ورث حب القرآن عن والده فورثه لأبنائه


 

بسم الله الرحمن الرحيم 

د.فوزي إبراهيم المليسي، طبيب أطفال من قرية (منصورية الفرستق) التابعة لمركز كفر الزيات محافظة الغربية بمصر، كان والده يحفظ القرآن الكريم، ويحرص على أن يحفظ أبناؤه القرآن كذلك، ورث الدكتور فوزي هذا الحب عن والدهº فورثه أبناءه حيث رزقه الله سبعة من الأبناء.

 

كيف كانت بدايتكم مع القرآن الكريم؟

كان والدي – رحمه الله – يحفظ القرآن، ولذلك حرص – رحمه الله – على أن ينال أبناؤه هذا الشرف العظيم، كنت ابنه البكر فأرسلني إلى كتّاب القرية منذ الصغر، وكان ذلك في السنة الرابعة أو الخامسة، وفي سن السادسة التحقت بالمدرسة الابتدائية بالقرية، فكنت منتظماً بالمدرسة ومنتظماً بالكتّاب، وكان شيخنا ومعلمنا – رحمه الله – يجلس لتعليم أبناء القرية والقرى المجاورة لنا من صلاة الفجر إلى ما بعد صلاة العشاء يومياً دون كلل أو ملل منه – رحمه الله-، وكان برنامجي اليومي كالآتي: كنا بعد صلاة الفجر نذهب إلى الكتّاب لتغييب المقرر اليومي على الشيخ، وكان هذا في الوقت بين الفجر وبين دخول المدرسة حوالي الساعة والنصف، بعدها نذهب إلى المدرسة الابتدائيةº لنأخذ حصص اليوم الدراسي، وبعد الانتهاء من المدرسة نعود إلى البيتº لتناول طعام الغداء مباشرة، ونذهب إلى الكتّاب نكتب الجزء المقرر حفظه في اللوح الخشبي المعد لذلك، ثم نقوم بتصحيح ما كتبناه على الشيخ – رحمه الله- وبعد ذلك نقوم بحفظ الجزء الجديد ثم مراجعه ما سبق حفظه، فكنا كل يوم نحفظ جزءاً مقرراً مما سبق حفظه بالإضافة إلى الجزء الجديد، كان الشيخ – رحمه الله – يحدد لنا الجزء المراد مراجعته تبعاً لكمية الحفظ من القرآن الكريم، شريطة ألا يتعدى وقت المراجعة شهراً لمن أتم حفظ القرآن كاملاً، وكان هذا هو البرنامج اليومي بالنسبة لي، حتى أتممت حفظ القرآن كاملاً بفضل الله ومنته.

 

كم من الوقت استغرق ذلك ومتى أتممت حفظه؟

كنا في الكتاّب نتعلم مبادئ القراءة والكتابة ومبادئ الحساب، ثم بعد ذلك حفظ القرآن، وقد استغرق ذلك حتى سن العاشرة والحادية عشرة من العمر.

 

هل يحفظ أبناؤك القرآن الكريم؟ وكم كانت أعمارهم حين أتموا الحفظ؟

محمد أتم حفظ القرآن كاملاً في سن الحادية عشرة، ونهى أتمت حفظ القرآن كاملاً في سن الثامنة، وسمية عمرها الآن إحدى عشرة سنة، وتحفظ من القرآن ثمانية عشر جزءاً، وإيمان عمرها الآن عشر سنوات وتحفظ من القرآن الكريم ثمانية عشر جزءاً، آلاء عمرها الآن سبع سنوات، وتحفظ من القرآن ثمانية أجزاء.

 

ما البرنامج الذي اتبعته مع أبنائك لحفظ القرآن؟

المتابعة اليومية، تصحيح جزء جديد كل يومº حتى يستطيع الأبناء قراءة هذا الجزء الجديد قراءة جيدة، فكنت أبدأ لهم بقراءة الجزء الجديد المراد تصحيحه، ثم يقوم الأبناء بترديد الجزء خلفي، ثم يبدأ كل واحد منهم بقراءة الجزء الجديد بمفرده، وأقوم بتصحيح ما عنده من أخطاء، ويستمر الحال على ذلك حتى يجيد كل منهم قراءة الجزء الجديد قراءة جيدة لا خطأ فيها، ثم يقوم كل منهم بعد ذلك بحفظ الجزء الجديد ثم مراجعة جزء مما سبق حفظه.

 

ما دور الأم مع الأبناء في سبيل حفظ القرآن الكريم؟

دور الأم في هذا الأمر دور أساس، فقد كانت جزاها الله خيراً تقوم بعد التصحيح بمتابعة الأبناء في حفظ الجزء الجديد، وكذلك متابعتهم في مراجعة ما سبق حفظه.

 

نصيحة توجهها لمن يريدون حفظ القرآن الكريم؟

من يريدون حفظ القرآن من الكبار أنصحهم بصدق النية وصدق العزيمة، وليعلموا أنهم إنما يريدون شرفاً عظيماً، فليكونوا على مستوى هذا الشرف العظيم، كما أنصحهم بالمداومة اليومية على تصحيح الجزء الجديد المراد حفظه، وليكن ذلك على يد معلم، ثم المراجعة اليومية لما سبق حفظه، وخير العمل ما قل ودام عليه صاحبه، كما ندعو لهم بالتوفيق والسداد.

 

نصيحة توجهها للآباء الذين يريدون لأبنائهم حفظ القرآن الكريم؟

من تذوق حفظ القرآن من الآباء لا بد وأن يسعى جاهداً لأن ينال أبناؤه هذا الشرف العظيم، أنصح الآباء أن يصدُقوا في نياتهم وعزائمهم، وأن يكون عملهم خالصاً لوجه الله وابتغاء مرضاته، وحفظاً لأبنائهم من الضياع في الدنيا والخسارة في الآخرة، كما أنصحهم بالمداومة وحسن المتابعة، فقليل دائم خير من كثير منقطع، وإن كانوا هم المحفظين فبها ونعمة و إلا فليرسلوهم إلى يد معلم، وأنصحهم بالتفرغ ساعة يومياً للتحفيظ والمتابعة.

 

هل لديكم إضافة على ما سبق؟

أدعو الله أن يرحم أبي رحمة واسعة، كما أدعوه أن يرحم شيخي ومعلمي فضيلة الشيخ (عبد الحفيظ المداح) رحمة واسعة، فقد كانا سبباً في أن أنال هذا الشرف العظيم، وأذكر نفسي وإخواني بفضل القرآن العظيم، فقد قال عنه الأعداء: إن به لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو ولا يعلى عليه. إذا كانت هذه شهادة الأعداء في القرآن، فما بالك بقول الله – عز وجل- فيه؟ فقد قال الله – تعالى-: ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) الآية، وقال – تعالى-: (وإنه لتنزيلُ ربِّ العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين) وقال – تعالى-: ( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب) وقال – تعالى-: ( وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) هذا بعض ما جاء في فضل القرآن العظيم، فهل بعد هذا من شرف يحرص عليه المسلم؟

نسأل الله أن ينفعنا بالقرآن، وأن يجعله لنا إماماً وحجة، وأن يجعله ربيع قلوبنا، وجلاء أحزاننا إنه على ما يشاء قدير.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply