عندما ينزف الشعر

5.3k
2 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

سَهِدتُ، وشِعري، وما يَندبُ *** وفـيـض تـباريح لا يَنضِبُ

ونـزف يـراع عـلى طرسه *** يـذيـب بـه حشاه بما يكتبُ

صبور على الأسر في راحتي *** فـلا هـو يـشكو ولا يعتبُ

ولـكـن يكاد، إذا ما ارتخت *** بـناني، وقد أجهدت، يهربُ

فـتـرجـع تـأتي به، لهفة *** فـلـيـست على فعله تغضبُ

لـه الله، مـا مـل من رفقة *** ولـيـس له، غيرها، مأربُ

فـأصـبح في صحبتي مسهدا *** وعزًّ له، في الكرى، مطلبُ

وسـيان عندي، أليلي انقضى *** أم انـداح فـوق الثرى غيهبُ

فـلـلشهد ليلان: ليل مضى *** وآخـر في النفس، لا يذهبُ

صحبت الهواجس في مضجعي *** نـدامـىº وكم مثلها أصحبُ

وكـان نـهـاري رحـيباً بها *** ولـكـن لـيـلي بها أرحب

أتـتني ووجه الضحى مشرق *** وغـابت ووجه الدجى أشهب

كـأنـي بـهـا لم تغب لحظة *** وظـلـت بـما خلفت ترقب

فـحـشـد أحـاسيسها قد غدا *** قـصـيدة شكوى، لها أطرب

عـشـقـت القصيدة، لكنني *** عـلـيل، بما هاجني، متعب

فـلـيـتك يا شعر ما جئتني *** ولـيـتك عن خاطري تحجب

فـقد بتٌّ يا شعر أخشى الأسى *** وأصـبـحت عن بثه أرغب

إخـالـك تـبـعـد في لمحة *** وفـي لـمـحـة بعدها تقرب

فـإنـك كـالنبض في مهجتي *** وتـبـقى بما أشتكي تصخب

لي العذر يا شعر إن أصبحت *** شـجوني، إذا زرتها، ترهب

فـكـم مـن قـصائد أنجبتها *** وكـل يـبـاهـي بمن ينجب

ولـكـنـهـا كرهيف الظبى *** تـجول، وفي مهجتي تنشب

تـحـدث عن موطن لم تزل *** روائـع جـنـاتـه تـسـلبُ

وعـن ثـورة بـات أطـفالها *** وقـوداً عـلـى نارها يسكبُ

وكـم بثٌّ أشدو بنجوى الحِمى *** مشوقاً، ونجوى الحمى تعذُبُ

تُـهَـوِّم فـي حجرها روضة *** ويـهـجـع في حضنها ملعبُ

وتـبـسـم دار لأصـحـابها *** ويـضحك فيها الثرى الطيبُ

وتـشـرق شمس الحمى بينها *** فـتـلبث في القلب لا تغربُ

وتـمضي القصائد في شكوها *** وكـم كـنـت في بثه أسهبُ

ألـيست، كما قيل في وصفها *** بـنـات يـتـيه بهنّ الأبُ!

تـبـاهت بحسن، بدا حزنه *** وإن كـان فـي حـزنه يخلبُ

وحـيـكـت لـها حلة حلوة *** ولـكـنـهـا لـلجوى تنسبُ

وبـانـت رصـانـة أعطافها *** فـلا هـي تـلـهو ولا تلعب

ولا سـمـتـهـا لاح في خفة *** ولا الـهـذر في لفظها يغلب

فـخـاف أسـاريـرها عاشق *** وأعـرض عن حسنها معجب

وخـال الـغـرابـة في زيها *** وأن مـحـاسـنـهـا أغرب

رثـيـت لـحـسن زها نُبله *** ولـكن...يعاف ولا يخطب

تـعامى ذوو الجهل عن خلقه *** وكـل لـه فـي الهوى مذهب

فـصـادٍ, يـطـيـب له طينه *** وآخـر مـن عـلـقم يشرب

وطـاوٍ, رأى الـغث في طيّب *** أن قـتـاد الـفـلا أطـيـب

سـلوتك يا شعر إن أصبحت *** حـياضك كالصاب، لا تطلبُ

فـنـم فـي الخواطر مستأنساً *** فـمـثواك في حضنها أنسبُ


أضف تعليق