عشق الفداء

4.8k
3 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

ازرعي في البنينَ عشقَ الفداءِ *** ورُكُوبَ العَواصفِ الهَوجاءِ

أرضعيهم معَ الحليبِ رَحيقاً *** مِن شُموخٍ, وعزَّةٍ, وإباءِ

لا تكونَنَّ مِن بني الحِرباءِ *** يا صَغيري والقِردِ والببَّغاءِ

ما عبادُ العِبادِ في الأرضِ *** إلا ثمرٌ الخُنوعِ والانحِناءِ

زهِّديهم في زخرفِ الأرضِ *** كيلا تَخرِقَ اللُبَّ قشرةٌ من طِلاءِ

إنَّ عبدَ الأولى قتيلُ سَرابٍ, *** قد أضاعَ الثنتينِ في الدَّهناءِ

عَوِّذيهِم باللهِ مِن كلِّ مَرعىً *** فيهِ حَمضٌ مُقطِّعُ الأمعاءِ

لنسورِ الإسلامِ في الجوِّ مَرحى *** لا لِتلكَ السَّلاحِفِ الجَرباءِ

كُرَةُ الأرضِ أقلعَت مِن قديمٍ, *** تتهادى في اللُجَّةِ الحمراءِ

تَفجأُ الناسَ نارُها باضطرامٍ, *** كُلَّما أشرَفت على الانطفاءِ

بجُذوعِ الغَضا تَؤُجٌّ وتَضرى *** وبفَحمِ المَحاجِرِ السَوداءِ

وَلدَتنا للموتِ أمٌ ثكُولٌ مُنذُ *** قابيلَ لم تَنم في هَناءِ

يا هَلوعاً مُستَنعِجاً ما لشاةٍ, *** من نَجاةٍ, في غابةِ الأقوياءِ

أوَ تدري مَن أنتَ أم لستَ تدري؟ *** أم أضَرَّ الفُؤادُ تَحتَ الغِطاءِ

مُذ رَفعتَ اليدينِ أصبحتَ قِنّاً *** وسَبتكَ العُلوجُ سَبيَ الإماءِ

وتَداعت عليكَ غُلبُ الضَّواري *** لعَشاءٍ, مُلطَّخٍ, بالدِّماءِ

المجانينُ والمساعيرُ كُثرٌ يطرُقونَ *** الدِّيارَ طَرقَ الوَباءِ

خَلفُوا كلَ جَنّةٍ, نَكبُوها *** بِرَكاً للدِّماءِ والأشلاءِ

وصُروحٌ تُناطِحُ الغَيمَ كِبراً *** شُيِّدت مِن جَماجمِ الأبرياءِ

يجعلونَ الصَّمصامةَ العَضبَ رَبّاً *** جَلَّ في عُرفِهِم عن الشٌّرَكاءِ

كم رَمى الغافِلينَ عُودُ ثِقابٍ, *** بِحَريقٍ, إلى عَنانِ السَّماءِ

الجراثيمُ في الشٌّعوبِ رجالٌ *** ونساءٌ اشَدٌّ مِن كُلِ داءِ

كُلٌّ مَن كانَ للجراثيمِ خِلاً *** دَحرَجَتهُ إلى مَهاوي الفَناءِ

ذي فُؤُوسٌ بها تَهُدٌّ الأعادي *** كُلَّ شَعبٍ, حُرٍ, مَنيعِ البِناءِ

كُلنا للمليكِ..ما يَملِكُ *** المَخلوقُ مثقالَ ذَرّةٍ, مِن هَباءِ

رَبٌّ خيرٍ, تَسِحٌّ كِلتا يَديهِ *** مُنذُ بَدءِ الوجودِ بالآلاءِ

نافخُ الرُوحِ في قَرارٍ, مَكينٍ, *** الأعزٌّ الأجَلٌّ ذو الكِبرياءِ

قدَّسَ الكونُ ساجداً لِعظيمٍ, *** عَرشُه فوقَ أرضِهِ والسَّماءِ

لَهوَ أولى بهذهِ النَّفسِ *** منها ومِنَ الأمَّهاتِ والآباءِ

مِن أخٍ, أو أختٍ, أو ابنٍ, وبنتٍ, *** والعروسِ الحسناءِ والأقرباءِ

ومِنَ العُربِ والأعاجمِ *** والأعمامِ والأوصِياءِ والكُفَلاءِ

أمرُ رَبّي يَجُبٌّ أمرَ المَوالي *** في الذي صَاغَ مِن تُرابٍ, وماءِ

ذا سِباقٌ مِن سالِفِ الدَّهرِ *** فيهِ هَلكَ الأكثرون في الصَّحراءِِ

دَرَّ دَرٌّ الفِردَوسِ مِن دارِ عِزٍ, *** ليسَ يَحظى بِها سوى الأولياءِ

طِر إليها واسبِق إليها المَنايا *** لا يَعودُ الزَّمانُ نَحوَ الوَراءِ

وَيكأنَّ الأقصى أشِعّةُ إكسٍ, *** كَشَفَت عن حَقائقِ الأشياءِ

فأرَتنا بَحراً من الأهلِ *** غَمراً مَعَنَا بالنٌّفوسِ والأبناءِ

غَيرَ أنَّ الطَريقَ سُدَّت *** عليهم حِقَباً بالإشارةِ الحَمراءِ

فَهُمو واقفونَ عاماً فَعاماً *** في انتظارِ الإشارةِ الخضراءِ

وأرَتنا - مِن ضِئضِىءِ ابنِ *** أُبَيٍ, عَشَراتِ الأذنابِ والعُملاءِ

جَنَََّدَ الأرذلُونَ كلَّ مريضٍ, *** قلبُهُ ذي سَرِيرةٍ, سوداءِ

شامخِ الأنفِ أن غَدا *** ذَيلَ كَلبٍ, وعدُوَّاً للهِ والأنبياءِ

أشبَعونا سَبّاً ورَجما وطَعناً *** فَوقَ طَعنِ اليهودِ والحُلفاءِ

أزَّهُم عَمٌّهم ذِئاباً جِياعاً *** مُنذُ عَشرٍ, ما ذُقنَ طَعمَ الغِذاءِ

أكلوا لَحمَنا ولو تركونا *** لكفانا ما عِندَنا مِن بَلاءِ

يا ابن أرضِ الرِباط تَصلى *** وحيداً غارةً بَعدَ غارةٍ, شَعواءِ

تنتهي غارةٌ وتغشاكَ أخرى *** ودوَالَيك يا أخا الهَيجاءِ

فَجّرَ البَندَةُ القِطاعَ عَلَينا *** وتَعَشّى بالضِّفَّةِ الفيحاءِ

كم بيوتٍ, في الجوِّ طارت *** جُذاذا وبيوتٍ, مَبقُورَةِ الأحشاءِ

ميركافا القِردِ قَلعَةٌ مِن حَدِيدٍ, *** أرعَدَت ثم قَعقَعت بالفَناءِ

والأباتشي وفانتومُ العمِّ *** سامٍ, عَرَبونٌ لِعِشقِهِ والولاءِ

بالصّواريخِ والرَّدى أمطَرتنا *** ثمَّ وَلّت كالرَّخِّ والعَنقاءِ

واليهودُ المستعرِبونَ بَلاءٌ *** والجواسيسُ ألفُ ألفِ بَلاءِ

لَيلُنا كالنهارِ قَصفٌ ونَسفٌ *** ودخانٌ يَعلُو إلى الجَوزاءِ

بَطّأ الأقربونَ عَنّا وصاروا *** حَولَنا كالحجارةِ الصَّمّاءِ

نحنُ بَينَ السَّدَّينِ: سَدّ *** يَهُودٍ, ثم سَدِّ العُروبةِ العَرباءِ

يا ابنَ أرضِ الرِّباطِ ذا الجوهرِ*** الوَضّاءِ فينا والعِزَّةِ القَعساءِ

إنّ قُطبَ الرَّحى على الأرضِِ*** قُدسٌ ومَحطُ الأنظارِ والأضواءِ

لا يَكُن قَطُ مِن شبابِ ِ*** فِلسطينَ هَلوعٌ في فَيلَقِ العُظَماءِ

الهَلُوعُ الجَزُوعُ خِزيٌ وعارٌ *** تَّبَّ لا في الموتى ولا الأحياءِ

انزِعِ الجُبنَ من فُؤادِكَ نَزعاً ِ*** ثمَّ ألقِه واسحَقهُ تحتَ الحِذاءِ

وتَرَقّب بَدراً تُغيّرُ وَجهَ الأرضِِ*** نُعمى مِن أرحمِ الرٌّحماءِ

كُن لنا خالداً لَعَلكَ تُمسي %F


أضف تعليق