أنام، أصحو ولا أنفكٌّ أدّكرُ *** سُويعةً قال لي إنعم بها القدرُ
فيها أتتني الثريّا جلَّ مقدِمُها *** لا الشّمسُ في حسنها كلا ولا القمَرُ
يحفّ موكبَها نفحُ الربيع فما *** أخالُ من زهرةٍ, إلا لها أثَرُ
شربتُ شهد الطٌّلى من حسن منطقها *** نعمَ الشّرابُ ونعمَ الكأسُ ذا الثّغَرُ
حُوَّ اللمى هل إلى إلمامةٍ, بكما *** للصبِّ يُقضى بها من شوقهِ وطَرُ
أكاد أحذف هذا البيت جاء به *** مجرى القصيدِ ولم تقذف به الصّورُ
كم ذا يخامرني قولٌ ويردعني *** مع عفةٍ, فيه من ذات اللمى الخفَرُ
فإنّ إجلالها في النفسِ يرفعها *** فوق الأمور التي يُغرى بها البشَرُ
كأنها من جنانِ الخلدِ قادِمَةٌ *** تنسيكَ ما كانَ قد شبّت به سقَرُ
نسيتُ نفسيَ في أرجاءِ عالَمِها *** يا قلبُ حدّث إذا سوئلتَ ما الخبرُ
تزوّدي من فراتِ الماءِ نافلةً *** غدا سيُنـئيكِ عنه الهمٌّ والسّفَرُ
كأنما العمرُ صحراءٌ فليسَ بها *** إلا التي أهداكها من واحةٍ, قَدرُ
تظلٌّ تذكرُ أنغاما وأغنيةً *** فكلٌّ حرفٍ, شدت يعنو له الوَتَرُ
بالنفس أفدي التي قالت: \"مسامحةٌ\" *** وكانَ ذنبيَ أن جافانيَ الحَذَرُ
هدمتُ كلّ سدود النفسِ فالتحقت *** بها فإن رحلت لا شكّ تنفطرُ
لاهُمَّ لا تحرِمَنّي من لذاذتها *** ولا من العين موّاراً بها الحوَرُ