طفلٌ عراقي كسير، قد مزقت أوصاله، وسالت دموعه، وتورّم وجهه، وأمضّه الحزن الأليم، فلا أهل ولا وطن، ولا مأوى ولا كساء، ليس له إلا الذي خلقه فسوّاه فعدله، أكرم به - سبحانه -، فهو ولي المستضعفين، وناصر المكروبين..
خضِّبوهُ بدمعه خضِّبوهُ *** فلقد ودّع الفؤادَ ذووهُ
كان فيما مضى أسيرَ صفاءٍ, *** ولقاءٍ, يجودُ فيه أبوهُ
عازفاً في الفؤاد أبهى لحونٍ, *** باسماتٍ, بها الشفاهُ تفوهُ
أقفل الودّ بابه واستدارت *** نحوه القاذفات أن مزقوهُ
مزقوه ومزقوا كل همس *** ما رأيتم من الأسى فادفنوهُ
جاره كان يرتوي من إباءٍ, *** وإلى مكة استدار أخوهُ
وكتاب حوته تلك الأيادي *** ينشر الحقد نحونا قارئوهُ
أنا يا مسلمون طفلٌ كسيرٌ *** قلبه بالجراح قد كبَّلوهُ
كان للشوق عنده ألفُ معنى *** وبسوط الهوان كم أرهقوهُ
بلدتي في العراق أضحت يباباً *** وطموحي بحربهم دمَّروهُ
وأبي قد أتاه وعدُ يقينٍ, *** وأخي بالقياد قد أوثقوهُ
وفؤادي كأن فيه لهيباً *** إذ بكى الصدقَ لوعةً فاقدوهُ
ثلةٌ تعزف الدمار وترجو *** أن ترى الكون خاضعاً ساكنوهُ
أيها المسلمون يا نبضَ قلبٍ, *** تعتريه الهمومُ إذ تهجُروهُ
ويراكم كشمعة في ظلامٍ, *** وضياءٍ, على المدى تنسجُوهُ
وحروفُ الوفاء منّا إليكم *** تذكر العهدَ والهدى فاذكروهُ
أيها المسلمون ماذا دهاكم *** مكرُهم بالخفاء قد أظهروهُ
مزقوا ديننا فصرنا شتاتاً *** ولسانُ اليهود لا ترحموهُ
وجيوشُ الصليب تبغي بأرضٍ, *** أهلُها المجدَ سامقاً شيّدوهُ
وقف الدّهرُ يستبينُ عُلانا *** فرأى الصِّيد بالفِدا حارِسُوهُ
وإذا البدرُ في السماء تلالا *** رسمت حسنَها البهيَّ الوجوهُ
إننا أمة الجهادِ وهذا *** دربُ آبائنا لنا عبّدوهُ
يا إلهي ومن سواك إلهي *** يرفع الضيم عن ورى كابدوهُ
استجب دعوتي وحقق رجائي *** أن أرى الحقَّ خاسراًَ شانئوهُ