بسم الله الرحمن الرحيم
التَّقوِيمُ للكتاب:
عندَ إجالةِ النَّظَرِ في صَفَحَاتِ هذا الكِتَابِ نَلمَسُ بوُضُوحٍ, شُمُولِيتَه لجميعِ آدابِ العَالِمِ والمتعَلِّم في نَفسَيهِمَا وفي دَرسِهما ومع بعضِهِمَا، بل تعدَّى ذلك إلى ما يتعلَّقُ بالأدبِ معَ الكُتُب، ومعَ الزَّمِيلِ في الطَّلَب، وآداب سكنى المَدَارس، وَزَادَ على ذلكَ كِلِّه بمُقَدِّمَةٍ, نَفِيسةٍ, تَتَعَلَّقُ بفَضلِ العِلمِ والعُلُمَاءِ.
ورُغمَ وُجُودِ كثيرٍ, من الكُتُبِ المُتَداولةِ في هذا الموضُوعِ إلا أنَّا لم نَجد ذلك مَجمُوعاً على تلك الصِّفة في شيءٍ, منها، ولقد صَدَقَ مؤلِّفُه ـ يرحمه الله - لمَّا قاَلَ فيه (ص22): ’’ وقَد جَمَعتُ فيهِ بِحَمدِ الله - تعالى - من تَفَارِيقِ آدابِ هذهِ الأبوابِ ما لم أَرَهُ مَجمُوعَاً في كتابٍ,‘‘.
ترتيبه:
وقد رتَّبَ مباحثَه بترتيبٍ, حَسَنٍ, مَنطِقيٍّ,، وهذا ظاهرٌ لكلِّ مَن قلَّبَ صَفَحَاتِه ونَظَرَ فيه.
أسلوبه وطريقته:
واتَّسمَ أُسلُوبه بالسٌّهُولَةِ والوُضُوحِ، ولِكَلامهِ بَرَكةٌ وقبولٌ، ودخولٌ إلى القَلبِ بلا استِئذانº مما يُشِيرُ إلى حُسنِ نِيَّةِ صَاحِبِهِ - يَرحمه الله -.
ولم يذكر شيئاً من الآدابِ إلا استدلَّ له بآيةٍ, كَرِيمَةٍ,، أو حَدِيثٍ, نَبَوِيٍّ,، وعِدادُ ما استدلَّ به من الأَحَادِيثِ قرابةُ سَبعَةٍ, وثَلاثينَ حَدِيثاً، جُلٌّها في كُتُبِ السٌّنةِ المشهورةِ المُتَدَاولةِ كالصَّحيحينِ والسٌّننِ الأربعةِ، وهَنَاك قلةٌ في غَيرِها، وغالباً ما يَسُوقُ الحديثَ دُونَ عَزوٍ,، وربما عَزَاهُ إلى مَن نَقَلَه في كِتابٍ,، هذا معَ ادِّكارِ ما سبقَ من قُوَّةِ مُشَارَكَتِهِ في الحَدِيثِº أو أَثَرٍ, مرويٍّ, عن صَحبٍ, كِرامٍ, أو تابعينَ، أو قَالةٍ, لإمامٍ, من أئمة الدّين، وقد نَقَلَ من ذَلكَ ما يَقرُبُ من المئةº أو بَيتِ شعرٍ, وحِكمَةº أو تَعليلٍ, حسنٍ,، ورُبَّما جَمَعَ ذلك كُلَّه في نوعٍ, من الأنواعِ، مما يجعلُ القارئَ يشعُرُ وكأنَّه في جَنَّةٍ, يَتَنَقَّلُ بينَ رِيَاضِها، ويَشُمٌّ عَبِيرَ أَزهَارِها، من غَيرِ سآمةٍ, أو مَلَلٍ,.
مصادره التي نَقَلَ منها:
وقَد سبقَ ذِكرُ مصادِرِه على جِهةِ الإجمَالِ على ما ذَكرهُ في مقدِّمةِ كتابهِ(ص22)، وأما على جهةِ التَّفصِيلِ فقد استفادَ من مقدِّمةِ كتابِ: ((المجموعِ شرحِ المُهَذّبِ)) للإمامِ مُحيي الدِّينِ النَّوويِّ (676هـ) ـ يرحمه الله - ، فقد ضمَّنَ مُقدِّمتَه هذه أبواباً وفُصولاً عن فضيلةِ الاشتغالِ بالعِلمِ، وآدابِ المُعَلِّم والمُتَعلِّمِ (1)، وما ((التَّذكرة)) إلا كالشَّرحِ لها، مع تَقدِيمٍ, وتَأخِيرٍ,، وتغييرٍ, يَسيرٍ, في الأُسلُوبِ ـ وربما نُقِلَت عِباراتٌ بنَصِّها ـ، وزِيادةٍ, للنٌّكتِ والفوائدِ والنٌّقُولِ، وبعضِ المباحثِ، وحذفٍ, لأشياءَ ذُكِرَت، فاستِفَادَةُ المُصَنِّفِ منه واضِحَةٌ، وإن لم يُصَرِّح بها.
وصَرَّح بالنقلِ عَنِ الحافظِ أحمدَ بنِ عليِّ بنِ ثابتٍ, الشهيرِ بالخَطِيبِ البَغدَاديِّ (ت463هـ) ـ يرحمه الله - في ثمانيةِ مواضعٍ,، بعضُها تابَعَ النوويَّ في نَقلهِ، وبَعضُها عَزَاهُ إلى كِتَابِ الخَطيبِ: ((الجامعِ لأخلاقِ الرَّاوي وآدابِ السَّامعِ))، ورُبَّما لم يُصَرح باسمِ الكتابِ.
وصرَّح بالنقلِ عن الإمامِ حُجَّةِ الإسلامِ أبي حامدٍ, الغَزَّاليِّ (ت505هـ) ـ يرحمه الله - ، ولم ينصَّ على اسمِ الكِتابِ، وهو \"إِحياءُ عُلُومِ الدِّينِ\"º إذ إنَّه بدأَ فيه بِكتابِ العِلمِ، وضَمَّنه باباً في آداب المتعلِّمِ والمُعَلِّمِ (2).
والمُلاحظُ أنَّ أُولئكَ الأئمةَ الثلاثةَ: الخطيبَ والغَزَّاليَّ والنَّوويَّ كُلٌّهم شافعيَّةٌ على مذهبِ المُصَنِّف ـ يرحمه الله - .
وليسَ المُرادُ حصرُ مَن نقلَ عنهم في أُولئكَ، ولكن هو ما وقَفتُ عليه.
ويُشار أخِيراً إلى بَعضِ من اعتنى بالمُؤلِّفِ وكُتبهِ وآثَارِهِ، كماجِدةَ محمد حسن في كتابِها: ((بدر الدِّينِ ابن جماعةَ حياتُه وآثَارُهُ في العِلمِ والتَّعليمِ))، وهي رِسَالةُ دكتوراة (1984م) في كليةِ التَّربيةِ بجامِعةِ المِنيَة بمصر.
والله المُوَفِّق.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد