نحو منهج قرآني في النقد


بسم الله الرحمن الرحيم

إن الالتزام بمبدأ التقييم المتوازن والموضوعي مطلب إسلامي سامٍ,، دل عليه الكتاب والسنة وإجماع الأمة سلفاً وخلفًا، وهو يقتضي من الإنسان المسلم في معرض نقده وتقييمه ذكر وبيان المساوئ والمحاسن وذكر الجوانب الإيجابية والسلبية في القضايا الخاضعة للنقد والتقييم.

نسمع كثيراً في بعض المجالس العلمية كما أننا نقرأ في بعض الصحف اليومية انتقادات لا موضوعية وأحادية النظر، مقتصرة على ذكر المساوئ والعيوب فقط، تماماً كما قال الشاعر: (.. ولكن عين السخط تبدي المساويا ).

هذه الانتقادات عادة توجه ضد بعض العلماء والمفكرين وبعض المسؤولين في الدوائر الحكومية والمؤسسات التعليمية، وهي ظاهرة منتشرة للأسف الشديد لافتة للنظر ومقلقة لحاضر الأمة ومستقبلها، ولا بد من وضع حد حاسم لها وعلاجها في ضوء القرآن والسنة، لأن صاحب هذا الحكم الجائر قد خالف السنة النبوية والحقيقة القرآنية، كما أنه ظلم الموضوعية العلمية.

إن قرآننا العظيم قد ضرب لنا أروع مثل وذكر لنا أقوم منهجٍ, في بيان كيفية الحكم على الأشياء.

ذكر لنا القرآن الكريم سؤال المشركين للرسول عن الخمر والميسر فقال - تعالى -: \" يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما \" (البقرة: 219) وليس هنالك شيء أخس منهما، ولكن ماذا كان موقف القرآن ورده تجاه هذا السؤال؟! لقد أرشد القرآن نبيه أن يقول للسائلين إن فيهما إثماً كبيراً ومنافع للناس. إذن، فيهما الخير والشر، فيهما جوانب إيجابية كما أن فيهما جوانب سلبية، ولكن الحق أحق أن يُتّبع وأن يقال: إن ضررهما وسلبياتهما أكبر وأعظم من نفعهما وإيجابياتهما.. هذا هو الحكم الموضوعي حول هذه المسألة.. هذا هو المنهج العلمي المتزن والوسطي الذي يجب أن نسير عليه في حكمنا على المسائل والأشياء وعلى جهود الآخرين وأعمالهم، من حكام ومحكومين ورؤساء ومرؤوسين، وألا ننسفها نسفاً لمجرد عدم موافقة تلك الجهود لآرائنا وأفكارناº إذ لا يعقل أن تبلغ تلك الجهود والأعمال في الخسة والتفاهة إلا ما ندر درجة الخمر والميسر بحيث نحكم عليها بالرفض والبطلان، جملة وتفصيلاً..كل ذلك في سبيل الحفاظ على أمانة التوازن والوسطية والنقد المنهجي العلمي الموضوعي، حتى لا نكون من الظالمين، فهل نحن فاعلون؟!

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply