بدت بوجهٍ, قبيحِ اللونِ محروقٍ, *** وقد علت فيه أصواتُ المساحيقِ
وقد جرت فيه للأصباغِ معركةٌ *** عنيفةٌ واعتلى صوتُ (البطاريقِ)
لها فمٌ واسعُ الشدقين تملؤُهُ *** أسنانُ غُولٍ, فلا تسأل عنِ الرِّيقِ
ولا تَسَل عن جبينٍ, بارزٍ, رسمت *** فيه الخيانةُ تكذيبَ المواثيقِ
ولا تسل عن لسانٍ, ساءَ منطقُه *** إذا تحدَّثَ ألغى صرخةَ البُوقِ
فصوتُها غُنَّةٌ شوهاءُ مؤذيةٌ كأنَّها *** قد أُصيبت بالخوانيقِ
رَنَت بعينينِ كالثقبينِ قد مُلِئَا غَدراً، *** وقد عَانتا من شدةِ الضيقِ
كأنما رُبطت أطرافُها، فبدت *** كعَينِ إبليسَ في جفنٍ, وفي موقِ
أهدابُها كغصونِ الشوكِ أظهرها *** فصلُ الخريفِ بلا رين وتزويقِ
بيضاءُ، لكنها سوداءُ قاتمةٌ *** لمَن يراها بعينٍ, ذاتِ تدقيقِ
تمشي فتحسَبُ أنّ الخُبثَ في *** جسدٍ, يمشي أمامك مفتوحَ المغاليقِ
حديثُها كذبٌ محضٌ، حقيقتُه *** مأخوذةٌ من أباطيلِ الغرانيقِ
تُباع في كلٍّ, سوقٍ, للضلالِ، فلا *** تسأل عن التاجرِ الكذابِ والسوقِ
ولا تتسل عن دنانيرٍ, مزورةٍ, وعن *** عقودٍ, جرت من غير توثيقِ
وعن سماسرةٍ, باعوا ضمائرَهم *** وذوَّبوا العقلَ في نارِ الأباريقِ
لها على منهجِ التضليلِ هَيلمَةٌ *** وهَيلَمَانٌ، وقولٌ غيرُ موثوقِ
خبيرةٌ في ادعاءِ العدلِ جاهدةٌ *** في وصفِ آثارِهِ من غير تطبيقِ
تُبدي خصالاً من الإيمان كاذبةً *** وفي مشاعرِها إحساسُ زنديقِ
سمعتُ عنها حديثَ العاشقين لها *** فاستفت عن عاشق لاهٍ, ومعشوقِ
أتيتُها فإذا همِّي يحاصرني *** كأنني طائرٌ في بطنِ صُندوقِ
يا هَمّ قاسمتَني ليلي سلكتَ إلى *** أعماقِ نفسي طريقاً غيرَ مطروقِ
مَن دَلَّ ركبَك، مَن أعطاكَ تذكرةً *** على (خطوطِ) الأسى القاسي لتطويقي
مَن هذه المرأةُ الشوهاءُ، أحسِبُها *** وقد تراءت أمامي، شرَّ مخلوقِ
بدت أمامي بسَمتٍ, لا نظيَر له *** الوجهُ مستحدثٌ والعقلُ إغريقي
أجابني ساخراً مني: أتجهلُها *** هذي العظيمة ذاتُ الخيلِ والنٌّوقِ
هذي التي تتغنى بالسلامِ ولا *** يهزٌّها أن ترى مليونَ مسحوقِ
وتدعي أنها ترعى العبادَ، وكم *** مُجَندَلٍ, بين رجليها ومخنوقِ
هذي التي يعرض الإعلامُ صورتَها *** فثوبُها أسودُ الأكمامِ والزِّيقِ
وبيتُها أبيضُ الجدرانِ، كم عُقدت *** فيه اللقاءاتُ نقضاً للمواثيقِ
لها جواسيسُها في كل ناحيةٍ, *** فلا تسل عن إشاراتٍ, وتحديقِ
ولا تسل عن سُؤالاتٍ, موجهةٍ, *** إلى الضحايا وأوراقٍ, وتحقيقِ
تغزو الفضاءَ غروراً، لا تريدُت به *** إلا التسابقَ في مَلءِ الصناديقِ
هذي العظيمة - يا هذا - فألجمني *** صمتي، وجفَّ لما أدركتُه ريقي
بَرِئتُ منها] ولَن تَرضَى...[[*]تؤكِّدُ *** لي أنَّ البراءةَ منها فِعلُ صِدِّيقِ