شـبـنا.. وشابت لِحانا في مدارسنا *** وابـيـضَّ ما كانَ في تسويده حسَنا
كـحـالـةِ الماء.. طالت في مجامعهِ *** إقـامـة صـيّـرت رقـراقـه أسِنا
حـقـيـقـةٌ صـعـبةٌ ذقنا مرارتها *** فـطـيرت من عيوني الأمنَ والوسَنا
يـا أيـها الزمنُ الماضي على عجلٍ, *** كـالـخـيل جامحة قد قطعت رَسَنا
يـمـضـي خفيفاً رخياً لا نحسٌّ به *** يـنـسـل مستعجلاً من تحت أرجلنا
ونـحـن فـي غفلة عنه وقد شَغَلت *** زخـارفُ الـعيشِ عن مسراهُ أعيننا
نـصـحـو وقد حال عاليها وسافلها *** وأنـكـر الإلـفُ مـرآنـا وملمسنا
بـالأمـسِ كـنـا شـباباً في تألقنا *** ونـمـتـطي في رضا أهوائنا سُفنا
فـي سَـعينا نتحدى الموج.. نهزمه *** فـيـذعن الموج رُعباً من تغطرُسِنا
كـانـت عـلى قمةِ الأحلامِ خطوتُنا *** فـمـا الذي في مهاوي العجز نكَّسنا؟
غـابَ الـشـبـابُ غياباً لا إيابَ لهُ *** وغـابَ مـن حـسنه ما كانَ يؤنسُنا
لـكـن وإن نـقصت عدّاً مناقبُنا *** يـومـاً - فقد زادَ في الدنيا تمرسنا
زدنـا مـضـاءً وإدراكـاً ومـعرفةً *** وخـبـرةً تـكشفُ المكروهَ والحَسَنا
نـحـنُ الـرجالُ وإن شابت مفارقُنا *** فما سرى الوهنُ في أعصابِ فارسنا
شـابـت لِحانا.. وما شابت عزائمنا *** ولا نـأيـنـا عـن الـجلى بأنفسنا
يـكـفّـنـا مـقود الأجيال.. ندفعه *** نـحـو الـعلاءِ فيزداد الطريق سَنا
فـنـحن رواد من جدّوا ومن صعدوا *** ونـحـن رواد مـن صاروا كأنفسنا
ونـحـن رواد هـديٍ, فـي مسالكنا *** ونـحـن رواد عـلـمٍ, في مدارسنا
يـجـري علينا الذي شاء الإله.. فلا *** جـدوى تـؤول إلـيـنا من توجسنا
أقـصـى مـنانا بأن نحظى بخاتمةٍ, *** تـلـيـق بـالمؤمنين الصالحين هُنا
نـروم فـوزاً وأفـراحـاً ومـغفرةً *** ولا نـرومُ افـتـقـاراً مـثل مفلسنا
ومـا حـزنـت إذا ألقوا على كتفي *** عـبء الغراس.. فأفراح القطافِ لنا
مـن يـزرعِ الخير في دنياه محتسباً *** يـحـصد فلاحاً وجنات الرضا ثمنا
فانهض..! فما الشيبُ يثني عن مغالبة *** ولا يـردّ لـعـشـاق الطموح منى