطايَ العاثراتِ
ومن لَبِِسَ الحياة فَعَن قريبٍ, *** ستجعله المهالك في العراةِ
وكم من سائرٍ, بجموع قومٍ, *** بأعزلَ من وحيدٍ, في فلاةِ
وكيف تروم حلاً من زمانٍ, *** طفوح الزير بالغُدُر العتاةِ
شربتُ من الهوى كأساً دهاقاً *** تكاد تفور في أيدي السقاةِ
وكم من مُبصرٍ, فيها تدنّى *** فراح تقوده أيدي العماةِ
هُبلتَ إِليك عنها واطّرحها *** إذا ما قُورنت يوما بِلاتِ
وما أعطيتَ عمرك مستحقاً *** يظلّ يقول ملئَ الفيِّ هاتِ
فكيف غفوتَ في أمن الأماني *** وموتك لاحَ من كَتِفِ الرماةِ
ومن رفضته في الدنيا حياةٌ *** يظلّ بها يدور بلا حياةِ
وتلك هي الحياة علت ببعضٍ, *** وتُحوج اَخرين إلى الفُتاتِ
وكم من زائلٍ, فيها واَتِ *** وكم ماضٍ, يظنّ العمر أتِ
نجاتك لا تكون بلا صلاحٍ, *** فليسَ سوى الصلاح لِوا النجاةِ
إذا دعت الدعاة إلى ضلالٍ, *** فأين أراك يا شرف الدعاةِ
فما أمل الحصيف من الحيارى *** إِذا وُطِئت بأقدام القساةِ
إذا رفض الرجال قتال طاغ *** فأبشر بالمهانة والطغاةِ
إذا رفض الرجال نداء حامٍ, *** أهانوا هم ميادين الحماةِ
إذا أدنى الزمان بخير قوم *** فلا أتوقعنّ علوّ ذاتي
فيا ذا الغرٌّ لم يكُ منك قتلي *** بأقسى من بكاك مع النعاةِ
إذا رفض الزمان هوى كماةِ *** فما حُسن الحياة بلا كماةِ
لِمَ الأحياء تُرعبها المنايا *** إِذا صار الجميع إلى رفات ِ
إِذا ما مات أهل الخير ظمأى *** فما رِيُّ بدجلة أو فراتِ
روى زمني عن الحكماء خيرا *** لأنّ مقالهم ذهب الرواةِ
وكم جبنٍ, تقمّص ثوب ضعفٍ, *** وكم فشلٍ, عزوت إلى أناةِ
خطايَ على مهبّ الريح شتّى *** ومِلئُ يد العدوّ غدت جهاتي