هَـبـني بكيتك يـا رســوم فمالي *** أبكي وحيداً شـــــارداً بخيالي
لو تكشــــفـين عن الـدموع فإنــهـا *** ذّرِفت سجالاً، فاسجحي أقوالي
أنـا ما بكيت على الرسـوم وإنّـمـا *** دمـعـي تـرقـرق لـلزمـان الخـالي
واسـبعتةٌ كـنّـا كسبحة ناسكٍ, *** مشـــــدودةٍ, بـمـحـبّـةٍ, و وصــالِ
واليـوم تـطـعـمـنـا الحياة مــذاقـهـا *** وامـرّهــا، مـعـــجـونــةً بـنـصـــالِ
ورميتِ في قلـب الوسيط أشدّها *** فشـكـا فـؤادي مـن يراعٍ, بـالي
وعكفت حيث الأمّ تبصر جمعنا *** إذ كان عـنـقـوداً قـرير الـبـالِ
واهٍ, لِـجـمــعٍ, قـطّـعـتـه نـوائـبٌ *** حكمت عليه محاكم التـرحالِ
رحـل البـنـون مـع الـبـنيّـة بـيـنـما *** تـركوا عيـون الأمّ لـلـتهـطالِ
والشـيخ يـنـظـر للسـماء وتــارةً *** للأرضِ يـسـألـهـا بـغـيـر ســؤالِ
هـل أنـتِ ذات الأرض، لم تـتغيّري؟ *** فـإذاً بـر بّـكِ هَــدّئــي أحــوالـي
أيــن البـنـيّـة والـبـنـون وجـمـعـهم *** وشـبـابـهـم، قــد مَــضَّنـي بخيالي
وهرائـهم وشـجونـهم وحنانهم *** رحـلـوا جـمـيعاً فاجمعي أوصالي
****
يـا (حمص) أعلم أنّ تـربَك مدفني *** وســـتظفريـن بــشــــاعرٍ, جـوّال
لـكنّـني أبـغي لقاءكِ قـبـلمـا *** أفـنـي شـبابـي في بـلاد (الـغـالِ)
حـدّثـتُ عـنـهـا مخلصـاً فلتسـألوا *** كم مـن لـغـاتٍ, عـددت أقـوالي
مـهـلاً شـبابي، لا يُـمَـلٌّ، فـإنّـني *** أبـغـي فـنـاءَك في كِلا الأحوالِ
فلأفـنـيـنّـك في بـلادي مثـلـمـا *** تـفـنـى الـزهور على غـُصـينٍ, بــالي
إيّـاك أن تـنـسـى بـأن طـفـولتي *** عـرِفـت بـحـمص براءة الأطفالِ