سَهِدتُ، وشِعري، وما يَندبُ *** وفـيـض تـباريح لا يَنضِبُ
ونـزف يـراع عـلى طرسه *** يـذيـب بـه حشاه بما يكتبُ
صبور على الأسر في راحتي *** فـلا هـو يـشكو ولا يعتبُ
ولـكـن يكاد، إذا ما ارتخت *** بـناني، وقد أجهدت، يهربُ
فـتـرجـع تـأتي به، لهفة *** فـلـيـست على فعله تغضبُ
لـه الله، مـا مـل من رفقة *** ولـيـس له، غيرها، مأربُ
فـأصـبح في صحبتي مسهدا *** وعزًّ له، في الكرى، مطلبُ
وسـيان عندي، أليلي انقضى *** أم انـداح فـوق الثرى غيهبُ
فـلـلشهد ليلان: ليل مضى *** وآخـر في النفس، لا يذهبُ
صحبت الهواجس في مضجعي *** نـدامـىº وكم مثلها أصحبُ
وكـان نـهـاري رحـيباً بها *** ولـكـن لـيـلي بها أرحب
أتـتني ووجه الضحى مشرق *** وغـابت ووجه الدجى أشهب
كـأنـي بـهـا لم تغب لحظة *** وظـلـت بـما خلفت ترقب
فـحـشـد أحـاسيسها قد غدا *** قـصـيدة شكوى، لها أطرب
عـشـقـت القصيدة، لكنني *** عـلـيل، بما هاجني، متعب
فـلـيـتك يا شعر ما جئتني *** ولـيـتك عن خاطري تحجب
فـقد بتٌّ يا شعر أخشى الأسى *** وأصـبـحت عن بثه أرغب
إخـالـك تـبـعـد في لمحة *** وفـي لـمـحـة بعدها تقرب
فـإنـك كـالنبض في مهجتي *** وتـبـقى بما أشتكي تصخب
لي العذر يا شعر إن أصبحت *** شـجوني، إذا زرتها، ترهب
فـكـم مـن قـصائد أنجبتها *** وكـل يـبـاهـي بمن ينجب
ولـكـنـهـا كرهيف الظبى *** تـجول، وفي مهجتي تنشب
تـحـدث عن موطن لم تزل *** روائـع جـنـاتـه تـسـلبُ
وعـن ثـورة بـات أطـفالها *** وقـوداً عـلـى نارها يسكبُ
وكـم بثٌّ أشدو بنجوى الحِمى *** مشوقاً، ونجوى الحمى تعذُبُ
تُـهَـوِّم فـي حجرها روضة *** ويـهـجـع في حضنها ملعبُ
وتـبـسـم دار لأصـحـابها *** ويـضحك فيها الثرى الطيبُ
وتـشـرق شمس الحمى بينها *** فـتـلبث في القلب لا تغربُ
وتـمضي القصائد في شكوها *** وكـم كـنـت في بثه أسهبُ
ألـيست، كما قيل في وصفها *** بـنـات يـتـيه بهنّ الأبُ!
تـبـاهت بحسن، بدا حزنه *** وإن كـان فـي حـزنه يخلبُ
وحـيـكـت لـها حلة حلوة *** ولـكـنـهـا لـلجوى تنسبُ
وبـانـت رصـانـة أعطافها *** فـلا هـي تـلـهو ولا تلعب
ولا سـمـتـهـا لاح في خفة *** ولا الـهـذر في لفظها يغلب
فـخـاف أسـاريـرها عاشق *** وأعـرض عن حسنها معجب
وخـال الـغـرابـة في زيها *** وأن مـحـاسـنـهـا أغرب
رثـيـت لـحـسن زها نُبله *** ولـكن...يعاف ولا يخطب
تـعامى ذوو الجهل عن خلقه *** وكـل لـه فـي الهوى مذهب
فـصـادٍ, يـطـيـب له طينه *** وآخـر مـن عـلـقم يشرب
وطـاوٍ, رأى الـغث في طيّب *** أن قـتـاد الـفـلا أطـيـب
سـلوتك يا شعر إن أصبحت *** حـياضك كالصاب، لا تطلبُ
فـنـم فـي الخواطر مستأنساً *** فـمـثواك في حضنها أنسبُ