بسم الله الرحمن الرحيم
إلى حكومتنا الموقرة في عالمنا العربي والإسلامي:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إننا مؤسساتكم الخيرية والأهلية - حسب اعتقادنا - خط الدفاع الأول لكم ولنظامكم، ولكن أعداءنا اعتبرونا الضحية الأولى قبلكم - لأننا حسب إيماننا ورسالتنا - مصدر قوة لكم بشكل مباشر، أو غير مباشر، لقد حان الوقت أن نقول: إننا مظلومون من الخارج والداخل، وأنتم تدركون قول الشاعر:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة **** على المرء من ضرب الحسام المهند
لقد تمت مكافأتنا - عبر عالمنا العربي والإسلامي - كلما أصيبت بلادنا بكارثة أو نازلة حيث نجاحنا المشهود في علاج الفيضانات في أحد أقطارنا العربية أقفل أبواب العشرات من مؤسساتنا الخيرية العاملة، ومبادراتنا المتميزة في قطر آخر لعلاج آثار الزلازل ألغى بعض مؤسساتنا وجمعياتنا الأهلية، كما أن الهاجس الأمني الموهوم لدى كثير من أقطارنا حال بيننا وبين ميلاد الحد الأدنى من مؤسساتنا الخيرية.
لقد أصبحت أنفاسنا معدودة، وحساباتنا محدودة، وخطواتنا مرصودة، فكيف لنا إعانتكم ومشاركتكم آلام شعوبكم وإخوانكم وتطلعاتهم إلى الكرامة التي هي مصدر لقوتكم وصمودكم في مرحلة جديدة أطلت ببداية ذكية تنتهي بكم في حين أن الحاجة ماسة إلى التلاحم الكبير بين المؤسسات والجمعيات، والشعوب والحكومات.
يا من توليتم أمرنا:
لقد أطعناكم وعملنا تحت إشرافكم ودعمكم المحدود، وكفيناكم كثيراً من المعالجات لقضايا متنوعة تشغل دوائركم ومؤسساتكم في القطاع العام والخاص.
وفوق هذا لقد سجّل التاريخ أننا لسنا كالقطاع غير الحكومي أو القطاع غير الربحي في دول الشمال مثل أوربا وأمريكا، حيث يكون دعم الأعمال السياسية وإنشاء المنظمات المتخصصة لتلك الأغراض كما يدعمون منظمات ومليشيات التسلح والتدريب والإرهاب!!
إننا نقول بملء أفواهنا:
لقد رضينا بأن نكون شراء لكم في الغرم دون الغنم الذي أكثره لكم، ولقد رضينا أن نقتصر على إطعام الطعام ومواساة الأيتام وتعليم المحرومين، وتربية المنحرفين.
لقد اقتصرنا على سد الثغرات وتلبية الاحتياجات في أعمالنا الإغاثية والدعوية والتعليمية، فكان الجزاء الأخير هو ذلك التجاوب المحدود واللا محدود مع دعاوى تستهدفكم قبل أن تستهدفنا، وتخطط لكم وعليكم قبل أن تجهز علينا، وهي حملات دعوى الإرهاب!! التي تسعى لتحجيم ما بقي من مؤسسات، وإجهاض ما حملت به بعض المجتمعات والحكومات.
لقد استوعبت مؤسساتنا - وهي مؤسساتكم - ما لم تستطع قطاعاتنا الحكومية استيعابه، كما أن مؤسسات الخير سخرت ووجهت من الطاقات والأعمال ما شهدت به الإدارة الحديثة (شرقية وغربية) أن القطاع الخيري بعد الحصول على حقوقه المشروعة صمام أمان للدول والشعوب، وهو يتأكد أكثر في بلادنا الإسلامية لأنه مصدر وقاية ومناعة، وحماية لدينا وشعوبنا وشريك فعال وقوي في التنمية.
تصوروا مؤسساتنا الضعيفة في إمكاناتها، المباركة في أعمالها، أنها انتهت معنوياً أو حسياً. فكم من محروم سيتخرج من مدراس الحرمان؟ وكم من جاهل سوف يتعلم من عصابات الإجرام؟ وكم من يتيم؟ وكم من جائع؟ وكم من مريض؟ وكم من ضال ومنحرف؟ سيكون معظم هؤلاء إن لم يكن الجميع مصدر إزعاج وتخريب!! لأنهم عاشوا في مجتمعات لا ترحمهم وبين أناس لا يحملون همهم.
إننا لا نطلب منكم أن تمارس من خلالنا الحقوق السياسية ولا الشعارات الحزبيةº لأننا بعملنا الخيري نحسب أننا كفيناكم الكثير من المتاعب والاحتياجات الشعبية.
ولأننا - بعطائنا الخيري والإغاثي والتعليمي والدعوي - قد حققنا - قدر استطاعتنا - معظم الحقوق المشروعة للإنسان مما يغني عن الكثير من المنظمات السياسية والصراعات الحزبية.
ولماذا لا تكون تلك الحملات الإعلامية والميدانية دلالة على مصداقية مؤسستنا ونزاهتها والتي أصبحتم أنتم تحسدون عليها؟
إننا أصحاب فضل على القطاع العام والخاص، فلا تنسوا الفضل بيننا، وإننا لا ننكر أن لنا مثل غيرنا اجتهادات قد تكون خاطئة أحياناً ولكنها محدودة لا تبرر بعض فكيف بكل ما يتخذ بحقنا من قرارات ونظم ومجالس ولجان تتحكم بعملنا وتعيقه بدل أن تدفعه وتنميه.
إن نظيراتنا من المؤسسات العالمية نجحت بحريتها واستقلاليتها كقطاع خيري ثالث، وشريك في معظم جوانب التنمية، وإننا نرفع صوتاً هادئاً قائلين لكم: \" إننا لا نستطيع أن نكون أقوياء مثلهم \" ونحن لا زلنا محرومين من حقوقنا المسلوبة (الزكاة والصدقات) (الاحتساب والتطوع)، إلا أننا بهذه الركائز حين نتمتع بها سوف تسهم في الوقاية والعلام في الداخل والخارج لكثير من الالتزامات والواجبات، وسوف نكون من خير الشركاء - بإذن الله - تعالى - في معظم جوانب التنمية، كما سوف نكون - بإذن الله - خير سفير لبلادنا نقرب البعيد ونمد جسور التواصل مع الشعوب والحكومات، فهلا أدركتم رسالتنا ودعمتم مسيرتنا وتجاوزتم عن عثراتنا وأحبطتم مخطط أعدائنا؟!
إننا نشكر لكم بعض مواقفكم من خلال تصريحات كثير من وزراء الداخلية العرب بالدفاع عنا تارة، والحديث عن دعاوى الإرهاب تارة أخرى، وأن الدفاع عن النفس والمال والعرض ودعم هذا الدفاع ليس إرهاباً، ولكن هذا ليس مطلبنا الأساس الذي تعرفونه.
إننا مؤسساتكم طال الزمن أم قصر، نحتاجكم وتحتاجوننا، نعينكم وتعينوننا، فنحن سندكم وأنتم سندنا بعد الله، وذلك من خلال حمل هموم أمتنا، ومجتمعاتنا، إنكم تعرفون حق المعرفة أننا بعيدون عن تلك الدعاوى المغرضة، فلماذا الهزائم النفسية!!
ولكننا محتاجون جميعاً إلى فهم واستيعاب لغة الأرقام بيننا وبين خصومنا، في حجمهم ومواردهم البشرية، كما أن الحاجة ماسة إلى معرفة نوع العمل بيننا وبينهم، حتى نعرف أن حجمنا وقوتنا من حيث العدد والموارد البشرية والمالية مخجل حقاً، ولكنه موجب للتأمل وإعادة النظر حتى في دعاواهم عن الأصولية الإسلامية كما يقولون والتي لم تصل في بلادنا 10% من حجم أصوليتهم: (المسيحيون المولودون من جديد).
إن مؤسساتكم الخيرية والأهلية تقول:
إننا بحاجة إلى الشقة والتلاحم والتعاون فيما بيننا حتى لا يسهل ابتلاعنا جميعاً، وأملنا بالله كبير أن لا تتنكر دول الطوائف بعزلنا جميعاً عن مصدر من مصادر قوتنا ووحدتنا شعوباً ودولاً، وأن تكون الاستفادة من التاريخ، والله غالب على أمره، وحسبنا أننا أبلغناكم رسالتنا وأبلغناهم رسالتنا، وعجلة التاريخ سائرة بسوادها وبياضها تدويناً وتسجيلاً.
{فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد}.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد