عين نورس هي عين ماء كانت في قرية من قرى شمال فلسطين تسمى نورس.
قرية نورس: هي قرية تقع في شمال مدينة جنين، و تبعد عنها ثمانية كيلو مترات تقريبا، حيث كانت تلك القرية تابعة لمدينة جنين قبل نكبة ثمان و أربعين.
قرية نورس كانت قبل الإحتلال قرية آمنة وادعة حباها الله بأرض خصبة، لأنها تقع على مجموعة من التلال و الشعاب، في نهاية جبل المزار من الناحية الشمالية، و من فضل الله على تلك القرية و أهلها، أن فجّر فيها عين ماء ثرة عذبة تنبع من أدنى مكان في الجبل، يتدفق ماؤها ليلا و نهارا و صيفا و شتاء، على شكل قناة تغمر القرية و أهلها بالبركات والعميم من الخيرات، التي يحتاج إليها الإنسان في حياته.
ما كان أطيب عيش أهل تلك القرية، و بقيت القرية على هذه الحال مغبوط أهلها من الصديق، ومحسود من العدو إلى أن وقعت النكبة بأهل القرية على أثر احتلالها من قبل العصابات اليهودية مع مجموعة من القرى و المدن القريبة منها، و شُرِّدَ مَن بقي من أهلها على قيد الحياة، في شتى بقاع الهجرة و الشتات. و قد استشهد جد الشاعر لأنه رفض مغادرة بيته في القرية، إذ لم يبقَ أحد في القرية غيره و كان عمره قد بلغ تسعين عاماً و لم يشفع ذلك له عند الأعداء الذين بادروه بالقتل و أعصابهم باردة.
بـعـيني عين نورسَ و الخوالي *** مـن الأيـام أو بـيـض الليالي
حـوالـيـهـا شـعابٌ مشرقاتٌ *** بـنـوَّار الـمـوارد و الـغلال ِ
و ربـعٌ مـؤنـسٌ و حمى حرام *** مـصون الجار في عرض و مال
لـو أن الأرض تـذكر فضل عين *** لـعـدَّت عين نورس في الأوالي
و نـورس جـنـة في أرض يُمنٍ, *** بـمـشـرفـةٍ, على وادي الثعالي
عـرفـتـك عين نورس نبع خيرٍ, *** و تـريـاقٍ, مـن الـنعمى مُسال ِ
وقـفـت على ربوعك و هي ريَّا *** زمـانـا هـل يـعود كما بدا لي
أمـتـع نـاظـريَ بطيب شِعبٍ, *** نـديٍّ, مـمـرع و جـنـا التلال
و أسـمع في المجاني صوت شادٍ, *** يـجـيـب الصوت تال بعد تال ِ
عـلـى أفـنـان جـنات ترامت *** جناها هل طعمت الشهد حال ِ
و مـن يُـسـقى بمائك ليس يظما *** فـأنـت لـزمـزم أدنـى مثال
و مـا يـضحى بنورس غير وانٍ, *** و مـا يـشقى بنورس غير قال ِ
و عـيـنٍ, مـلـتقى الوراد دهراً *** و مـنقلب العطاش و ذي الرحال
تـروح ظـبـاؤها أُصُلا و تغدو *** عـلـيـهـا بـكـرة رِيَّ القلال
و يـغـريـهـا ورود العين فجرا *** و قـد نـأت الـظباء عن المَحال
إذا ابـتـردت بـماء العين أبدت *** حـكـايـا الـغيد في ستر الليالي
وصـلـتُ بأرضها رحما و جارا *** رعـاك الله يـا زمـن الـوصال
أحـبـك دار أمـي حـب أمـي *** ديـارا ضـمـهـا وطن النضال
و مـالـي لا أهـيـم بـحب دار *** غـذتـنـي بـرَّها عذب النوال ِ
كـلانـا مـنـكـر مـا نال منها *** و مـنـي من بلى و هوان حال ِ
نـنـام عـلـى ادِّكار سنين مرت *** بـأحـلام تـراءى كـالـخـيال
فـأيـن الـيـوم نهر كان يحيي *** شـعـابـا بـالـعميم من الغلال ِ
و أيــن هـنـاك ورّاد و مـاء *** و دار أصـبـحـت تُـسقى بآل ِ
تـصـدّعَ ركـنـهـا من فقد آس *** إلامَ تـقـوم دارات خـوالِ
و صـوَّحَ عـودها عطشا وجوعا *** و فـاضـت عـينها عبر الرمال
كـأنـي مـا عـرفـت الدار يوما *** و قـد عـصـفت بها ريح الوبال
ولا أنـفـقـتُ شطرا من شبابي *** حـلا لـي فـيه من عيش حلال
فـهـل لـي غـفوة في ظل أيك *** بـلابـلـه تـغـني في الأعالي
وهـل لـي رشـفة من ماء عين *** شُـغـفـتُ بـها ولم تبرح خيالي
ويـطـربـنـي نداء الديك فجرا *** يـؤذن فـي الـمـلا عبر الليالي
وجـدي لـم يـغـادر دار عـز *** بـنـورس واسـتـخف بكل جال
أقـام عـلـى المدى فيها بحَزن ٍ, *** و قـد خـلـت الديار من الأهالي
ونـورس لـيس فيها من صريخ *** ولـم يـسـمـر بها غير السعالي
أصـر عـلـى الرباط بها وحيدا *** حـوالـيـه الـضواري لا يبالي
أمـنـتَ مـن الـسباع أبا خليل *** ولـم تـأمـن لـذي لـب ومال
ذوات الـنـاب تـفتك عند جوع *** وفـتـك ذوي الـعقول بلا عقال
إذا أطـعـمـتـها شبعت ونامت *** وبـعـض الـخلق لم يشبع بحال
وهـم قـتـلـوك واحترثوا ديارا *** لـشـعـب أفـقـدوه كـل غال
قـضـى جـدي بـبـلدته شهيدا *** و مـا حـمل السلاح بوجه صال ِ
وأثـر أن يـمـوت بـدار عـز *** فـلا عـيـش يطيب مع احتلال
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد